عمدة الحي المالي في لندن: لا شيء يستحيل تحقيقه مع الرباط

أكد خبراء في قطاع المال والأعمال على أهمية المغرب كبوابة اقتصادية ومالية للقارة الأفريقية، في مؤتمر انعقد أول من أمس الأربعاء في العاصمة البريطانية. واهتم المؤتمر المنظم برعاية من السفارة المغربية في لندن، بالدور المالي والاقتصادي الذي يلعبه المغرب في تسهيل ولوج المؤسسات البريطانية، من القطاعين العام والخاص، إلى أفريقيا.
وتميز المؤتمر بمشاركة نخبة سياسية واقتصادية، من الجانبين المغربي والبريطاني، وتطرق إلى ثلاثة محاور جوهرية، مالية وصناعية وطاقية.
وفي غضون ذلك، دعت فيونا وولف، عمدة الحي المالي بلندن، في مستهل مؤتمر «المغرب.. بوابة أفريقيا الاقتصادية»، إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي بين المغرب وبريطانيا، واستفادة الشركات البريطانية من موقع المغرب الاستراتيجي وعلاقاته الجهوية وفرص الاستثمار التي يوفرها. وأضافت وولف أن 800 سنة من العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين المملكتين خير دليل على أنه «لا شيء يستحيل تحقيقه بين الرباط ولندن».
وأفاد الخبراء المشاركون في المؤتمر بأن المغرب يعد بمثابة محطة جوهرية لكل من أراد الاستثمار في القارة الأفريقية. وقال مصطفى التراب، المدير العام للمكتب المغربي للفوسفات، إن الاقتصاد الأفريقي على عكس ما يعتقده البعض لا يرتكز على الأنشطة الاستخراجية فحسب، بل يسير نحو بناء استراتيجية متماسكة تهدف إلى استغلال الإمكانيات المتاحة والرفع من القيمة المضافة لمختلف القطاعات. وأضاف التراب «تعتمد استراتيجية المغرب في القارة الأفريقية على مبدأ الشراكة، وتهدف إلى دعم انتقال الاقتصادات الأفريقية من مرحلة الاتّكال على تصدير المواد الخامة إلى بناء اقتصادات نشيطة ومستدامة. وتتطلب عملية الانتقال هذه عددا من الشروط، أهمها الإبداع التكنولوجي، وتطوير خدمات وأدوات مالية ملائمة، وتشجيع تنمية قطاع الطاقات المتجددة».
وأكد لورد شارمان، المبعوث الخاص لرئيس الوزراء البريطاني للتجارة مع المغرب، أن القطب المالي للدار البيضاء منصة استراتيجية وأساسية للولوج إلى أفريقيا الغربية على وجه الخصوص. وتتمتع المملكة البريطانية ونظيرتها المغربية بعلاقات دبلوماسية واقتصادية قوية، تُوّجت في شهر يونيو (حزيران) الماضي بثلاث اتفاقيات محورية بين القطب المالي للدار البيضاء وبورصة لندن.
وأشاد محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية المغربي، بالتقدم الذي أحرزه القطاع المالي المغربي في السنوات الماضية، من حيث تعزيز الاستقرار المالي والرقابة الاقتصادية وتقديم أدوات مالية جديدة في قطاعات التمويل من جهة، ووضع مؤسسات تنظيمية للسوق المالية، اعتمادا على تجربة البورصة البريطانية، من جهة أخرى.
فضلا عن ذلك، اعتمد المغرب استراتيجية مالية ثلاثية المحاور، المحول الأول بها محلي شمولي يهدف إلى استفادة المواطنين والشركات الصغيرة والمتوسطة من آليات التمويل الصغير، والثاني جهوي يعتمد على تعميق الشراكة الاقتصادية «جنوب - جنوب»، أما الأخير فدولي ويسعى إلى تسهيل استثمار المؤسسات الأجنبية في القارة الأفريقية في القطاعات المصرفية والتأمين والاتصالات وغيرها.
ومن جهته، أوضح كريم حجي، الرئيس التنفيذي لبورصة الدار البيضاء، أن المغرب يتمتع بمميزات تنافسية فريدة في أفريقيا عززتها الشراكة بين بورصتي لندن والدار البيضاء، وبخطة محكمة لتطوير السوق المالية.
يذكر أن من أهم هذه المميزات: دور الشركات الصغيرة والمتوسطة في تنمية الاقتصاد المغربي ومخطط تشجيع ولوجها السوق المالية، وخطة تعميم برامج تكوين المقاولين ومديري الشركات الصغيرة والمتوسطة لفهم آليات السوق المالية، والرفع من عدد الشركات العامة المدرجة في البورصة لتزويد السيولة. أما المحور الثاني الذي اعتمده مؤتمر «المغرب.. بوابة أفريقيا الاقتصادية»، فتطرّق إلى استراتيجية المغرب الصناعية لعام 2020. وأفاد مامون بوهدهود، الوزير المغربي المنتدب المكلف بالمقاولات الصغرى وإدماج القطاع غير النظامي، بأن الهدف الأساسي لاستراتيجية 2020 هو تحقيق نموذج اقتصادي حر وليبرالي شامل وتوقيع اتفاقيات تجارية حرة مع 56 دولة عبر العالم. كما تسعى الخطة الصناعية إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي وزيادة حصة القطاع الصناعي من الناتج المحلي الإجمالي بتسع نقاط، لينتقل من 14 في المائة إلى 23 في المائة في حدود 2020. وأضاف بوهدهود أن صناعة السيارات تحظى بمكانة متميزة في الخطة الصناعية لـ2020، حيث سجلت عائداتها ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة.
إلى جانب القطاعات المالية والصناعية، تطرّقت أمينة بنخضرة، المديرة العامة مكتب المغربي للهيدروكربوهات، وسعيد مولين، مدير الوكالة المغربية للطاقات المتجددة وفعالية الطاقة، إلى المكانة الرفيعة التي يحتلها المغرب في تطوير الطاقات المتجددة على الصعيد العالمي.
وأكّدت بنخضرة أن 42 في المائة من الطاقة المنتجة بالمغرب في 2020 ستكون «طاقة خضراء»، وأن مشاريع كبيرة أطلقت في مختلف أرجاء المملكة لإنتاج الطاقة الشمسية والريحية برعاية حكومية واستثمارات وطنية وأجنبية، كما أشارت إلى الدور المحوري الذي يلعبه المغرب في الشراكة بين أوروبا وأفريقيا لبناء عهد طاقي جديد.