المساعدات الإنسانية للسوريين تنتظر التوافق الدولي... ومنظمات تدق ناقوس الخطر

TT

المساعدات الإنسانية للسوريين تنتظر التوافق الدولي... ومنظمات تدق ناقوس الخطر

تواصلت الخلافات العميقة بين أعضاء مجلس الأمن على التفويض الضروري لاستمرار تسليم المساعدات الإنسانية الشهرية لأكثر من مليون سوري، بعدما تجدد السباق على التصويت على مشروعي قرارين متضاربين؛ الأول قدمته ألمانيا وبلجيكا والكويت والثاني قدمته روسيا، بعد ظهر الجمعة، أي في اليوم ذاته الذي تنتهي فيه صلاحية تمرير المساعدات عبر الحدود. ولم يتضح على الفور ما إذا كانت روسيا ستمارس حق النقض (فيتو) للحيلولة دون إصدار القرار الذي قدمته الدول الثلاث ويحظى بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وما إذا كان مشروع القرار الروسي سينال دعماً كافياً من بقية الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن. ويدعو مشروع القرار الثلاثي إلى إيصال المساعدات من نقطتي عبور في تركيا وواحدة في العراق. ومن شأن القرار الروسي المنافس أن يمدد عمليات التسليم عبر المعبرين التركيين فحسب. وإذا لم يحصل توافق على أي من القرارين، سيتوقف توصيل الأغذية والأدوية والمواد الأساسية الأخرى. وقال دبلوماسيون إن أعضاء المجلس الخمسة الذين يتمتعون بحق النقض (فيتو)؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا، اجتمعوا 4 مرات منذ الأسبوع الماضي، ولم يتمكنوا من التوصل إلى حل وسط بشأن مشروع قرار موحد. ومنذ عام 2014، أذن مجلس الأمن بتوصيل المساعدات عبر 4 معابر حدودية - باب السلام وباب الهوى في تركيا واليعربية في العراق والرمثا في الأردن. وأبلغ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن 4 ملايين شخص في كل أنحاء شمال سوريا يتلقون الدعم من المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الحدود. وقال إن الأمم المتحدة زودت 1.1 مليون شخص بالطعام من خلال عمليات التسليم عبر الحدود في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكشف أنه منذ عام 2014 أرسلت الأمم المتحدة ما يقرب من 30 ألف شاحنة من المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية الأربعة، مؤكداً أن «لا بديل للعملية عبر الحدود (...) لا توجد خطة باء». وكرر الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: «ببساطة لا يوجد بديل للوصول إلى المحتاجين في شمال غربي وشمال شرقي (سوريا) دون عبور الحدود». وأوضح أن أكثر من 3 ملايين مدني سوري يعتمدون على المساعدات اعتماداً تاماً. وقال إن الجمعة «هو آخر يوم عمل لآلية إيصال المساعدات، وكما تعلمون فإن قوافل المساعدات لا تسير ليلاً، ولذلك فإننا سنتوقف عن العمل بتلك الآلية مع نهاية الجمعة».
وبشأن وجود خطط طوارئ لدى الأمم المتحدة في حال عدم تجديد الآلية، قال دوجاريك: «لدينا دائماً خطط طوارئ، ولكن دعوني أقول بوضوح هنا: إذا أردنا الوصول الإنساني إلى ملايين السوريين في هذا البلد، فلا يوجد أي بديل آخر أمامنا سوى تلك الآلية».
وترغب روسيا أيضاً في تقليص مدة التفويض للعملية من عام إلى 6 أشهر. وقال دبلوماسيون إن قوى غربية أشارت، في محاولة للتوصل إلى تسوية، إلى إمكانية الاتفاق على 3 نقاط عبور لمدة 6 أشهر. لكنهم قالوا إن من غير الواضح ما إن كانت روسيا ستقبل نقطة العبور الثالثة، من العراق، أم لا، وإنها رفضت طلباً بتجديد عملية المساعدات الحالية عبر الحدود لأسبوعين آخرين لإتاحة متسع من الوقت لمزيد من المفاوضات بين أعضاء مجلس الأمن.
إلى ذلك، حذرت منظمات غير حكومية ناشطة في سوريا في مؤتمر صحافي الجمعة بإسطنبول، من كارثة إنسانية في شمال سوريا بسبب غياب المساعدة العابرة للحدود التي باتت موضع نزاع في مجلس الأمن بين الأوروبيين وروسيا. وصرح غسان هيتو رئيس منظمة «منتدى سوريا» في المؤتمر الصحافي لممثلي 19 منظمة غير حكومية بأن «القرار بشأن المساعدة العابرة للحدود ينقضي أجله اليوم. وحين ناقش مجلس الأمن تمديده في 20 ديسمبر (كانون الأول)، تلقى الشعب السوري فيتو من روسيا والصين... إن لم تحصل معجزة اليوم فإن الشعب السوري سيجد نفسه دون مساعدة إنسانية». وترى هذه المنظمات غير الحكومية أن تمديد العمل بالمساعدة مهم، خصوصاً مع تفاقم الوضع الإنساني في محافظة إدلب مع تكثيف غارات الجيش السوري وحليفه الروسي. ونبه محمد جندلي من منظمة «ريلييف» في المؤتمر الصحافي إلى أنه «إذا لم يتم تمديد العمل بالقرار وأبقت روسيا على الفيتو، سنشهد كارثة إنسانية لا سابق لها في العالم. هناك 4 ملايين شخص في منطقة محاصرة بالكامل»، حسب قوله.
وقال زهر سهلول مسؤول منظمة «ميدغلوبل»: «هناك نحو 360 ألف شخص نزحوا من محافظة إدلب منذ أبريل (نيسان)». وقال: «الوضع أكثر كارثية، ونأمل ونصلي حتى يمدد مجلس الأمن العمل بالقرار لستة أشهر على الأقل، إذا لم يكن لسنة، لأن حياة 4 ملايين شخص رهينة ذلك».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.