مساعٍ تركية ـ عراقية لتهدئة التوتر بين إيران والولايات المتحدة

خبير قانوني يدعو لمقاضاة إيران دولياً لقصفها أراضي بلد ذي سيادة

وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في بغداد أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

مساعٍ تركية ـ عراقية لتهدئة التوتر بين إيران والولايات المتحدة

وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في بغداد أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في بغداد أمس (إ.ب.أ)

أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن الرئيس رجب طيب إردوغان وجهه لزيارة بغداد بهدف التأكيد على دعم تركيا للعراق، وذلك عقب لقائه رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي ووزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم. وقال بيان لمكتب عبد المهدي أمس الخميس إن «عبد المهدي استقبل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو»، مبيناً أن «أوغلو نقل تحيات القيادة التركية لرئيس مجلس الوزراء ودعمها لأمن العراق واستقراره وسيادته الوطنية».
وأكد أوغلو خلال البيان أن «الرئيس التركي وجهه بزيارة بغداد بهدف التأكيد على الدعم التركي للعراق والوقوف معه حكومة وشعبا»، مشددا «على أن تركيا تقدّر موقف الحكومة العراقية الساعي لإبعاد الساحة العراقية عن الصراعات الدولية وحرصها على حفظ السلام والاستقرار وتجنيب دول المنطقة مخاطر الحروب، وأهمية تعاون البلدين في هذا المجال».
من جهته، عبر عبد المهدي عن ترحيبه بهذه الزيارة مؤكدا أن «أمن المنطقة وحفظ مصالحها مسؤولية جميع دولها، وأن الحكومة العراقية ملتزمة بموقفها وسياستها الثابتة بإقامة علاقات متوازنة بما يحفظ مصالح البلاد وسيادتها الوطنية، ومع دول الجوار ومحيطها الإقليمي والدولي وعدم الدخول في سياسة المحاور»، لافتاً إلى أن «تحقيق السلم والتهدئة من مصلحة الجميع». وأوضح البيان أن الجانبين بحثا «تطورات الأزمة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية». في الوقت نفسه أعلن الرئيس العراقي برهم صالح رفض مبدأ الحرب بالوكالة أو أن يكون العراق منطلقاً لأي اعتداء على أي بلد مجاور. وقالت الرئاسة العراقية إن «الرئيس صالح أكد خلال لقائه وزير الخارجية التركي على أهمية العمل والتنسيق المشترك لتجنيب العراق والمنطقة الصراعات والحروب، ورفض مبدأ الحرب بالوكالة، وأن يكون العراق منطلقاً لأي اعتداء على أي بلد مجاور».
كما شدد صالح، على «ضرورة توحيد الجهود الرامية بين جميع الأطراف لمعالجة الأزمات الحالية وضبط النفس والتهدئة من أجل أن تنعم شعوب المنطقة بالاستقرار والأمن والرفاهية». وأشار الوزير التركي من جهته إلى «ضرورة تخفيف التوتر المتصاعد والركون إلى الحوار البنّاء للتعامل مع الأوضاع الحسّاسة التي تمر بها المنطقة حالياً». وفي هذا السياق قال حسن توران نائب رئيس الجبهة التركمانية في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تركيا تعمل على خفض حدة التوتر في المنطقة حيث قامت بالاتصال مع مختلف الأطراف من أجل هذا الهدف»، مبيناً أن «زيارة وزير الخارجية التركي ولقاءه بالرئاسات الثلاث يمكن أن تسهم في حلحلة الأزمة بين إيران وأميركا مع محاولة تقليل آثارها السلبية على الوضع العراقي وكذلك الأوضاع في المنطقة».
وحول أهمية إشراك العراق في المبادرة التركية قال توران إن «إشراك العراق أمر مهم حتى لا يتحول إلى ساحة لتصفية الصراعات بين الطرفين ولأن أي إخلال بأمنه سينعكس بالضرورة على أمن المنطقة». من جانبه، قال الخبير القانوني العراقي طارق حرب إن «اعترافات» أحد الباحثين باستخدام إيران صواريخ ملوثة في قصفها للأراضي العراقية «جريمة دولية» توجب على الجهات ذات العلاقة إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية. وكان الباحث في الشأن السياسي الإيراني سعيد شاوردي، قال في لقاء على إحدى القنوات الفضائية العراقية، إن «قوات الجوفضائي في الحرس الثوري الإيراني كشفت عن تركيب رؤوس انفجارية خاصة في الصواريخ التي أطلقت على العراق، لتلوث أكبر قدر ممكن من المكان الذي تسقط فيه» على حد تعبيره.
وقال حرب في تصريحات صحافية إن «ما أقدمت عليه إيران من إطلاق صورايخ باليستية على أراضي بلد ذي سيادة يعتبر خرقاً وجريمة دولية وينبغي على العراق أن يشكو إيران لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لكونها جعلت من العراق مكانا لمعركتها مع أميركا»، مضيفاً أن «العراق لا ناقة له ولا جمل في تلك الصراعات». وأضاف حرب أن «خبيرا سياسيا إيرانيا تحدث في إحدى القنوات الفضائية العراقية، بأن إيران اعترفت باستخدام رؤوس ملوثة ومحرمة دولياً في الصواريخ التي أطلقتها على العراق، وهذا يزيد خطورة المشهد ويستوجب موقف أشد قوة من العراق».
ولفت إلى أن «العراق ينبغي عليه رفع دعوى للمحكمة الجنائية الدولية إضافة إلى مفاتحة مجلس الأمن لمحاكمة من تورط في تلك الجريمة والاعتداء على العراق». وأكد حرب أن «الجهات المعنية في الحكومة العراقية أصبحت ملزمة قانونيا باتخاذ جميع الإجراءات للتعامل مع هذه الاعترافات على أنها إخبار بوجود خرق للقوانين الدولية باستخدام أسلحة محرمة دولية وهي جريمة تستوجب إحالتها للمحكمة الجنائية الدولية كما أن مجلس الأمن وضمن ميثاقه الأممي يوجب عليه التحقيق في هذه المعلومات واتخاذ كل ما يلزم لحماية الشعب العراقي ومحاسبة من أضر بالعراق». وقال مساعد وزير الدفاع الأميركي، جوناثان هوفمان، في بيان صادر عن البنتاغون إن «إيران أطلقت أكثر من 12 صاروخاً من أراضيها استهدفت قاعدتين تستضيفان قوات أميركية في العراق، على الأقل».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.