تحليل الحامض النووي الفضائي يكشف صلة القرابة بين النجوم

يكشف تحليل الحامض النووي «DNA» عن صلة القرابة بين البشر، وهو ما دفع فريقاً بحثياً من جامعة تكساس الأميركية في أوستن، إلى استخدام المصطلح نفسه، للإشارة إلى تحليل قاموا به للبحث عن صلة القرابة بين «النجوم المزدوجة».
و«النجوم المزدوجة» عبارة عن نجمين يدور كل منهما حول الآخر بسرعة كبيرة، ويبدو بعضها كنجم واحد، ولكنها متعددة النجوم في الواقع، ويعتقد علماء الفلك أن ثلث النجوم في مجرة درب التبانة ثنائي أو ثلاثي التركيب، أو متعدد.
وباستخدام تلسكوب في مرصد ماكدونالد في جامعة تكساس، درس الباحثون كيمياء النجوم المزدوجة لمعرفة ما إذا كان توأمان متطابقان أو توأمان غير متطابقين، ومن خلال العمل الذي شارك فيه طلاب جامعة تكساس مع جامعة برينستون ومراصد كارنيجي وجامعة كاليفورنيا في بيركلي، ركز الفريق البحثي في دراسته التي نشرت في العدد الأخير من دورية «الإشعارات الشهرية للجمعية الملكية الفلكية» على 25 نجماً ثنائياً متباعداً على نطاق واسع تم تحديدها بواسطة قمر «جايا» الصناعي، حيث يحتوي كل ثنائي منهما على نجمتين ولدتا سوياً قبل مليارات السنين، من خلال سحابة واحدة من الغاز والغبار المنهار.
وأظهرت النتائج أن معظم توائم النجوم متطابقة كيميائياً، وهو ما قد يعطي فهم أفضل لتاريخ المجرة بمرور الوقت، كما أكد د. كيث هوكينز عالم الفلك بجامعة تكساس، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة تكساس في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويقول هوكينز: «هذه النتائج لها آثار أبعد من مجرد فهم النجوم الثنائية، حيث تُعد الدراسة بمثابة دليل على مفهوم فكرة (وضع العلامات الكيميائية)، فعبر استخدام التركيبات الكيميائية للنجوم المنتشرة في جميع أنحاء المجرة يمكن معرفة النجوم التي تشكلت معاً في البداية».
ويعرف علماء الفلك أن أعداداً كبيرة من النجوم تولد في السحب العملاقة من الغاز والغبار التي يشار إليها غالباً باسم مشاتل النجوم، وخلال ملايين السنين، تتناثر هذه «التجمعات السائبة للنجوم التي تتشكل معاً مع مرور الوقت.
ويضيف: «إذا كان مفهوم العلامات الكيميائية صحيحاً، فيمكن للفلكيين استخدامه لتعقب النجوم المتطابقة كيميائياً، والمشتتة حول المجرة اليوم، وهذا سيمكنهم من إعادة مسارات النجوم إلى بداية نشأتها من سحابة عملاقة مكونة للنجوم، وبعبارة أخرى، (يمكن استعادة تاريخ تجميع المجرة)، بما يوفر فهم أعمق لتطور مجرة درب التبانة، ويساعد في سعي علماء الفلك نحو فهم جميع المجرات، وهي اللبنات الأساسية للكون».
ما توصلت له الدراسة من نتائج يدخل ضمن أحد الاهتمامات الحديثة لعلم الفلك، التي باتت تعرف باسم «علم الآثار المجرّية»، وهو فرع يهتم بتتبع تاريخ نشأة المجرة، ومعرفة شجرة عائلة نجومها، كما يؤكد د. خالد شاكر، الباحث بمعهد البحوث الفلكية بمصر.
ويقول شاكر لـ«الشرق الأوسط»: «أحد الأهداف التي يسعى لها هذا التخصص العلمي هو وضع علامات كيميائية على نجوم مجرة درب التبانة، لكي يساعد ذلك في معرفة شجرة العائلة النجمية، وكانت البداية من النجوم المزدوجة».
ويضيف: «إذا كنا نسعى لمعرفة العلاقات بين نجوم أبعدتها عن بعضها أحداث وقعت قبل ملايين السنين، فلا بد أن تكون البداية من النجوم الثنائية، لاختبار صحة الافتراض الذي يقول إن النجوم المولودة معاً متجانسة كيميائياً».