في مثل هذا اليوم قبل 34 عاماً... قصة أول اعتداء على الأقصى

أرشيف «الشرق الأوسط» يوثق 10 أيام أقلقت العالم العربي

في مثل هذا اليوم قبل 34 عاماً... قصة أول اعتداء على الأقصى
TT

في مثل هذا اليوم قبل 34 عاماً... قصة أول اعتداء على الأقصى

في مثل هذا اليوم قبل 34 عاماً... قصة أول اعتداء على الأقصى

في مثل هذا اليوم، 8 يناير (كانون الثاني)، قبل 34 عاماً، وقعت أول محاولة اعتداء رسمية على المسجد الأقصى. هذا الاعتداء كان فاتحة لعشرة أيام ملتهبة في القدس. الأحداث وثقتها أعداد «الشرق الأوسط» الأرشيفية بتفاصيلها، ولم تغب عن صفحات الجريدة أيضاً تحليلات وآراء عن مستقبل القضية الفلسطينية، في ظل ازدياد الانتهاكات من قبل إسرائيل.
على الصفحة الأولى من العدد الصادر في 9 يناير 1986، خبر تحت عنوان: «حظر تجول ومحاصرة الحرم القدسي: محاولة اعتداء على الأقصى المبارك قادها أعضاء في الكنيست». وقال الخبر إن الاعتداء دفع «جيش الاحتلال لاعتقال عدد كبير من المصلين والمواطنين، وحراس الحرم الشريف، إثر تصديهم لأعضاء لجنة الداخلية التابعة للكنيست الإسرائيلي، وطردهم إلى خارج ساحة الحرم الشريف».

صفحة عدد اليوم التالي الأولى (10 يناير) لم تغب عنها متابعة لتداعيات الحدث. وتحت عنوان «غضبة الأقصى المبارك تجتاح المناطق المحتلة... الأردن يطلع المحافل الدولية على الاعتداء»، نشرت «الشرق الأوسط» على لسان وزير الخارجية الأردني زيد الرفاعي، طلب الوزارة من المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة «إطلاع السكرتير العام على تفاصيل الاعتداء، وسياسة الكيان الصهيوني التعسفية ضد المقدسات المسيحية والإسلامية أيضاً في الأراضي العربية المحتلة». وأضاف الخبر في تتمة الداخل: «وتصاعدت حدة الغليان الشعبي في مختلف أنحاء الوطن المحتل، في أعقاب محاولة أعضاء لجنة الشؤون الداخلية في الكنيست الصهيوني اقتحام المسجد الأقصى المبارك».

رداً على غضبة الأقصى، شددت إسرائيل الحصار على مدينتي القدس والخليل في اليوم التالي، الحدث الذي احتل حيزاً على الصفحة الأولى في عدد 11 يناير. ونشرت الصحيفة: «جاب رجال الجيش الصهيوني بآلياتهم الثقيلة وأسلحتهم مختلف شوارع المدينتين (القدس والخليل). كما أقاموا الحواجز المسلحة عند مداخلهما، ومنعوا المواطنين من جميع أنحاء فلسطين المحتلة من دخولهما».

القضية المتفاعلة دفعت منظمة التحرير الفلسطينية إلى رفع مذكرة للأمم المتحدة، تطالب فيها بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، لبحث الاعتداءات على المسجد الأقصى. كان هذا من أخبار الصفحة الأولى الرئيسية لعدد 12 يناير.

نقلت أيضاً صفحة الشؤون العربية بياناً لجامعة الدول العربية يدين الاعتداءات. وقال البيان إن «هذه الأعمال وغيرها من أصناف العدوان على حقوق الشعب الفلسطيني ومقدساته الدينية، هي التي تدفع بجموع متزايدة من الفلسطينيين إلى اليأس، وإلى التردي في أعمال العنف التي على الضمير الدولي أن يبحث دوافعها».

وفي العدد ذاته، كرَّست «الشرق الأوسط» افتتاحيتها للحديث عن خطورة الوضع، وتحت عنوان «الخطورة والمسؤولية» قالت: «من الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، إلى الحرم الشريف في القدس، إلى أي أماكن دينية أخرى في الأرض الفلسطينية، حلقات مترابطة من مفاهيم اليهود عن سعيهم إلى الاستيلاء على الأماكن المقدسة، وتدميرها لإقامة أماكن عبادتهم هم». وأضافت: «المسألة دينية وسياسة على السواء، وهي تتضمن كثيراً من التشعبات التي يتوجب استيعاب مراميها على أكثر من صعيد إقليمي ودولي... المسألة تحتاج إلى ما هو أكثر من تبيان الحقوق أو ممارسة الاحتجاج والاعتراض».

التنديد العربي، والمطالبات لم تقد إلى تهدئة؛ بل أدت إلى تفاقم الأزمة. وفي الصفحة الأولى من عدد 13 يناير، خبر يوثق مواجهة إسرائيل غضبة الأقصى بتصعيد الإجراءات القمعية، المتمثلة في محاصرة مدن الضفة، وعزل نابلس عن العالم. ونقل الخبر أيضاً تفاصيل من داخل الأزمة، وبياناً لحركة «هاتحياه» الصهيونية المتطرفة، ادعت فيه: «إن الضعف الذي أبدته السلطات الإسرائيلية في منطقة المسجد الأقصى عند الاعتداء على أعضاء الكنيست، وعدم اتخاذ الإجراءات الرادعة ضد الخطبة التحريضية في صلاة الجمعة، وإطلاق سراح المئات من رجال المنظمات في إطار عملية تبادل الأسرى الأخيرة، والسماح لهم بالبقاء في المناطق المحتلة، لا يمكن تفسيره إلا على أنه ضعف من الحكومة، ومن شأنه تشجيع رجال المنظمات على التمادي في أعمالهم ضد إسرائيل»، بحسب بيان الحركة الإرهابية حينذاك.

العدد تضمن مقالاً في صفحة الرأي، للصحافي والكاتب السعودي الذي رحل مؤخراً، الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، من سلسلة تحت عنوان «الجدران الأولى... والجدران الأخرى»، قال فيه: «تعرض الفلسطيني على يد العدو وعلى يد الأخ لما جعله بهذه الصورة المأساوية، العميقة الجرح على جبين التاريخ». وأضاف الشبيلي: «بلادي المملكة العربية السعودية، وعدة دول عربية أخرى، لم تعترف بضم ما أصبح يعرف فيما بعد باسم الضفة الغربية إلى الأردن، ولا بالسلطة العسكرية المصرية على قطاع غزة». واستطرد كاتباً: «أثق بالشعب الفلسطيني العربي المناضل الصبور المكافح، وأثق بأنه سيجد طريقه إلى حقه».

صفحة الشؤون العربية في عدد 14 يناير، وثقت محاولة جديدة من قبل العصابات الصهيونية لتدنيس الأقصى. وقال الخبر: «وتفيد أنباء الأرض المحتلة بأن المواطنين العرب في القدس يستعدون للرد على التحدي الجديد، ومنع العصابات الصهيونية من تدنيس المسجد المبارك».

وبالفعل، أرغم فلسطينيو بيت المقدس النواب الإسرائيليين على التراجع، الخبر الذي ضمته الصفحة الأولى من عدد 15 يناير من عام 1986، تحت عنوان «القدس تصرح: بالدم والنار تعود يا أقصى»، وترافق مع المظاهرات إضراب عام في كل أنحاء القدس، تعبيراً عن الغضب للتحدي الإسرائيلي.

وفي عدد 16 يناير، تغطية للرد الإسرائيلي الذي اختار تكثيف وجوده حول الأقصى. وصاحب الخبر صورة تجمع جنود الاحتلال والمتظاهرين العرب وجهاً لوجه، عكست محاولة أهالي القدس التصدي للاعتداءات. وفي الصورة يظهر أيضاً مفتي القدس بين الشباب العرب. وتضمن الخبر دعوات لعقد قمة إسلامية طارئة جراء تفاقم الأزمة.

نشرت «الشرق الأوسط» في العدد ذاته دراسة أعدتها الإدارة العامة لشؤون فلسطين في الجامعة العربية، كشفت أن «السلطات الصهيونية تدمر أماكن العبادة، وتمحو الشواهد التاريخية على عروبة فلسطين». الدراسة ضمت أمثلة من عكا، وحيفا، ويافا، وبئر السبع، والقدس.

الوضع كان من سيئ إلى أسوأ، وبعدها جرت حلقة أخرى من الاعتداءات على المسجد الأقصى، قامت بها مجموعة من أعضاء حركة «كاخ» الصهيونية. وبدأت فوراً في مراكش بالمغرب الاستعدادات لعقد الاجتماع الطارئ للجنة القدس المنبثقة عن المؤتمر الإسلامي، ووثقت «الشرق الأوسط» تحضيرات الاجتماع في صفحتها الأولى الصادرة بعدد يوم 20 يناير.

افتتاحية الصحيفة في هذا العدد كُرست لتقييم المعاني والتداعيات والدلالات للمحاولات المتكررة لاقتحام الأقصى الشريف، تزامناً مع إقامة عشرات المستوطنات الجديدة، تحت عنوان «ما معنى الاستيطان؟!» واستخلصت الافتتاحية أن «الوقائع الإسرائيلية تطرح على الراغبين في المفاوضة التساؤل الذي يحتاج إلى إجابة واقعية، عما يعرفونه عن حاضر ومستقبل هذا التمركز الإسرائيلي الداعم في الأرض الفلسطينية المحتلة... إسرائيل غير راغبة في الوصول إلى أي حل، أو رفع يدها عن الأراضي التي احتلتها في عام 1967، أو إعطاء الفلسطينيين هناك أياً من الحقوق التي يطالبون بها».

تغطية مكثفة لمنطقة عربية مهمومة بقضية سياسية ودينية، وثَّقها الأرشيف، وافتتاحية في اليوم العاشر من التغطية، تكهنت بوضع الملف اليوم.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.