«صبي سعيد» بالعربية... رواية ترصد الريف النرويجي في القرن الثامن عشر

مؤلفها حاز جائزة نوبل عام 1903

«صبي سعيد» بالعربية... رواية ترصد الريف النرويجي في القرن الثامن عشر
TT

«صبي سعيد» بالعربية... رواية ترصد الريف النرويجي في القرن الثامن عشر

«صبي سعيد» بالعربية... رواية ترصد الريف النرويجي في القرن الثامن عشر

ترتكز رواية «صبي سعيد» التي كتبها الشاعر والأديب النرويجي بيورنستيرن بيورنسون عام 1860. وترجمها للعربية الكاتب المصري ياسر شعبان، على تيمة قديمة قدم الإبداع الروائي نفسه، وهي علاقة الحب التي تربط بين طرفين أحدهما فقير والآخر غني، ويبدأ الصراع ويتصاعد ثم ينتهي بالزواج، وتحكي «صبي سعيد» عن طفل فقير يدعى «أويفند»، يتمتع بكثير من ميزات المرح والجدية والرغبة في التفوق، مما يجعل لديه قدرة كبيرة على تجاوز فقر عائلته، وتحقيق نوع من السعادة والرضا للمحيطين به، فهو يعلم أن وضع عائلته المادي سوف يشكل أمامه عقبة ويعوقه عن تحقيق طموحه بالزواج من ماريت ابنة «أولا نورديستون هايدجاردز» صاحب أكبر مزرعة في المنطقة أعلى الهضبة، لكنه يظل يعمل حتى يحقق حلمه الذي يقف بينه وبين الوصول إليه كلاب تنبح وطامعون في الزواج من حبيبته، وثري عجوز يراه أقل مستوى من أن يزوجه حفيدته. هذه العناصر وغيرها تشكل خيوط النسيج التي يغزل منها بيورنسون فصول روايته حتى نهايتها، وتحقيق أمل الطفل، الذي كبر وصار مهندساً زراعياً، يستعين به كل أصحاب المزارع في تطوير حقولهم، وزيادة محاصيلهم.
تبدأ «صبي سعيد» التي صدرت حديثاً عن هيئة الكتاب المصرية، بتتبع قصة أويفند، وهو ابن ربة منزل، تمثل بالنسبة له طاقة النور التي يرى منها العالم، عبر الحكايات والأغنيات التي تغنيها له، أما أبوه فيملك طاحونة قديمة ويعمل في قطع الخشب في الغابة القريبة من منزله، الذي يقع أسفل الهضبة في منطقة «بالدسن» الريفية، عندما يبلغ أويفند الرابعة من عمره، تصحبه أمه إلى المدرسة الابتدائية، وهناك يلتقي فتاته ماريت، التي يملك جدها مزرعة كبيرة مجاورة، أعلى الهضبة، يسوقه القدر إلى أن يجلس في الفصل إلى جوارها، ولأنه منجذب لجمالها وسحرها منذ البداية، يربط بينهما غَزَّال العشق خيوطه، يكبران معاً، وسرعان ما يجذبه جمالها، ولا يستطيع الفكاك منه.
يأتي بيورنستيرن بيورنسون (1832 - 1910) ثالثاً في قائمة الحاصلين على جائزة نوبل في الآداب عام 1903. هو وروائي وشاعر وكاتب صحافي، ولد في قرية «كيفيكن» شمال النرويج، 8 ديسمبر (كانون الأول) 1832 وتوفي في مدينة باريس 26 أبريل (نيسان) 1910.كان أبوه قساً لتلك القرية، التي تقع في منطقة أوستردال، ويعتبر علماً من أعلام الأدب النرويجي، كما قاد الحركة الوطنية النرويجية، وأول مؤلفاته كان عام 1857. بعنوان «سنوفه سولباكن» وهي أيضاً قصة تسيطر عليها الأجواء الريفية التي اتسمت بها كتابات بيورنسون الذي أصبح مديراً لمسرح برجن فيما بعد، وكتب شعراً تشيع فيه روح الوطنية، ويعتبر أحد الكتاب «الأربعة الكبار» في النرويج، مع هنريك إبسن ويوناس لي وألكسندر كيلاند.
تشيع في «صبي سعيد» أجواء استلهمها بيورنسون من نشأته، كما يبدو جلياً تضمينها الكثير من التعاليم الدينية والوعظ والإرشاد وحب الأرض والحرص عليها، وهو ما يظهر واضحاً في قبول «أولا» العجوز تزويج أويفند من حفيدته بعد أن عرف أنه الوحيد القادر على تنمية وتطوير مزرعته وإنقاذها من البوار.
وفي الرواية، التي نشرت عام 1960، تتنوع تكنيكات السرد عند بيورنسون بين الحكي الذي يستأثر به راوٍ عليم، وبين الحوار بين الشخصيات. كما يستخدم تقنية الحلم عندما يتعلق الأمر بأمور بعيدة المنال، كما يلجأ بين حين وآخر للتعبير بالقصائد والأغنيات وهو يرصد طموحات شخصيات روايته وأحلامهم، كما عمد إلى استخدام تكنيك الخطابات حتى يظل أويفند حاضراً في الرواية بعد رحيله من «بالدسن» للدراسة في كلية الزراعة البعيدة عن بلدته.
الطريف في صبي سعيد وهي رواية صغيرة يمكن قراءتها في ساعات قليلة أن ما تسرب في أجوائها من مواعظ وإرشادات دينية جاءت على لسان مدير المدرسة «بارد». بينما غاب القس وراهب الكنيسة، حتى في مشهد «التثبيت»، الذي خضع له أويفند وماريت وعدد من شباب المنطقة بعد بلوغهم السادسة عشرة.
لم يتوقف بيورنسون عند الرواية وكتابة المقالات والنضال من أجل الحرية والديمقراطية في بلاده بل كتب الشعر، وجُمع أغلبه في ديوان «قصائد وأغانٍ» وضم فيه قصيدته ذائعة الصيت «نعم نحب هذه الأرض إلى الأبد» والتي شكلت كلماتها النشيد الوطني للنرويج، وقد قضى سنواته الأخيرة مدافعاً عن السلام والقيم الإنسانية والعدل والتفاهم بين الشعوب.
فهكذا، عبر رمز بسيط وواضح، يرسم الكاتب حياة شخصياته فبطل الرواية وعائلته الفقيرة يعيشون في أسفل متحدر صخري يصعب تسلقه للوصول إلى أعلى حيث تعيش طبقة من الأثرياء، أما ماريت وجدها فيسكنان في أعلى الهضبة، وتأتي حكمة مدير المدرسة من تجربة أليمة، فقد على أثرها شقيقه بعد صراع بينهما على تملك ساعة ذهبية ورثاها عن والدهما، فراح يكفر عما اقترفه في حقه بإشاعة الحب بين أهل بلدته ومساعدتهم على فعل الخير.



مصر لاستضافة مهرجان المسرح العربي في دورته الـ16

جانب من فعاليات حفل ختام الدورة الـ15 من مهرجان المسرح العربي (إدارة المهرجان)
جانب من فعاليات حفل ختام الدورة الـ15 من مهرجان المسرح العربي (إدارة المهرجان)
TT

مصر لاستضافة مهرجان المسرح العربي في دورته الـ16

جانب من فعاليات حفل ختام الدورة الـ15 من مهرجان المسرح العربي (إدارة المهرجان)
جانب من فعاليات حفل ختام الدورة الـ15 من مهرجان المسرح العربي (إدارة المهرجان)

تستعد مصر بشكل مكثف لاستضافة الدورة الـ16من مهرجان المسرح العربي، عقب تسلمها الراية من سلطنة عُمان التي استضافت الدورة الـ15، بعدما أعلن إسماعيل عبد الله، الأمين العام للهيئة العربية للمسرح عن اختيار مصر لاستضافة الدورة القادمة والمقرر إقامتها خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2026.

وتسلم المخرج المصري خالد جلال، رئيس قطاع المسرح بوزارة الثقافة، ملف الاستضافة، حيث أكد أن «القرار يبرز أهمية مصر بصفتها محوراً رئيسياً للحركة المسرحية في الوطن العربي»، لافتاً إلى «استعداد الوزارة والجهات المعنية كفة لتقديم نسخة متميزة تعكس غنى وتنوع المشهد المسرحي المصري والعربي».

وخلال حفل ختام الدورة الـ15 التي أقيمت في العاصمة العمانية مسقط بتنظيم من الهيئة العربية للمسرح، ووزارة الثقافة والشباب والجمعية العمانية للمسرح بداية من 9 حتى 15 يناير الحالي، أُعلن عن فوز العرض التونسي «البخارة» بعد أن شهد المهرجان تنافساً كبيراً بين العروض الـ5 التي ترشحت في التصفية النهائية لنيل جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وهم «أسطورة شجرة اللبان» لفرقة مسرح مزون من سلطنة عُمان إخراج يوسف البلوشي، و«سيرك» للفرقة الوطنية للتمثيل من العراق إخراج جواد الأسدي، و«البخارة» من تونس إخراج صادق الطرابلسي، و«هُمْ» لمسرح أنفاس من المغرب إخراج أسماء الهوري، و«كيف نسامحنا» لمسرح الشارقة الوطني من الإمارات، إخراج محمد العامري.

العاصمة العمانية مسقط استضافت الدورة الـ15 من مهرجان المسرح العربي (إدارة المهرجان)

وعدّ وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، اختيار مصر لاستضافة الدورة الـ16 «محطة مهمة تعكس الثقة في دور مصر الثقافي الرائد على مستوى المنطقة، وتبرز إمكاناتها الهائلة في تنظيم الفعاليات الفنية الكبرى»، وفق بيان للوزارة.

وأكد هنو أن «الوزارة ستسعى جاهدة بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح لجعل هذه الدورة منصة لتبادل الثقافات والخبرات بين المسرحيين العرب، وفرصة لتسليط الضوء على القضايا الإنسانية والاجتماعية من خلال لغة المسرح، التي تجمع الشعوب؛ ليكون المهرجان احتفالاً بالفن المسرحي في أبهى صوره».

من جانبها، أشادت «سيدة المسرح العربي»، الفنانة المصرية سميحة أيوب، بالقرار الذي أسعدها كثيراً، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود المهرجان في مصر أمر طبيعي؛ لأنها رائدة الفنون التي اعتادت على احتضان المواهب، وخلال المهرجان ستحتضن كل المسرحيين العرب».

العرض التونسي «البخارة» فاز بجائزة المهرجان (إدارة المهرجان)

وتطمح أيوب إلى «تحضير الكثير من العروض التي تليق باسم مصر»، مشيرة إلى أن «مسارح القطاعين العام والخاص على أتم استعداد لاستقبال العروض والجمهور الذي لن يضيع الفرصة في المتابعة بنهم من أجل التنوير وزيادة الوعي بعروض رصينة ستتم صناعتها بعناية لتعزيز قيمة المسرح والتأكيد على رسالته البناءة».

وتعد الدورة الـ16من المهرجان هي الثالثة بمصر بعد أن نظمته من قبل مرتين، الأولى عام 2009 وهي الدورة الأولى من عمر المهرجان، والأخرى كانت الدورة الـ10 أقيمت عام 2019.

بدوره، وجَّه الناقد المسرحي المصري محمد الروبي الشكر للهيئة العربية للمسرح على هذا القرار البنَّاء، لافتاً إلى أن «المهرجان له تأثير كبير على المسرح المصري واتضح ذلك جلياً في الدورتين السابقتين اللتين أقيمتا بمصر».

وأضاف الروبي لـ«الشرق الأوسط» أن «المسرح يستحق مكانة كبيرة، ومصر تملك القدرة على صناعة عروض ذات قيمة، ويكفينا فخراً أن أحد عروض شباب الجامعات وهو (ماكبث المصنع) شارك ممثلاً لاسم مصر في الدورة الـ15، ونال استحسان الجمهور».