توتر كبير ومتصاعد في العيساوية بالقدس

اتهامات متبادلة بتصعيد العنف في البلدة وانتهاك اتفاقات سابقة

TT

توتر كبير ومتصاعد في العيساوية بالقدس

ركزت تقارير إسرائيلية على التوتر الكبير الموجود في قرية العيساوية في القدس منذ أشهر طويلة وتسبب في مواجهات عنيفة واعتقالات من دون أن تنجح الجهود في تخفيف حدة الاحتقان.
وقال موقع «تايمز أوف إسرائيل» إن العيساوية تشهد غلياناً منذ بداية العام الدراسي الحالي بسبب المواجهات بين طلاب المدارس والشرطة التي عادة ما تتوسع.
واتهم مديرو مدارس وقادة وأفراد في العيساوية، الشرطة الإسرائيلية، بتصعيد أنشطتها بشكل غير معقول في العيساوية واستخدام القوة المفرطة ضد السكان، مما قوض الاستقرار وأذكى التوترات في الحي وعقّد تنقل الطلاب. وقال محمد أبو حمص، وهو عضو في لجنة أولياء الأمور: عمليات الشرطة المكثفة في الحي تعود إلى مايو (أيار) 2019. وأضاف: «في ذلك الوقت، بدأوا بالتسبب في الكثير من المشاكل. لذلك نظمنا احتجاجاً في 27 يونيو (حزيران)، ثم جاءوا بعد ساعات وأطلقوا النار على شخص لا يمثل تهديداً لهم»، وتابع: «منذ ذلك اليوم، خرجوا عن السيطرة وأثاروا التوترات بلا داعٍ».
وقال أبو حمص إنه منذ شهر مايو، داهمت الشرطة أكثر من 500 منزل في العيساوية واعتقلت أكثر من 600 شخص، تم تقديم لوائح اتهام ضد 20 منهم فقط. وقال أيضاً إن ضباط الشرطة يقومون في أحيان كثيرة بوضع حواجز على الطرقات في الحي، ويوقفون السائقين للاستجواب. وأردف قائلاً إن «هذا التناقض بين الاعتقالات وتوجيه التهم يظهر أن الشرطة تجاوزت حدودها»، مضيفاً أنه يعتقد أن السلطات زادت من أنشطتها في العيساوية «لفرض احتلالها علينا». وقال: «إنهم يدركون أننا نرفض الاحتلال هنا. لذا فإنهم يحاولون الآن أن يجعلونا نقبل به تدريجيا باعتباره الوضع الراهن، لكن هذا لن يحدث أبدا». ويقع حي العيساوية، الذي يعيش فيه أكثر من 18 ألف فلسطيني بين الجامعة العبرية في القدس ومستشفى «هداسا هار هتسوفيم» والتلة الفرنسية والطريق 1، الطريق السريع الرئيسي الذي يربط القدس بغور الأردن.
وأظهرت أشرطة فيديو استخداما مفرطا للقوة من قبل الشرطة الإسرائيلية بما في ذلك الضرب المبرح لمعتقلين. وكتبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن استخدام القوة، والاعتقالات الليلية، والتحقيقات دون حضور الوالدين، والتخويف والضرب كجزء من انتهاكات شرطة الاحتلال بحق الأطفال القاصرين الذين اعتقلتهم في العيساوية خلال الأشهر الأخيرة. ووثق تقرير نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، نقلاً عن منظمات حقوقية، عمليات الاعتقال الليلية العنيفة والتحقيق مع القاصرين. وقال التقرير إنه منذ بدء شرطة الاحتلال باستهداف حي العيساوية في القدس، تم اعتقال أكثر من 600 شخص في البلدة ثلثهم من القصر، وبعضهم أقل من 12 سنة. وبحسب التقرير فإن جل الاعتقالات والتحقيقات تعتبر مخالفة للقانون، حيث تُظهر سجلات الاعتقالات والشهادات كيف يتم اقتياد القاصرين، بعضهم دون السن القانونية، إلى مركز شرطة الاحتلال ليلاً باستخدام القوة واستجوابهم دون حضور والديهم.
وردت الشرطة على الاتهامات، مؤكدة على أن العمليات المكثفة في العيساوية ترتبط ارتباطا مباشرا بما وصفته بزيادة العنف الصادر من الحي. ورفض المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد الجزء الأكبر من الانتقادات، وادعى أن الشرطة لم تتخذ سوى إجراءات «رداً على أعمال العنف التي يرتكبها سكان العيساوية». وأضاف: «لقد تعاملنا مؤخرا مع الكثير من الحوادث الخطيرة في العيساوية بما في ذلك قيام سكان محليين بإلقاء قنابل حارقة على الطريق1 ومهاجمة الشرطة بالألعاب النارية وزجاجات حارقة وحجارة»، وأضاف أن سيارتين تابعتين للشرطة تقومان بدوريات منتظمة في الحي، بالتعاون مع شرطة حرس الحدود ووحدة الاستطلاع «يسام» اللتين تقدمان الدعم خلال الاشتباكات. وعند سؤاله عن مقطع فيديو يظهر اعتداء على أحد المعتقلين، بعث روزنفيلد ببيان جاء فيه أن الشرطة واجهت «اضطرابا كبيرا شمل هجوما وإلقاء قنابل حارقة وحجارة في 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، مشيراً إلى أنه تم اعتقال اثنين من المشتبه بهم، وتم نقل أحد رجال الشرطة إلى المستشفى بعد إصابته في رأسه بحجر. ويقول أهالي العيساوية إن الشرطة أفشلت اتفاقاً سابقاً في أواخر شهر أغسطس (آب) على صيغة يمكن من خلالها للطلاب الانتقال من وإلى المدرسة من دون رؤية عناصر الشرطة. ونص الاتفاق آنذاك على ألا تدخل الشرطة المنطقة خلال الساعات التي يأتي فيها الطلاب ويخرجون من المدرسة. ونفت الشرطة الإسرائيلية لاحقاً أنها كانت توصلت إلى اتفاق مع سكان بلدة العيساوية في محيط القدس بشأن الحفاظ على النظام في البلدة، لكن صحيفة «هآرتس» العبرية أفادت في وقت سابق بأن لديها ما يثبت أن اتفاقاً كهذا بالفعل قائم بين الجانبين، غير أن عناصر الشرطة انتهكوه.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.