المجتمع الدولي ينتقد تعثر تشكيل الحكومة

TT

المجتمع الدولي ينتقد تعثر تشكيل الحكومة

استغرب ممثلو «المجموعة الدولية لدعم استقرار لبنان السياسي» المعتمدون لدى لبنان عدم تأثر القوى السياسية بالدعوة العلنية لها بالكف عن العراقيل التي حالت حتى الآن دون تشكيل الحكومة. وأوحى أحد السفراء الأوروبيين أن هناك مهلة أسبوعين يعطيها المجتمع الدولي لتشكيل الحكومة وإلا فسيكون هناك موقف آخر لم يكشف عن طبيعته لكن من المحتم أنه سيكون سلبيا.
وشرح سفير دولة كبرى عضو في «المجموعة» لـ«الشرق الأوسط» الانزعاج الدولي من استمرار حالة المراوحة في إنجاز تشكيل الحكومة وقال إن سببه هو «الاستخفاف بالموقف العلني الذي أبلغه المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش إلى رئيس الجمهورية ميشال عون بضرورة تشكيل الحكومة نظرا إلى الأوضاع الداخلية المتردية والأوضاع غير المستقرة في المنطقة على الأخص التوتر بين واشنطن وطهران».
ولفت السفير إلى أن كوبيتش خرج عن صمته عندما وجد أنه كلما طالب بالإسراع في تشكيل الحكومة برزت عقبات وهذا ما دفعه إلى التشدد في التعبير عن انزعاجه فقال: «إن إبقاء لبنان من دون حكومة فعالة وذات مصداقية هو عمل غير مسؤول بشكل متزايد».
وبرّر المسؤول الدولي بصفته عضواً في المجموعة الدولية إلحاحه على ضرورة الإسراع في التأليف بأن التطورات في المنطقة تستدعي ذلك مثل المواجهة بين أميركا والعراق نتيجة اغتيال قاسم سليماني في بغداد والرد الإيراني على ذلك بقصف قاعدة عين الأسد.
وأضاف السفير أن المجموعة الدولية تدعو ضمنا ومن دون أن تسميها الفاعليات السياسية إلى التخلي عما تعتبره حصصها في عملية التشكيل لأنه لم يعد من الجائز تعريض البلاد إلى مزيد من التدهور النقدي والاقتصادي والخلل في الأمن الاجتماعي كظاهرة تفشي السرقة من داخل المنازل ومن الطرقات وبقوة السلاح. كما أن أهل السلطة لا يأخذون في الاعتبار ما حققته الثورة.
وقيل للسفير إن موقف كوبيتش هو تدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، فأوضح أن المنسق الخاص للأمم المتحدة يمثل المنظمة الدولية التي هي عضو في المجموعة الدولية التي كانت قد تشكلت منذ أكثر من ثماني سنوات من أجل دعم لبنان سياسيا وأمنيا. وتتابع هذه اللجنة مهمتها بواسطة سفراء الدول الخمس ذات العضوية الدائمة لدى مجلس الأمن المقيمين في بيروت ومن بينهم أيضا ألمانيا وإيطاليا والأمين العام للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».