مجلس النواب الأردني يقطع الطريق على استيراد الغاز من إسرائيل

فاجأ رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، في مطلع جلسة تشريعية لمناقشة قانون الموازنة العامة للبلاد، بإلزام اللجنة القانونية بتقديم مشروع قانون مقترح لمنع استيراد الغاز من إسرائيل، الأمر الذي يحيل جلسة رقابية خصصت الأحد المقبل من جلسة لتصويت على مذكرة طرح الثقة بالحكومة، إلى جلسة لمناقشة القانون.
ويقطع قانون منع استيراد الغاز من إسرائيل في حال إقراره الطريق على نفاذ اتفاقية الغاز مع إسرائيل، التي تسببت باحتجاجات شعبية واسعة، الجمعة قبل الماضي، سرعان ما انتقلت إلى جلسة مجلس النواب الأسبوع الماضي.
وكان نحو 30 نائباً وقعوا الأسبوع الماضي على مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة على خلفية وصول الغاز الإسرائيلي للأردن، وسط التزام من رئيس الحكومة عمر الرزاز، بتقديم ملخص عن ملف الطاقة في بداية الجلسة، ما يفتح الباب على احتمالات إصرار المجلس على موقفه بالتصويت على طرح الثقة.
وعلى نحو مفاجئ، طالب الطراونة، في مطلع جلسة، أمس الأحد، اللجنة القانونية، بإنجاز مقترح القانون المتعلق بمنع استيراد الغاز من إسرائيل، ليصار إلى عرضه على جدول أعمال المجلس الأحد المقبل.
وأضاف أنه وبعد الاتفاق على عقد جلسة رقابية، الأحد المقبل، لمناقشة ملف الطاقة، ومن ضمنه اتفاقية الغاز، وسط مطالبة الحكومة بمهلة لمراجعة كافة الاتفاقيات المتعلقة بملف الطاقة وتزويد المجلس بنتائجها، مقترحاً تزويد الرد الحكومي للجنة الطاقة والثروة المعدنية لتقوم بدارسته ورفع توصياتها إلى المجلس، ليحسم وقائع جلسة الأحد المقبل، بصيغة الاقتراح بقانون المتعلق بمنع استيراد الغاز من إسرائيل، مبرراً قراره في العمل على مسارين؛ أحدهما رقابي والآخر تشريعي، وتجسيداً لرغبة وقناعة المجلس بضرورة مراجعة جميع اتفاقيات الطاقة، وهو ما وافق عليه المجلس بعد تأييد رئيس اللجنة القانونية عبد المنعم العودات للأمر.
وفي التفاصيل، شهدت ردهات المجلس سجالاً حاداً بين فريقين نيابيين؛ الأول تمثله «كتلة الإصلاح» النيابية، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، غير المرخصة في البلاد، يتبنى مذكرة طرح الثقة عن الحكومة، وتيار مناهض يطالب بإقرار تشريع يمنع استيراد الغاز من إسرائيل ما يقطع الطريق على اتفاقية الغاز المبرمة بين شركة الكهرباء الوطنية وشركة «نوبل إنيرجي» لتأمين احتياجات المملكة من الغاز الطبيعي من إسرائيل.
كانت موجة احتجاجات شعبية انطلقت على خلفية إعلان وصول الغاز الإسرائيلي للأردن، ما شحن الأجواء النيابية، وتسبب في توقيع 30 نائباً على مذكرة طرح الثقة، وإعلانهم تسليمها للأمانة العامة لمجلس النواب، الأمر الذي يلزم بعرضها على أول جلسة رقابية يعقدها المجلس، التي جرى تحديدها يوم الأحد المقبل.
واستنفرت الحكومة مباشرة، وتحت ضغط توقيع المذكرة، لاستيعاب الغضبة النيابية من خلال موافقتها على تسلم مذكرة نيابية وقع عليها 65 نائباً تطالب بإصدار قانون يمنع استيراد الغاز، وهي الخطوة التي كانت ترفضها الحكومة، كما علمت «الشرق الأوسط» من مصادر حكومية مطلعة. لكن وفور توقيع مذكرة حجب الثقة أعادت الحكومة تقديرها للربع الأخير من عمر المجلس، واحتمالات حجبه الثقة تحت تأثير ضغط الشارع، واقتراب موعد حل المجلس والذهاب لانتخابات مزمع عقدها في الصيف المقبل.
وكان اجتماع حضرته مراجع سياسية وأمنية استمعت لتقدير رئيس مجلس النواب بمسألة اتفاقية الغاز مع إسرائيل، حذر من المضي بمذكرة حجب الثقة، في حين أن الدستور خول المجلس بإصدار تشريع يقطع الطريق على المزاودات بطرح الثقة بالحكومة في آخر دورة برلمانية، كسباً لشعبية الشارع وتأييدهم لتيار سياسي بعينه، في حين لفت الطراونة نظر الحكومة إلى قدرتها على تحسين شروط الاتفاقية من خلال القانون، ومحاولة الانفكاك منها أمام هيئات التحكيم الدولية.
كان رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، قطع الطريق على «كتلة الإصلاح»، الأحد قبل الماضي، بعد محاولاتهم لتحويل جلسة نيابية لمناقشة مذكرة طرح الثقة بالحكومة على خلفية بدء وصول الغاز الإسرائيلي للمملكة.
وفي مطلع تلك الجلسة، رفض الطراونة محاولات نيابية لتحويل الجلسة التشريعية المقررة سابقاً إلى جلسة رقابية لطرح الثقة بالحكومة، وهو مقترح تبنته «كتلة الإصلاح»، التي اتهمها الطراونة بالبحث عن الشعبية، بعد قطعه للصوت عن مداخلاتهم. وقال: «لن أقبل لي ذراع المجلس، ومذكرة حجب الثقة وصلتني عبر (واتساب)»، مضيفاً: «نحن في الربع الساعة الأخيرة من ماراثون عمر المجلس النيابي، ولا معنى للمزاودات في طرح الثقة، ودعونا نلتزم بنظامنا الداخلي وجدول أعمال الجلسة»، ما تسبب بانسحاب نواب «كتلة الإصلاح» من الجلسة.
وتسبب وصول الغاز الإسرائيلي إلى المملكة بردود فعل واسعة، كان آخرها مسيرة شعبية حاشدة يوم الجمعة قبل الماضي، في وسط العاصمة عمان، فيما تتمسك الحكومة بموقفها بأن شركة الكهرباء الوطنية أبرمت اتفاقية مع شركة «نوبل إنيرجي» الأميركية لتزويد البلاد بحاجتها من آبار الغاز الإسرائيلية، وهو ما يعارضه مجلس النواب على الرغم من فتوى المحكمة الدستورية التي اعتبرت جواز إبرام الاتفاقية دون الحاجة لعرضها على مجلس النواب.