«قوات سوريا الديمقراطية» تعترف بمسؤوليتها عن اختفاء معارضيها

رئيس «المجلس الكردي» سعود الملا: لم يتم التزام مبادرة عبدي

TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تعترف بمسؤوليتها عن اختفاء معارضيها

أعلنت القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) أنها تتحمل «المسؤولية الأخلاقية»، لاختفاء الناشط البارز أمير حامد والقيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، بهزاد دورسن، والمسؤول في «المجلس الوطني الكُردي»، فؤاد إبراهيم، وأن التحقيقات جارية للوصول إلى الأشخاص الذين تسببوا في اختفاء الضحيتين ومحاسبتهم.
وكشفت قيادة القوات، في بيان، أن «لجنة خاصة لتقصي الحقائق» تشكلت بين الأخيرة ورئاسة «المجلس الكردي»، منتصف ديسمبر (كانون الأول)، العام الماضي، وجاءت النتائج بأنها لم تتمكن من تتبع أي أثر عن مصير 8 نشطاء من المجلس.
وأكد تقريرها الصادر أن بهزاد دورسن ونضال عثمان اختفيا في منطقة خاضعة لحماية «وحدات حماية الشعب» الكردية، العماد العسكرية لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، وقالت الوحدات: «مما يضع هذه القوات وقوى الأمن (الآسايش) تحت المسؤولية الطبيعية والإدارية لاختفائهما»، وأشارت إلى استمرار التحقيق للكشف عن مصيرهما: «هي مسؤولية قانونية وواجب يقع على عاتق قواتنا».
وفي أول تعليق على تقرير اللجنة، قال رئيس «المجلس الوطني الكردي» سعود الملا إن المبادرة التي أطلقها مظلوم عبدي لتوحيد وحدة الصف الكردي وترتيب البيت الداخلي، لم يلتزم بتنفيذ بنودها: «حتى اليوم، لا يزال ملف المختطفين والمغيبين قسراً عالقاً، إذ شكل لجنة ثانية بهذا الصدد؛ هناك تسعة أعضاء من أحزاب ونشطاء المجلس لا يعرف أحد مصيرهم»، مضيفاً أنّ تقرير اللجنة غير كافٍ، وأضاف: «نطالب بالكشف الفوري عن مصيرهم والإفراج عنهم، والبيان ترك التباساً بعد ذكر مفردة (ضحايا)، وعدم التمكن من الوصول إلى عفرين على الرغم من أنها كانت خاضعة لسيطرتهم حتى مارس (آذار) 2018»، وشدّد الملا على أن تقرير اللجنة يجانب الحقيقة: «فالسيد بهزاد دورسن وهو عضو المكتب السياسي للحزب (الديمقراطي الكردستاني - سوريا) تعرّض للتهديد من قبل (آسايش) الاتحاد الديمقراطي قبل اعتقاله بأيام، واعتقل في المنطقة التي كانت خاضعة لسيطرة الوحدات».
وأوضحت القيادة العام لـ«قوات قسد»، في بيانها، أن الأشخاص الواردة في قائمة المجلس تبين أن 8 من أصل 10 أسماء اختفوا في مرحلة الفوضى الأمنية، وتداخل مناطق السيطرة على الأرض، وانتشار الخلايا الإرهابية والاستخباراتية التي كانت تتبع جهات محلية وإقليمية: «اختفوا قبل تشكيل الإدارة الذاتية ومؤسساتها بشكل رسمي، أي قبل تاريخ إعلانها في 21 يناير 2014، لا، بل إن أولى الحالات كانت قبل تشكيل (وحدات حماية الشعب) نفسها».
ودعا مظلوم عبدي قائد القوات إلى العمل لمكافحة حالات الاختفاء القسري كونها مسؤولية قانونية وأخلاقية تقع على عاتق جميع الجهات، وذكرا بأن «3286 مفقوداً اختُطفوا من عين العرب (كوباني) وعفرين والجزيرة، بينهم 544 خطفهم تنظيم (داعش) و2386 خطفتهم الفصائل المعارضة التابعة للائتلاف الوطني، و374 مفقوداً خطفتهم الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المركزية السورية»، وكتب في تغريده نشرت على حسابه الشخصي على موقع «تويتر»: «بالإضافة لثمانية مفقودين بالمناطق الخاضعة لسيطرة قواتنا. قمنا بتكليف لجنة لإجراء التحقيقات من أجل كشف مصير المفقودين والوصول إلى الأشخاص المتورطين عن هذه الجرائم ومحاسبتهم، وسيتم الإعلان عن النتائج الأولية لتحقيقات للرأي العام في القريب العاجل».
من جانبه، قال الصحافي الكردي مسعود حامد، وهو شقيق الناشط المدني أمير حامد، الذي اختفى قبل 6 سنوات: «أخي أمير والد لأربعة بنات، مختطف منذ 11 - 1 - 2014 على يد استخبارات (وحدات الحماية) من منزلِهِ في بلدة الدرباسية بشهودٍ، وكل الإثباتات التي نمتلكها. لم نتلقّ أي رد منهم، مع الإنكار الدائم بعدم وجودِهِ لديهم»، منوهاً: «بالمقابل كان يتم الإفراج وبشكلٍ يومي عن العشرات من عناصر (داعش) من سجونهم»، مشيراً إلى أنهم «لن نرضى دون محاكمة المجرمين، الذين أقدموا على اختطافِهم»، وناشد منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي الكشف عن مصير شقيقه وجميع المختطفين والمغيبين قسراً والإفراج الفوري دون شروط أو قيود، وقال في ختام حديثه: «تقرير اللجنة وبيان (قسد) بأنَّهُم ضحايا مرفوض، أمير لا يزال على قيد الحياة لحين تقديم الوثائق والأدلة القاطعة عن مصيرهِ، أنتم قانونياً مسؤولون عن حياتِهِ كما اعترفتم، ونُطالب بالإفراج عنهُ وعن بقية المختطفين».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.