نواب طرابلس يشترطون استبعاد حفتر من «أي مفاوضات» لوقف الحرب

TT

نواب طرابلس يشترطون استبعاد حفتر من «أي مفاوضات» لوقف الحرب

أبدت حكومة «الوفاق» الليبية وجميع مؤسساتها في العاصمة طرابلس، موافقتها بالدعوة الروسية - التركية لوقف الحرب الدائرة في العاصمة منذ أكثر من تسعة أشهر. لكن هذا الترحيب جاء في مجمله «مشروطاً» باستبعاد المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، من أي عملية سياسية يتم الاتفاق عليها، بينما لم يعلن «الجيش الوطني» عن موقفه بعد.
يأتي ذلك وسط إعلان «الكتيبة 604 مشاة مصراتة» انضمامها إلى «الجيش الوطني»، بعد اتهامها بـ«الغدر والخيانة» مما سمتهم «أذناب الإخوان» بالمدينة.
وفور دعوة الرئيسيين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب إردوغان خلال اجتماعهما في إسطنبول أول من أمس لطرفي الحرب في طرابلس بوقف القتال، ابتداء من الأحد المقبل، سارع المجلس الرئاسي بالموافقة على الهدنة. لكن أعضاء مجلس النواب الموالين له أعلنوا تمسكهم بضرورة استبعاد القائد العام للجيش من أي عملية تفاوض قد تجري في المستقبل، ورأوا أن حل الأزمة الليبية «لا يأتي إلا عبر المسار السياسي»، مشددين على أنه «لا يمكن للطرف الذي أشعل الحرب في الرابع من أبريل (نيسان)، وأحدث كل هذا الدمار في الأرواح والممتلكات، عندما كان قاب قوسين أو أدنى من الحل، أن يكون طرفاً في أي عملية سياسية مستقبلاً».
وسبق للمبعوث الأممي الدكتور غسان سلامة أن قطع شوطاً كبيراً لجمع الأفرقاء السياسيين في مؤتمر (وطني جامع) بمدينة غدامس (وسط غربي) في 14 أبريل الماضي، لكن اندلاع الحرب على طرابلس اضطره إلى إرجاء الاجتماع إلى «أجل غير مسمى».
وانشق قرابة 120 نائباً عن مجلس النواب المنعقد في طبرق، اعتراضا على القرار الذي اتخذه حفتر بالحرب على طرابلس، وبدأوا في تنظيم اجتماعات موازية في طرابلس، لكن برلمان طبرق أصدر قراراً بفصلهم.
ورأى المحلل السياسي الليبي عبد العظيم البشتي أن اشتراط نواب طرابلس «مجرد كلام، والواقع أن حفتر، اختلفنا أو اتفقنا معه، حجز مكاناً في المشهد السياسي الليبي، وهذا حقه، والمرفوض هو الحكم العسكري».
وأضاف البشتي «أن الحرب لن تحل الأزمة الليبية مطلقاً، ونتمنى وقفها»، مشدداً على أن الحل «لن يأتي إلا بالحوار مهما كانت صعوبته وتعقيداته، لكن أي وقف للحرب، وإن كان هدنة مؤقتة، فهو جيد ويمكن أن يتيح المجال لهدنة طويلة، أو حتى لوقف دائم للحرب، وهذا ما نتمناه».
وكان بوتين وإردوغان دعيا في إسطنبول مساء أول من أمس، إلى إعلان هدنة ابتداء من ليلة «السبت - الأحد» المقبلة مع تكليف وزراء الخارجية والدفاع في البلدين بمواصلة الاتصالات مع الأطراف لتحقيق ذلك.
في المقابل، اشترط المجلس الأعلى للدولة هو الآخر «ضرورة التزام أي دعوة لحوار سياسي بما ينص عليه الاتفاق السياسي»، وهو المطلب الذي يراه مجلس النواب في طبرق غير ملزم، بعدما سحب تصديقه على اتفاق «الصخيرات» الذي أنتج مجلس الدولة.
وقال «الأعلى للدولة» في بيان إنه يجدد حرصه على «أي مبادرة تحقن دماء الليبيين وتوقف الحرب، على ألاّ تشكل أي تهديد لما سماه (الجيش الليبي) والقوات المساندة له». في إشارة إلى قوات «الوفاق» والميلشيات المساندة له.
في سياق ذي صلة، دفعت الخلافات التي أسست لها ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين في مصراتة الكتيبة (604 مشاة) إلى الانشقاق عن قوات السراج، وإعلان انضمامها لـ«الجيش الوطني»، عقب اتهامها بـ«الغدر والخيانة، وبيع سرت» من طرف ميليشيات موالية لـ«الإخوان».
ودافع عبد الحميد رجب في كلمة مسجلة عن الكتيبة، التي يتولى قيادتها، وقال إن كل ما قيل من قبل بعض قيادات مصراتة عن خيانة الكتيبة للعهد كذب وتزوير للحقائق. وذهب إلى أنها التزمت بالعهد، الذي تم عقده مع (قوة حماية سرت) منذ انتهاء عملية (البنيان المرصوص) في عام 2016 حتى انسحاب آخر سيارة من القوة، رغم خيانة العهد مرات عدة من بعض قيادات وأفراد قوة الحماية الذين وصفتهم بأنهم «أذناب الإخوان».



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.