«الوفاق» تعوّل على منظومة تركية لصدّ هجوم قوات حفتر

TT

«الوفاق» تعوّل على منظومة تركية لصدّ هجوم قوات حفتر

لم يغادر مشهد الآليات العسكرية التركية وهي تهبط على رصيف ميناء «الخمس» بالعاصمة طرابلس، (غرب) مخيلة الليبيين المتابعين للعملية العسكرية الدائرة في بلادهم منذ أكثر من تسعة أشهر، ضمن عتاد دفع به الرئيس رجب طيب إردوغان إلى قوات حكومة «الوفاق»، وسط تقارير تقول إن الأخيرة تنتظر المزيد من العتاد لمنع دخول «الجيش الوطني» العاصمة.
وميناء الخمس البحري، الذي يبعد قرابة 120 كيلومتراً عن العاصمة، سبق أن ضبطت به كميات كبيرة من الأسلحة التركية، من بينها شحنة وصلت بواسطة شركة مرفأ مصراتة للخدمات الملاحية.
ومع تصاعد معارك طرابلس، وتوثيق العلاقة بين قوات «الوفاق» وأنقرة، تدفقت على العاصمة شاحنات الأسلحة، التي اعترف إردوغان بإرسالها؛ لكن وفقا للاتفاقية العسكرية الموقعة بين الجانبين، فقد طالبت «الوفاق» أنقرة بدعمها بـ«أسلحة نوعية»، ومزيد من الطائرات.
وقال العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، إن «تركيا لن تتوقف عن التدخل في بلادنا، سواء سياسيا أو عسكريا، حتى مع اعترافها بالاكتفاء بنشر أعداد قليلة من الجنود الفنيين والاختصاصيين... ومع ذلك أرى أنها لن تغامر وتدفع بجنودها للقتال، وسيظل اعتمادها الرئيسي مرتكزا على أفواج المرتزقة، إلى جانب ما أرسلته طوال الشهور الماضية من مستشارين وخبراء، وهذا ما أكده إردوغان نفسه».
وأضاف المحجوب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الأتراك قد يرسلون منصات دفاع جوي، ومزيدا من الطائرات المسيرة والمدرعات».
وحول وجود تقارير تشير إلى إمكانية حصول «الوفاق» على أسلحة نوعية تمكنها من إحداث توازن على الأرض، لم يقلّل المحجوب من خطورة هذه الخطوة، خاصة مع سيطرة الجيش على مدينة سرت ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي تعد مفتاح العاصمة، ملمحاً إلى أن ذلك «لا يزال محتملاً؛ نظراً لاصطفاف تركيا إلى جانب الميليشيات بالغرب الليبي في المعركة ضد الجيش الوطني منذ عام 2014... وإذا حصلت الميليشيات على أسلحة نوعية جديدة، فقد يتأخر حسم معركة العاصمة، بعد أن أصبحنا قريبين جدا من الأمر».
ورأى المسؤول العسكري البارز أن «هناك مبالغات حول إمكانية تزويد الأتراك للميلشيات بطائرات (إف 16) وغواصات، وقال بهذا الخصوص إن الطبيعة الجغرافية لمسرح المعركة لا تستوعب كل هذه الأسلحة».
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد قال إن الدعم التركي متواصل لمجموعات وميليشيات في طرابلس، وبعضها مدرج على قوائم عقوبات مجلس الأمن. ونقلت صحيفة «حريت» التركية في تقرير لها أن تركيا أرسلت 35 جنديا حتى الآن إلى ليبيا.
وانتهى المحجوب قائلا: «بغض النظر عن قدرات وقوة أي سلاح قد تدفع به تركيا إلى ليبيا، فإن الجيش قادر على إلحاق الهزيمة بالميليشيات والجماعات الإرهابية».
وبالمثل، قال مسؤول عسكري بالجيش الوطني إن «الأتراك يخططون طوال الوقت للحصول على مزيد من المكاسب وعقد الصفقات، وبالتالي لم نكن نتوقع سوى أن يرسلوا عناصر من (الدواعش) والمتطرفين للقتال نيابة عنهم».
وتوقع المسؤول العسكري، الذي رفض ذكر اسمه، أن ترسل تركيا معدات تشويش، ومزيدا من المستشارين إلى طرابلس، وقال: «منذ بدء العملية العسكرية وهم يزودون الميليشيات بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ومع ذلك لم يستطيعوا هزم قواتنا».
وانتهى المسؤول العسكري إلى أن «السلاح المتقدم يحتاج إلى جنود تم تدريبهم بشكل جيد، وهذا ما تفتقر إليه الميليشيات لأنهم عناصر جمعهم حب المال».
من جهته، ذهب النائب بمجلس النواب الليبي سعيد أمغيب إلى أن «إردوغان ظل يهدد ويراوغ بإرسال جنود كي يتوقف القتال، ويحصل على مكاسب سياسية لحلفائه من (الوفاق) وجماعة الإخوان المسلمين»، مضيفا أن التدخل التركي إذا ما تحقق على الأرض فعليا «فلن يشكل أي اختلاف بمعطيات العملية العسكرية الراهنة، إلا إذا أمدوا الميليشيات بمنصات دفاع جوي».
وحول السبل التي قد تلجأ إليها تركيا لإدخال السلاح إلى العاصمة، حذر الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد كامل البحيري، «من استمرار وجود منافذ يمكن لتركيا إرسال أسلحة لميليشيات عبرها، حال عدم التزامها بمسار التهدئة».
وأوضح الباحث المصري لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيا لا يزال لديها مطار وميناء مصراتة، وميناء طرابلس، وتستطيع أن تنقل عبرها أسلحة مثل مضادات الطائرات والصواريخ المتنوعة»، لافتا إلى أن هذه النوعية يسهل التدريب عليها في فترة وجيزة خاصة مع وجود مستشارين أتراك في البلاد.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.