سوق الصيارفة يتحكم بسعر الدولار ومصرف لبنان يكتفي بالمراقبة

بلغ مستويات غير مسبوقة في الأيام الماضية مع تفاقم الأزمة السياسية

TT

سوق الصيارفة يتحكم بسعر الدولار ومصرف لبنان يكتفي بالمراقبة

لامس سعر الدولار الأميركي في سوق الصيارفة في لبنان في الأيام الماضية الـ2500 ليرة لبنانية، وهو رقم غير مسبوق منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل نحو 30 عاما. فرغم ثبات السعر الرسمي عند عتبة الـ1500 ليرة، فإن هواجس اللبنانيين تفاقمت جراء استمرار الفلتان الحاصل في السوق خاصة أن الأغلبية الساحقة منهم يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية.
ولم تحل الإطلالة الأخيرة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي حاول خلالها طمأنة اللبنانيين إلى مصير ودائعهم في المصارف وتوفر السيولة في «المركزي» دون بلوغ سعر الصرف مستوى قياسيا تزامن مع تحذيرات من ملامسته عتبة الـ3000 ليرة لبنانية، ما يعني ضعف السعر الرسمي.
ورفض نقيب الصيارفة محمود مراد الحديث عن فلتان في السوق، لافتا إلى أن ما يجري يندرج في إطار معادلة العرض والطلب التي تتحكم عادة بالأسواق وتتأثر بالظروف الأمنية والسياسية. وشدد مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن الصيارفة لا يتحملون مسؤولية ارتفاع سعر الصرف وعلى أن هامش الربح بالنسبة لهم لم يتغير، وحده حجم السيولة ارتفع.
ويقتصر عدد الصيارفة المنتسبين إلى النقابة على 305، أما عدد الذين يعملون من دون رخص قانونية فيتراوح ما بين 200 و300 آخرين، بحسب مراد، الذي يؤكد أن كل الصيارفة الذين تم استدعاؤهم أمام القضاء أفرج عنهم لتأكيدهم أنهم ليسوا الجهة التي تتلاعب بسعر الصرف، مضيفا: «لا شك أننا كنقابة ملزمون بتعاميم المصرف المركزي، لكن لا سلطة لنا على الصرافين لإلزامهم بتثبيت سعر الصرف على الـ1500 ليرة». وردا على سؤال استبعد ما يحكى عن إمكانية وصول سعر صرف الدولار لحدود الـ3000 ليرة، موضحا أن الإشاعات تفعل فعلها في هذا المجال وأن أي انفراج سياسي وبالتحديد على الصعيد الحكومي كفيل بخفض سعر الصرف كما حصل عند تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة. ويبلغ حجم السيولة لدى مصرف لبنان 31 مليار دولار، بحسب رياض سلامة، وقد تراجعت الودائع في المصارف 10 مليارات و100 مليون دولار نتيجة الأزمة السياسية التي ترزح تحتها البلاد منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأثار إعلان سلامة أخيرا أن سوق الصرافين خاضع للعرض والطلب والمصرف المركزي لا يتدخل في هذا الموضوع، استياء عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين. فأكد الخبير محمد زبيب أن قانون تنظيم مهنة الصرافة ينص صراحة على حق حاكم مصرف لبنان، بعد أخذ موافقة المجلس المركزي، في إصدار قرار بإيقاف عمل مؤسسات الصرافة أو الحد من نشاطها بصورة مؤقتة إذا استدعت ذلك ظروف اقتصادية أو نقدية استثنائية. وبحسب الخبير المالي والاقتصادي الدكتور شربل قرداحي، فإن مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف هما من الناحية القانونية الجهتان المسؤولتان عن تنظيم قطاع الصيرفة، لكن دعوتهما لإجبار الصرافين على تثبيت سعر الصرف ليست بمكانها وتؤدي لنتائج عكسية كقيام سوق سوداء، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن تجميد سعر الصرف يكون من خلال تأمين السيولة اللازمة بالدولار.
ويرد قرداحي الفلتان الحاصل في سعر الصرف لـ3 عوامل: أولا، عدم تدخل مصرف لبنان بائعا للدولار للحفاظ على ثبات سعر الصرف، ثانيا، إحجام المصارف اللبنانية عن تأمين السيولة الكافية بالدولار، وثالثا، الوضع الاقتصادي والسياسي وغياب أي خطة واضحة المعالم على مستوى الدولة لحل الأزمة، مضيفا: «كما أن المضاربين يسعون دائما لرفع سعر الصرف لزيادة أرباحهم».
وأشار قرداحي إلى أن «العملات بالدولار في القطاع المالي والمصرفي محافظ عليها، وبخاصة نتيجة الإجراءات والتدابير المتخذة التي لا تسمح بانتقالها إلى الخارج، ما يجعل سعر الصرف في السوق حصيلة العرض والطلب.
وما دام الطلب أكبر من العرض يرتفع سعر الصرف». ولفت إلى أنه «في ظل تلكؤ عدد من المواطنين والشركات عن دفع ضرائبهم فذلك ينعكس على موجودات الخزينة، ما يحتم على المصرف المركزي أن يدين الدولة، وطبع العملة دائما يؤدي لطلب على الدولار ورفع سعره».
وعما إذا كان قد آن الأوان لتغيير سعر الصرف الرسمي، شدد قرداحي على أن «ثبات سعر الصرف حاجة وطنية لأن معظم مداخيل اللبنانيين بالليرة اللبنانية، وإن كان بدأ ينطوي على مخاطر تستدعي ترك هامش معين بين 1500 و1800 ليرة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».