الحكومة الروسية تتبنى «تدابير تكيف الاقتصاد مع التغيرات المناخية»

ترى أن ذوبان الجليد يحمل نتائج سلبية وإيجابية اقتصادياً

التغير المناخي أدى إلى بدء ذوبان الطبقة الجليدية الدائمة في القطب الشمالي الكندي (رويترز)
التغير المناخي أدى إلى بدء ذوبان الطبقة الجليدية الدائمة في القطب الشمالي الكندي (رويترز)
TT

الحكومة الروسية تتبنى «تدابير تكيف الاقتصاد مع التغيرات المناخية»

التغير المناخي أدى إلى بدء ذوبان الطبقة الجليدية الدائمة في القطب الشمالي الكندي (رويترز)
التغير المناخي أدى إلى بدء ذوبان الطبقة الجليدية الدائمة في القطب الشمالي الكندي (رويترز)

وضعت الحكومة الروسية «خطة وطنية للتكيف مع التغيرات المناخية»، شملت «مخاطر التغير المناخي على الاقتصاد الروسي، وتدابير التكيف الإداري للقطاعات الاقتصادية». وهذه أول خطة من نوعها يتم تبنيها على مستوى الحكومة الروسية، بعد أن صادقت روسيا، خريف العام الماضي، على «اتفاقية باريس للمناخ».
وتعرض الحكومة في «الخطة» الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الاقتصاد، لكنها تعبر في الوقت ذاته عن وجود آثار إيجابية محتملة لهذه الظاهرة، في إشارة إلى ذوبان الجليد الذي يغطي مساحات واسعة من روسيا، ويرى البعض أنه هذا سيسهم في تحسين ظروف إنتاج النفط والغاز، وزيادة المساحات الزراعية، إلا أن وزارة التنمية الاقتصادية لا تتفق مع وجهة النظر هذه، وحسب تقديراتها تصل خسائر روسيا سنويا نتيجة ذوبان الجليد حتى 150 مليار روبل (نحو 2.5 مليار دولار).
ونشرت الحكومة الروسية مؤخراً على موقعها الرسمي «خطة عمل المرحلة الأولى من التكيف مع التغيرات المناخية للفترة حتى عام 2020»، أشارت في مقدمتها إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة بروسيا، بمعدل 0.47 درجة مئوية سنوياً، منذ منتصف السبعينات، وقالت إن معظم الأراضي الروسية تقع ضمن مناطق التغيرات المناخية، وحذّرت من أن «عواقب هذه التغيرات لها تأثير كبير ومتزايد على التنمية الاجتماعية الاقتصادية للبلاد، والظروف المعيشية والحالة الصحية للمواطنين، وكذلك على حالة المنشآت الاقتصادية».
ضمن هذه الظروف، تقول الحكومة الروسية إنها أقرت حزمة «تدابير التكيف مع التغيرات المناخية»، موضحة أنها «ضرورية لتقليص الخسائر، وجني الفوائد المتصلة بالتغيرات الحالية والمستقبلية على المناخ».
وترى روسيا أن ظاهرة الاحتباس الحراري، والتغيرات المناخية الناجمة عنها تنطوي على مخاطر، وتحمل في الوقت ذاته نتائج إيجابية.
وضمن المخاطر الرئيسية لهذه الظاهرة، تضع الحكومة الروسية على رأس القائمة، تأثيرها على الحالة الصحية للمواطنين، وهذه مسألة غاية في الأهمية بالنسبة لروسيا التي تسعى جاهدة إلى الخروج من أزمتها الديموغرافية. كما تُدرج ضمن المخاطر الرئيسية «زيادة تكرار، وكثافة، والاستمرارية الزمنية لحالات الجفاف في مناطق، والهطولات المطرية القياسية والفيضانات وإشباع التربة بالماء في مناطق أخرى»، والتأثير السلبي لهذه التغيرات على الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية.
وتشير إلى آثار سلبية أخرى، بينها تزايد حرائق الغابات، وما تحمله من آثار سلبية اقتصادياً إلى جانب التأثير على البيئة، وأخيراً زيادة استهلاك الطاقة الكهربائية، نظراً لتزايد استخدام «المكيفات الهوائية» في المنازل والمؤسسات، لتلطيف الأجواء صيفاً.
في الوقت ذاته، ترى الحكومة الروسية أن التغيرات المناخية ستحمل معها آثاراً إيجابية «محتملة»، مثل تراجع استهلاك الطاقة الكهربائية في التدفئة خلال موسم الشتاء. كما تعتقد أن ذوبان الجليد سيُسهِم في تحسين ظروف نقل البضائع عبر بحار القطب الشمالي، في إشارة إلى «ممر بحر الشمال». وسيسهم كذلك في تحسين الوصول إلى المناطق الغنية بالنفط والغاز وغيرهما من ثروات طبيعية متنوعة وبكميات ضخمة في المناطق المتجمدة شمال روسيا.
وفي مجال الإنتاج الزراعي ترى أن ذوبان الجليد يعني زيادة المساحات القابلة للزراعة، ما سيؤدي إلى نمو الإنتاج الزراعي والحيواني، فضلاً عن زيادة إنتاجية الغابات الشمالية. بناء على ما سبق، حددت الحكومة جملة مهام يجب تنفيذها في إطار «خطة تدابير التكيف مع التغيرات المناخية»، ومنها «تنفيذ القرارات الرامية إلى التقليل من خسائر الاقتصاد الوطني، والحصول على فائدة إضافية في القطاعات الاقتصادية التي يرتبط نشاطها بحالة الطقس وطبيعة المناخ».
من جانبها، حذرت وزارة التنمية الاقتصادية، في وقت سابق، من مخاطر ذوبان الجليد الأزلي على الاقتصاد الروسي. وفي تصريحات له، نهاية خريف العام الماضي، قال ألكسندر كروتيكوف، نائب وزير الاقتصاد المسؤول عن التنمية في أقصى شرق روسيا والقطب الشمالي، إن الخسائر نتيجة ذوبان الجليد تتراوح ما بين 50 و150 مليار روبل سنوياً، محذراً من أن «حجم الضرر سيزداد عاماً بعد عام». ولفت إلى أن هذه الظاهرة تهدد كثيراً من المنشآت والمباني التي تم تشييدها في القطب الشمالي.
بدوره، حذر الخبير ماتيس أورليخ الأستاذ في معهد الجغرافيا في جامعة لايبتزغ، من الآثار المدمرة، اقتصادياً لذوبان جليد الشمال، وأشار إلى أن نحو نصف الأراضي الروسية تقع في مناطق «الجليد الأزلي»، وهي مناطق غنية جداً بالنفط والغاز وغيرهما من ثروات، وفيها كثير من المدن والمنشآت الصناعية.
وأضاف: «تخيلوا الآن أن التربة التي تقف عليها المنازل والمصانع، وتمتد عليها الطرقات وشبكات السكك الحديدية، وأنابيب النفط والغاز، ستنخسف عدة سنتيمترات سنوياً، تحت هذا كله».
وفي السنوات الأخيرة تشهد روسيا على نحو متزايد كوارث طبيعية نتيجة التغيرات المناخية. مثال على ذلك الفيضانات نتيجة ارتفاع منسوب مياه الأنهر في إقليم آمور صيف عام 2019، التي تسببت بأضرار زادت قيمتها عن 3.5 مليار روبل. وكذلك الفيضانات في مقاطعة إركوتسك، وألحقت أضراراً زادت قيمتها عن مليار روبل، وكانت هناك فيضانات أيضاً في إقليم أقصى شرق روسيا. وفي جميع الحالات سُجلت ضحايا بالأرواح، فضلاً عن دمار وتخريب البنى التحتية، ومناطق سكنية وقرى بأكملها. كما نشبت حرائق كبيرة في غابات سيبيريا، صيف العام الماضي، والتهمت النيران غابات شجرية ممتدة على مساحة 1.13 مليون هكتار في إقليم ياقوتيا، و1.56 مليون هكتار في الأقاليم السيبيرية المجاورة.



الصين تسعى لتعزيز قطاع المواني والمطارات المركزية بغرب البلاد

مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
TT

الصين تسعى لتعزيز قطاع المواني والمطارات المركزية بغرب البلاد

مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)
مسافرون يسيرون أمام الأعلام الصينية في مطار شنتشن باوان الدولي بمقاطعة قوانغدونغ بالصين (رويترز)

قالت الصين، الأحد، إنها ستتخذ 15 إجراء لدعم التنمية في أقاليم غرب البلاد، من خلال إقامة مشروعات بنية أساسية لوجيستية؛ مثل المواني والمطارات المركزية.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن الإدارة العامة للجمارك قالت إن هذه الإجراءات من شأنها تعزيز التكامل بين السكك الحديدية، والنقل الجوي والنهري والبحري في غرب الصين.

وتتضمَّن الإجراءات تطوير مطارات مركزية دولية في مدن من بينها تشنغدو، وتشونغتشينغ، وكونمينغ، وشيآن، وأورومتشي، مع إقامة مناطق جمركية شاملة ودمجها مع المواني، وغيرها من روابط النقل. وسيتم أيضاً بناء وتوسيع عدد من المواني.

وتسعى الصين، منذ فترة طويلة، إلى تعزيز القوة الاقتصادية للمناطق الغربية، التي تخلفت بشكل ملحوظ عن الأقاليم الساحلية. لكن توترات عرقية في بعض هذه المناطق مثل شينجيانغ، والإجراءات الأمنية المتشددة، التي تقول بكين إنها ضرورية لحماية الوحدة الوطنية واستقرار الحدود، أثارت انتقادات من بعض الدول الغربية.

وتشكِّل مناطق غرب الصين نحو ثلثَي مساحة البلاد، وتشمل أقاليم مثل سيتشوان وتشونغتشينغ، ويوننان، وشينجيانغ، والتبت.

ودعا المكتب السياسي الصيني العام الماضي إلى «التحضر الجديد» في غرب الصين لإحياء المناطق الريفية، وتوسيع جهود التخفيف من حدة الفقر، وتعزيز موارد الطاقة.

كما بذلت الصين جهوداً لزيادة الروابط مع أوروبا وجنوب آسيا من خلال ممرات للتجارة، بما في ذلك طرق الشحن بالسكك الحديدية.

في الأثناء، أعلن البنك المركزي الصيني خطة نقدية «تيسيرية معتدلة» تهدف إلى تعزيز الطلب المحلي لتحفيز النمو، بعد أيام من دعوة الرئيس شي جينبينغ إلى سياسات اقتصادية كلية أكثر فاعلية.

وكافحت بكين، العام الماضي، لانتشال الاقتصاد من الركود الذي تسببت به الأزمة العقارية، وضعف الاستهلاك، وارتفاع الديون الحكومية.

وكشف المسؤولون عن تدابير تهدف إلى تعزيز النمو، بينها خفض أسعار الفائدة، وتخفيف القيود على شراء المساكن، لكن خبراء الاقتصاد حذَّروا من أنه لا تزال هناك حاجة لمزيد من التحفيز المباشر.

وقال «بنك الشعب الصيني» في بيان إنه «سينفِّذ سياسة نقدية تيسيرية معتدلة (...) لخلق بيئة نقدية ومالية جيدة لتعزيز التعافي الاقتصادي المستدام».

وأشار البيان، الصادر السبت، إلى خطط لخفض أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي، وهي الأموال التي يجب على المصارف الاحتفاظ بها بدلاً من إقراضها أو استثمارها. وقال إن «التغييرات ستتم في الوقت المناسب» بالنظر إلى الظروف في الداخل والخارج.

وأكد «بنك الشعب الصيني» الحاجة إلى استئصال الفساد، ما يؤشر إلى استمرار الحملة ضد الفساد في القطاع المالي الصيني.

وأضاف أنه سيواصل دعم الحكومات المحلية للتغلب على ديونها من خلال «الدعم المالي».

ولفت البيان إلى أن هذه التدابير تهدف إلى «منع المخاطر المالية في المجالات الرئيسية، وحلها، وتعميق الإصلاح المالي (...) والتركيز على توسيع الطلب المحلي».

وجاء إعلان البنك بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية على مدى يومين في العاصمة بكين.

وكانت بكين تستهدف نمواً بنحو 5 في المائة عام 2024 أعرب شي عن ثقته بتحقيقه، لكن خبراء الاقتصاد يرون صعوبةً في ذلك. ويتوقَّع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد الصين بنسبة 4.8 في المائة عام 2024 و4.5 في المائة عام 2025.