طهران تهدد بـ«انتقام أشد» وتتوعد بـ«عملية ضخمة» ضد القوات الأميركية

واشنطن تتمسك بالردع... وأوروبا تواصل الضغط على إيران لاحترام «النووي»

قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده في مؤتمر صحافي بطهران أمس (التلفزيون الإيراني)
قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده في مؤتمر صحافي بطهران أمس (التلفزيون الإيراني)
TT

طهران تهدد بـ«انتقام أشد» وتتوعد بـ«عملية ضخمة» ضد القوات الأميركية

قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده في مؤتمر صحافي بطهران أمس (التلفزيون الإيراني)
قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده في مؤتمر صحافي بطهران أمس (التلفزيون الإيراني)

غداة إطلاق صواريخ باليستية متوسطة المدى على قاعدتين جويتين للقوات الأميركية في الأراضي العراقية، ثأراً لمقتل قاسم سليماني قائد «فيلق القدس»، اعتبر قائد القوة الصاروخية أمير علي حاجي زاده «ضبط النفس» من الطرفين الأميركي والإيراني، بداية «عمليات كبيرة تهدف إلى طرد القوات الأميركية من المنطقة».
وجدد حاجي زاده مزاعم قواته عن خسائر في الأرواح بين القوات الأميركية، قائلاً إن الضربات الصاروخية التي حملت اسم سليماني «بداية عمليات كبيرة ستستمر في كل المنطقة».
وقال حاجي زاده إن قواته أطلقت 13 صاروخاً باليستياً من طراز قيام وفاتح 313 باتجاه قاعدة عين الأسد في الأنبار، مضيفا أن «مئات الصواريخ كانت جاهزة للإطلاق». وأصر على وقوع عشرات القتلى والجرحى في صفوف القوات الأميركية رغم أنه «لم نكن نسعى وراء قتل أحد في هذه العملية»، مشيرا إلى «تورط» أربع قواعد أميركية هي التاجي وعين الأسد في العراق وشهيد معفر في الأردن وعلي السالم في الكويت.
وكان حاجي زاده يتحدث أمس في مؤتمر صحافي بطهران وسط أعلام الميليشيات المتعددة الجنسيات، التي تحظى برعاية إيرانية، وتخوض معارك تحت لواء «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، وذلك في مشهد غير مألوف، يدل على السيناريو المتوقع بعد الرد الصاروخي على القاعدتين الأميركيتين.
وبث التلفزيون الإيراني مشاهد من المؤتمر الصحافي في طهران. ويظهر خلف حاجي زاده أعلام ميليشيا «فاطميون» الأفغانية و«الحشد الشعبي» العراقي والميليشيات الحوثية وجماعة «حزب الله» اللبنانية وحركة «حماس»، إضافة إلى ميليشيا «زينبيون» التي تضم مقاتلين من الجنسية الباكستانية.
واقتبس القيادي عبارة سابقة من المرشد الإيراني علي خامنئي، للقول إن العملية الصاروخية ضد قاعدة عين الأسد في الأنبار «تظهر أن زمن الإفلات من العقاب قد ولى»، مضيفاً أن «ما يحدث في المنطقة اليوم يظهر هذه الحقيقة».
وحاول قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، أن يوجه رسالة للرأي العام الإيراني الذي بدا منقسماً بين الإشادة والسخرية حول خطوة «الحرس»، عقب هدوء الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وقال ترمب إن إيران «تتراجع» فيما يبدو، عقب الهجمات الصاروخية التي لم تلحق ضرراً بالقوات الأميركية في العراق.
وتراجعت المخاوف من نشوب حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، بعد كلمة لترمب أحجم فيها عن الأمر بعمل عسكري آخر. لكن لم تتضح الخطوة التالية لأي من الطرفين. وقال ترمب للأميركيين: «حقيقة امتلاكنا لهذا الجيش العظيم وهذه المعدات لا تعني أنه يتعين علينا استخدامها. لا نريد استخدامها».
لكن حاجي زاده خاطب الإيرانيين، قائلاً: «لقد سمعتم في فترات مختلفة تصريحات من قادة ومسؤولين في القوات المسلحة بشأن بلوغ إيران مستوى من القدرات لا يمكن للأعداء تهديدنا». وأضاف: «لم نكن نسعى وراء قتل أحد في هذه العملية لكن على أي حال خلفت عشرات القتلى وحرج كثيرون»، معرباً عن ثقته بـ«تسريب» الإحصائية لاحقاً.
وقال القائد الجديد لـ«فيلق القدس» إسماعيل قاآني إنه سيواصل السير على النهج الذي حدده سلفه سليماني الذي قُتل في ضربة جوية بطائرة مسيرة أميركية الأسبوع الماضي.
وعلى هامش مراسم تأبين، برعاية المرشد الإيراني علي خامنئي، وحضره كل أركان النظام وممثلون من الميليشيات المتحالفة مع طهران، قال قاآني: «سنواصل على هذا الطريق المنير بقوة»، مشيراً إلى أن الهجوم الصاروخي الذي نفذته إيران على أهداف أميركية في العراق سيؤدي في نهاية المطاف إلى طرد الولايات المتحدة من المنطقة.
أما القيادي في «الحرس الثوري» عبد الله عراقي، فقال إن بلاده ستنفذ «انتقاماً أشد قريباً» بعد هجماتها الصاروخية على أهداف في العراق.
ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس» عن علي فدوي نائب قائد «الحرس الثوري» قوله إن الهجمات الصاروخية الإيرانية على أهداف أميركية كانت بمثابة استعراض للقوة العسكرية، وإن القوات الأميركية «لم تستطع أن تحرك ساكناً».
وتناقضت مواقف قادة «الحرس الثوري»، مع رسائل أميركية للتهدئة. كما تتعارض مع ما قاله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأربعاء عن أن طهران لا تريد تصعيداً.
وأفادت «رويترز» نقلاً عن محللين بأن إيران على الرغم من التصريحات النارية للعسكريين والساسة أرادت تجنب نشوب حرب مع القوات الأميركية الأكثر تفوقاً، رغم أن لديها قوات في مختلف أرجاء المنطقة يقولون إنها تستخدمها في حروب بالوكالة.
في هذا الصدد، قال أعلن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إنّ الولايات المتحدة تلقت معلومات استخبارية «مشجّعة» تفيد بأن إيران أمرت الميليشيات الموالية لها بعدم استهداف المصالح الأميركية.
وردّاً على سؤال عمّا إذا كان متخوّفاً من هجمات قد تنفّذها ميليشيات تابعة لإيران، قال بنس في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» الأميركية: «بصراحة، نحن نتلقّى بعض المعلومات الاستخبارية المشجّعة بأنّ إيران ترسل رسائل إلى تلك الميليشيات ذاتها لعدم استهداف أهداف أو مدنيين أميركيين، ونأمل أن يستمر صدى هذه الرسالة بالتردّد».
تزامناً مع ذلك، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، أول من أمس، إن الولايات المتحدة «استعادت مستوى من الردع» بمواجهة إيران. وتابع إسبر إنّه «بالضربات التي نفّذناها ضدّ كتائب (حزب الله) في أواخر ديسمبر (كانون الأول) ثم بعمليتنا ضدّ سليماني، أعتقد أننا استعدنا مستوى من الردع معهم»، مضيفاً: «لكنّنا سنرى. المستقبل سيخبرنا». لكنّ الوزير لم يستبعد أن تشنّ ميليشيات، «سواء أكانت تقودها إيران مباشرة أم لا»، مزيداً من الهجمات ضدّ القوات الأميركية في العراق.
وأكّد إسبر أنّه سيتعين على القوات الأميركية «الردّ بحزم لضمان الحفاظ على هذا المستوى من الردع».
بالمقابل، بدا رئيس هيئة الأركان الأميركية، الجنرال مارك ميلي، أكثر تحفّظاً من إسبر بشأن الأثر الرادع لاغتيال سليماني. وقال: «أعتقد أنّه من السابق لأوانه قول ذلك»، مشيراً إلى أنّ الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران على قواعد يتمركز فيها جنود أميركيون في العراق كانت قصفاً «هدفه القتل».
وأوضح رئيس الأركان الأميركي أنّ طهران أطلقت 16 صاروخاً باليستياً من 3 مواقع في إيران، أصاب 11 صاروخاً منها القاعدة الجوية في عين الأسد (غرب) وصاروخ واحد قاعدة حرير في أربيل (شمال)، في حين فشلت الصواريخ الأربعة المتبقية.
وأظهرت صور بالأقمار الصناعية لقاعدة الأسد قبل وبعد الهجوم أضراراً شملت حظائر طائرات. لكن محللين قالوا إن الصور لا تكشف كثيراً عن دقة أو فعالية تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية.
وأضاف الجنرال ميلي: «أعتقد أن هدفها كان التسبب بأضرار هيكلية، وتدمير مركبات ومعدات وطائرات، والقتل». واعتبر رئيس الأركان أنّ واقع عدم تسببها بإصابات بشرية «مرتبط بالأساليب الدفاعية التي استخدمتها قواتنا أكثر من ارتباطه بنيّة» إيران.
وفي وقت سابق، رفضت إيران دعوة ترمب لاتفاق نووي جديد. وفيما بدا أنه أول رد فعل رسمي من إيران على خطاب ترمب بعد هجوم صاروخي إيراني، نقلت «رويترز» عن سفير طهران لدى الأمم المتحدة، مجيد تخت روانتشي، قوله: «لا يمكن تصديقها» في ظل عقوبات أميركية على إيران، متهماً واشنطن بـ«بدء سلسلة جديدة من التصعيد والعداء تجاه إيران» بقتل سليماني.
جاء ذلك بعد تصاعد التوترات على مدى شهور، منذ أن انسحب ترمب عام 2018 من الاتفاق النووي، وأعاد فرض العقوبات التي قلصت صادرات إيران النفطية، وأدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.
ويريد ترمب توقيع اتفاق يتضمن قيوداً جديدة على البرنامج النووي، إضافة إلى وقف تهديداتها الإقليمية وبرنامج الصواريخ الباليستية.



تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا تؤكد أن هدفها الاستراتيجي في سوريا هو القضاء على «الميليشيا الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم أمس (الجمعة)، إن القضاء على الميليشيا الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة هو «الهدف الاستراتيجي» لبلاده، ودعا أعضاء الميليشيا إلى مغادرة سوريا أو إلقاء السلاح.

وفي مقابلة مع قناة «إن تي في» التركية، دعا فيدان أيضاً حكام سوريا الجدد -المعارضة المسلحة التي اجتاحت دمشق والمدعومة من أنقرة- إلى عدم الاعتراف بالميليشيا، المعروفة باسم «وحدات حماية الشعب».

يذكر أن المجموعة متحالفة مع الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لكن تركيا تعتبرها «منظمة إرهابية» وتهديداً أمنياً.

وقال فيدان «يجب على أعضاء وحدات حماية الشعب غير السوريين مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن... يجب على مستوى القيادة بوحدات حماية الشعب بأكمله مغادرة البلاد أيضاً... بعد ذلك، يجب على من يبقوا أن يلقوا أسلحتهم ويواصلوا حياتهم».

وأكد وزير الخارجية التركي أن بلاده أقنعت روسيا وإيران بعدم التدخل عسكرياً في سوريا خلال هجوم الفصائل المعارضة الذي أدى إلى إسقاط بشار الأسد.

وقال فيدان، إن «الأمر الأكثر أهمية قضى بالتحدث إلى الروس والإيرانيين والتأكد من أنهم لن يتدخلوا عسكرياً في المعادلة. تحدثنا إلى الروس والإيرانيين وقد تفهموا».

وأضاف: «بهدف الإقلال قدر الإمكان من الخسائر في الأرواح، جهدنا لتحقيق الهدف من دون سفك دماء عبر مواصلة مفاوضات محددة الهدف مع لاعبَين اثنين مهمين قادرين على استخدام القوة».

واعتبر الوزير التركي أنه لو تلقّى الأسد دعم روسيا وايران، لكان «انتصار المعارضة استغرق وقتاً طويلاً، وكان هذا الأمر سيكون دموياً».

وأضاف: «لكنّ الروس والإيرانيين رأوا أنّ هذا الأمر لم يعد له أيّ معنى. الرجل الذي استثمروا فيه لم يعد يستحق الاستثمار. فضلاً عن ذلك، فإن الظروف في المنطقة وكذلك الظروف في العالم لم تعد هي نفسها».

وإثر هجوم استمر أحد عشر يوما، تمكنت الفصائل السورية المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام الأحد من إسقاط الأسد الذي فر إلى روسيا مع عائلته.