إسرائيل تبدأ الضمّ العملي لأجزاء من الضفة وغور الأردن

غور الأردن (وفا)
غور الأردن (وفا)
TT

إسرائيل تبدأ الضمّ العملي لأجزاء من الضفة وغور الأردن

غور الأردن (وفا)
غور الأردن (وفا)

كشف وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بنيت، في تصريحات له أمس الخميس، أن أول عمل قام به عندما تولى منصبه قبل ثلاثة شهور، هو تشكيل هيئة تعمل على تعزيز الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمصنفة كمنطقة «ج»، في الضفة الغربية، واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تمهد لضم تلك المناطق لإسرائيل بشكل عملي.
وقال بنيت إن هذه الهيئة، التي أسماها «دائرة ترسيخ السيادة الإسرائيلية على المنطقة ج»، اجتمعت خمس مرات في الأسابيع الأخيرة، ووضعت الأسس لعملها. وفي يوم أمس، الخميس، أعلن بنيت أنه قرر تعيين «رئيس مميز» لهذه الهيئة، هو كوبي أليراز، الذي شغل منصب مساعد وزير الدفاع لشؤون الاستيطان طيلة خمس سنوات ماضية (بدأ في عهد موشيه يعلون واستمر في عهد أفيغدور ليبرمان، لكن بنيامين نتنياهو أقاله في يونيو (حزيران) الماضي من دون تفسير). وأليراز هو بنفسه مستوطن، وعرف بدفعه العديد من المشاريع الاستيطانية. وقد صرح حال تعيينه إنه يعتبر هذه الوظيفة «مقدسة لأنها تعني إنقاذ الأرض اليهودية من إرهاب البناء الفلسطيني».
ورحب قادة الاستيطان اليهودي بهذا التعيين. وقال رئيس مجلس مستوطنات جبل الخليل، يوحاي دماري، إن «الوزير بنيت يستحق كل التقدير على قراره هذا، لأن هناك هجمة فلسطينية علنية على هذه الأراضي أقرتها الحكومة الفلسطينية بدعم من دول أوروبا». وأضاف: «أنا منذ انتخابي لمنصبي أدير معركة ضد إرهاب البناء الفلسطيني في منطقة الخليل وأشعر بأن هذه معركة استراتيجية لحماية أرض إسرائيل. فالفلسطينيون بادروا إلى هذه الحرب، ويجب أن ننتصر عليهم فيها».
وقال بنيت من جهته، إن «سياسة دولة إسرائيل هي أن مناطق (ج) تابعة لها. والحكومة تفعل كل شيء لدعم البناء الإسرائيلي في هذه المناطق تمهيدا لضمها. فهذا الضم يجب أن يكون عمليا، نشاهده على الأرض وليس فقط في القرارات والتصريحات».
ومن أبرز القرارات التي اتخذتها هيئة الضم المذكورة، حسب مصادر مقربة من الوزارة، تسريع الإجراءات القانونية لإعلان الضم، حتى خلال فترة الانتخابات البرلمانية، ومنح تصاريح للمستوطنين لشراء قطع أراض في الضفة وتسجيلها في دائرة الطابو الإسرائيلية، منح الشرعية القانونية الإسرائيلية لنحو 30 بؤرة استيطان قائمة من دون تراخيص والبدء بذلك عن طريق ربط البؤر الاستيطانية «غير القانونية» بشبكة المياه والكهرباء والمجاري، وإلغاء أوامر الهدم الصادرة بحق البيوت فيها، ومنع إخلاء مستوطنين استولوا على أراض فلسطينية خاصة ولم تقدم ضدهم شكاوى بهذا الشأن.
وقد انتهز الوزير بنيت فرصة إعلان قراره، أمس، ليشيد بتصريحات السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، من يوم الأول من أمس الأربعاء، الذي أكد أن الإدارة الأميركية، وبعد الاعتراف بضم القدس الشرقية لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، والاعتراف بضم مرتفعات الجولان السورية، قررت التعاطي مع قضية يهودا والسامرة، وهي الأصعب والأكثر تعقيدا من بين القضايا، بسبب التجمع السكاني الفلسطيني الكبير فيها، ولكننا نؤمن بأنها تابعة لإسرائيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».