ليبيون يطالبون بوتين وإردوغان بسحب عناصر «فاغنر» و«فيلق الشام»

TT

ليبيون يطالبون بوتين وإردوغان بسحب عناصر «فاغنر» و«فيلق الشام»

تفاعلت غالبية الأطراف السياسية في ليبيا مع الدعوة الروسية - التركية لوقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس، بدءاً من صباح غد (الأحد)، وسط مطالبات للرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان بـ«الكف عن الدفع بمقاتلين إلى ليبيا».
وتفاعلت الأطراف السياسية في (شرق وغرب) ليبيا، مع الدعوة لوقف الحرب، كل حسب انتماءاته السياسية. فمن يوالي السراج اتهم «الجيش الوطني» بالاستعانة بعناصر من شركة «فاغنر» الروسية، ومن يدافع عن الجيش تساءل «كيف لإردوغان الذي اعترف بإرسال قوات لمساندة الميلشيات المسلحة أن يدعو لهدنة؟». وقال السياسي والكاتب الليبي عمر الحمدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «تبني الرئيس التركي لمبادرة وقف الحرب يتطلب جلوس حكومة الوفاق، ومن يواليها على طاولة المفاوضات». ورد على التقارير التي تتحدث عن دفع الرئيس التركي بمقاتلين بالقول: «إردوغان لديه مصالح وأطماع كبرى في ليبيا يسعى لتحقيقها، وفي الوقت ذاته يستهدف إرضاء أميركا، ولا يمكنه الإقدام على خطوة تغضبها».
من جهته، استغرب عارف النايض، السفير الليبي السابق لدى دولة الإمارات، رئيس مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة، من الموقف التركي، وقال في تصريح لوكالة «سبوتنك» الروسية، تداولته وسائل إعلام محلية: «ينبغي على إردوغان احترام الإرادة الليبية الحرة، والكف عن الدفع بالجنود والمسلحين، ومد حكومة الوفاق بشحنات الأسلحة والذخيرة، التي تقتل الليبيين»، ورأى أن الدعوة لوقف إطلاق النار «تبقي الأسلحة في أيدي الميليشيات».
وسبق لرامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، القول إن أنقرة دفعت 260 مقاتلاً، بينهم ضابط برتبة نقيب من الفصائل الموالية لها للقتال إلى جانب صفوف قوات «الوفاق». وأضاف في بيان أن «المقاتلين جميعاً من فصيل فيلق الشام، وغالبيتهم من مهجري مدينة حمص. كما يجري التجهيز لنقل 300 مقاتل من الفصيل نفسه بعد أيام عدة إلى ليبيا».
وقرأ عضو مجلس النواب محمد بشير الموقف التركي، الذي وصف بـ«البراغماتي» أن إردوغان «يلعب بكل الأسلحة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هو يشعر بعدم قدرته على تنفيذ ما وعد به حكومة (الوفاق) بمدها بقوات من جيشه، ولذا أصبح في موقف حرج أمام السراج والعالم، فلجأ إلى طلب الهدنة ليكسب جزءاً ولو بسيطاً لحفظ ماء الوجه».
في المقابل، استنكرت أطراف موالية لقوات «الوفاق» الموقف الروسي، الذي وصف هو الآخر بـ«المتناقض»، وذلك على خلفية تقارير تبثها عمليات «بركان الغضب»، الموالية للسراج بوجود مقاتلين مرتزقة من شركة «فاغنر» الروسية، يقاتلون في صفوف «الجيش الوطني»، وهو الأمر الذي نفاه الجانب الروسي، والمتحدث باسم القوات المسلحة اللواء أحمد المسماري بقوله: «نحن جيش نظامي لا نلجأ لمثل هذه الإجراءات».
وفي تعليقه على هذه الاتهامات، قال النائب بشير: «هي مجرد أبواق تتظاهر بالشجاعة والتحدي، لكن في أعماق قلبها تتمنى أن تتوقف الحرب».
وفي وقت سابق، أعلنت قوات «الوفاق» أنها قتلت عناصر من شركة «فاغنر» بقصف جوي في منطقة قصير غشير، وأنها عثرت على أوراقهم وهويات ومتعلقات تشير إلى أنهم كانوا يقاتلون كمرتزقة في صفوف «الجيش الوطني». ودافع سياسي ليبي موالٍ لحكومة «الوفاق» عما سماه «الدفاع عن النفس». وقال لـ«الشرق الأوسط»، رافضاً ذكر اسمه، نظراً لوجوده في مناطق يسيطر عليها «الجيش الوطني» حالياً: «البعض يطالب بمنع (الوفاق) من الدفاع عن نفسها، ويبرر للقوات (المعادية) كل تصرفاتها، من الاستعانة بمقاتلين أجانب، وصولاً إلى قتل المدنيين بقصف عشوائي، يسهل إقامة دليل عليه».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.