{تضاعف} جهود الإفراج عن مروان البرغوثي

تعويل على دوره {منقذاً محتملاً} إذا ساءت الأمور في مرحلة ما بعد عباس

القيادي في {فتح} مروان البرغوثي يتحدث إلى الإعلام أثناء محاكمته بتل أبيب في 2002 (غيتي)
القيادي في {فتح} مروان البرغوثي يتحدث إلى الإعلام أثناء محاكمته بتل أبيب في 2002 (غيتي)
TT

{تضاعف} جهود الإفراج عن مروان البرغوثي

القيادي في {فتح} مروان البرغوثي يتحدث إلى الإعلام أثناء محاكمته بتل أبيب في 2002 (غيتي)
القيادي في {فتح} مروان البرغوثي يتحدث إلى الإعلام أثناء محاكمته بتل أبيب في 2002 (غيتي)

قال مصدر فلسطيني مطلع إن جهود الإفراج عن الأسير مروان البرغوثي تضاعفت في الفترة الأخيرة لكن من دون وجود اختراق حتى اللحظة.
وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «توجد جهود قديمة جديدة؛ من قبل الرئيس محمود عباس، وأيضاً جهات إقليمية ودولية؛ أهمها مصر». وتابع حديثه: «الرئيس عباس يضغط باعتبار ذلك واجباً ولما يمثله من قوة لـ(حركة فتح). (حماس) تريده أيضاً باعتباره إنجازاً كبيراً. لكن مصر ترى فيه حلاً أمثل للمستقبل».
وأردف: «مصر حاولت وتحاول باعتبار الرجل يمثل قاسماً مشتركاً... أولاً يمكن أن يكون الأنسب لمرحلة ما بعد الرئيس عباس، وثانياً لأنه يحظى بقبول كبير داخل (فتح) وأيضا لدى (حماس)، ويمكن أن يساهم بشكل كبير في إنهاء الانقسام». ويعتقد كثير من المراقبين أن البرغوثي قد يكون منقذاً إذا ما ساءت الأمور في مرحلة ما بعد عباس. وكان مسؤول في «حركة فتح» أكد في وقت سابق أن مصر تبدي رغبة «كبيرة» في الإفراج عن البرغوثي.
وقال القيادي في «حركة فتح» حاتم عبد القادر، إن «مصر تشجع بشدة الإفراج عن مروان البرغوثي وإدراجه في أي صفقة مقبلة». وأضاف أن «المسؤول السابق عن المخابرات المصرية، عمر سليمان، بذل جهوداً للإفراج عن مروان في الصفقة الماضية، والمخابرات لا يزال موقفها ثابت ولديها رغبة كبيرة في الإفراج عنه».
والبرغوثي هو عضو اللجنة المركزية لـ«حركة فتح» ومعتقل في السجون الإسرائيلية منذ 14 أبريل (نيسان) 2002 بتهمة قيادة وتوجيه «كتائب شهداء الأقصى» الذراع المسلحة لـ«حركة فتح».
وحكمت إسرائيل على البرغوثي بالسجن لمدة 5 مؤبدات و40 عاماً. واعتقاله الطويل على خلفية قيادته العمل المسلح خلال الانتفاضة الثانية، حوّله إلى رمز داخل «حركة فتح». وحصل البرغوثي في المؤتمر السابع للحركة على أعلى الأصوات؛ 930 صوتاً من أصل نحو 1100 صوت، في استفتاء على الحضور الذي يحظى به داخل الحركة.
ورشح فتحاويون البرغوثي ليصبح نائباً للرئيس عباس حتى وهو داخل سجنه، لكن عباس عين محمود العالول نائباً له في قيادة الحركة من دون أن يشمل ذلك السلطة الفلسطينية. وأغضب عدم اختيار البرغوثي لأي منصب داخل «مركزية فتح» كثيرين من أنصاره الذين روجوا طويلاً لأحقيته في منصب نائب الرئيس.
وكان مناصرو مروان يعتقدون أن اختياره لمنصب نائب الرئيس سيعزز الضغوط من أجل إطلاق سراحه. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن اسم مروان طرح فعلاً أثناء مناقشات اختيار نائب للرئيس داخل اجتماعات «المركزية»، لكن أعضاء في اللجنة اعترضوا بشدة على اختياره، ولم يوافقوا لأسباب مختلفة، بينها أن الفكرة غير عملية لأنه معتقل.
وذهب عباس إلى هذه الترتيبات التي تبعتها أيضاً انتخابات في منظمة التحرير وحل المجلس التشريعي الفلسطيني، لتفويت أي فرصة على أعدائه داخل «حركة فتح»؛ وأبرزهم القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، وكذلك خصومه السياسيين وأبرزهم «حركة حماس»، للانقضاض على الموقع الأهم في السلطة إذا ما حدث فراغ ما.
وقد استشعر الرئيس الفلسطيني الخطر الداهم بعد تدخلات إقليمية في الشأن الفلسطيني، لكن كل ذلك لم يشمل حتى الآن اسماً متفقاً عليه لخلافته، بل أثارت الفكرة وخلافات حدثت مؤخراً داخل اللجنة الأهم في الحركة «المركزية» قلق الفتحاويين.
وانقسم قياديون بارزون في «فتح» بشكل حاد، آثار مخاوف حول مستقبل الحركة. وفي خضم هذا الخلاف، التقى الرئيس عباس ومسؤولون في «فتح» فدوى البرغوثي زوجة الأسير مروان، التي هي أيضاً عضو مجلس ثوري لـ«حركة فتح» وحصلت كذلك على أعلى الأصوات أثناء الانتخابات التي شهدها المجلس.
وقال مراقبون إن اللقاء جرى في ظل حالة الاستقطابات الحادة داخل الحركة. لكن مسؤولاً في الحركة قال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يوجد خوف على الحركة. وأضاف: «تعودت (فتح) على وجود خلافات، لكنها موحدة دائماً... لطالما توحدت في وجه أي خطر». وأردف: «صحيح أنه لا يوجد خليفة واضح للرئيس عباس، لكن لا توجد حاجة ملحة لحسم ذلك الآن. وعندما تجري انتخابات فسنرى كيف تسير الأمر».
وتابع: «لدينا تجربة أصعب مع الرئيس الراحل ياسر عرفات. كان الجميع يعتقد أنه لا يمكن الاتفاق على خليفته، لكن (فتح) توحدت واتفقت بسهولة». وأضاف متابعاً: «(فتح) واعية للمرحلتين الحالية والمقبلة وقد قادت النضال الفلسطيني منذ 55 عاماً. لا شيء يدعو للقلق». وأكد المسؤول أن إخراج مروان من السجن هو «مبتغى الجميع. لكن أولاً يجب أن يخرج، قبل مناقشة أي شيء آخر».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».