إعادة انتشار لقوات التحالف في العراق... و{مسودة} الانسحاب الأميركي تخلط الأوراق

مخاوف من إضعاف القوات الأمنية في حال خروج واشنطن

إعادة انتشار لقوات التحالف في العراق... و{مسودة} الانسحاب الأميركي تخلط الأوراق
TT

إعادة انتشار لقوات التحالف في العراق... و{مسودة} الانسحاب الأميركي تخلط الأوراق

إعادة انتشار لقوات التحالف في العراق... و{مسودة} الانسحاب الأميركي تخلط الأوراق

أدت {رسالة} من قيادة التحالف الدولي إلى الجيش العراقي، مساء أول من أمس، عن خطوات لإنهاء الوجود العسكري، تنفيذاً لقرار البرلمان بإخراج القوات الأجنبية، إلى إرباك كبير في الأوساط السياسية العراقية، قبل أن تنفي واشنطن تخطيطها للانسحاب، مؤكدة أن الرسالة {مسودة ركيكة الصياغة أرسلت عن طريق الخطأ}.

وكانت السلطات العراقية أعلنت، مساء أول من أمس، توجيه القيادة الأميركية في المنطقة {رسالة} إلى قيادة العمليات المشتركة في العراق تعلمها فيها ببدء عملية سحب القوات الأميركية من العراق. الرسالة التي سُحبت لاحقاً قالت إن حركة للطيران سوف تكون غير عادية وربما تسبب بعض الإزعاج في مدينة بغداد نظراً للتحليق المنخفض للطيران الأميركي خلال فترة {سحب القوات}، طالبة التعاون في هذا السياق.
وبينما عبرت القوى التي كان لها الدور الأبرز في تصويت البرلمان على قرار إخراج القوات الأجنبية من البلاد عن فرحها لسرعة الاستجابة الأميركية، خشية من ردود فعل الأطراف المؤيدة لإيران والتي هددت باستهداف القواعد الأميركية، جاء الرد الأميركي صاعقاً وعلى أعلى مستويات اتخاذ القرار في واشنطن بأنه لا نية لسحب القوات. كما أعلن البنتاغون أن الرسالة التي تلقتها القيادة العسكرية العراقية {مسودة ركيكة الصياغة وغير موقعة} تم إرسالها {بطريق الخطأ}.
وبهذا، عاد الموقف من وجود القوات الأميركية في العراق إلى مربع التكهنات الأول. ليس هذا فقط، بل إنه في ذروة الحديث عن الرسالة الغامضة التي خلطت الأوراق في بغداد، كتب الخبير الأمني والاستراتيجي المعروف هشام الهاشمي في تغريدة على «تويتر» أن «القوات الأميركية وبدلاً من الانسحاب من قواعدها في العراق، فإنها بدأت بتعزيز هذا الوجود في معسكر التاجي شمال غربي بغداد»، مبيناً أن «أسلحة وأعتدة إضافية تم جلبها إلى هذا المعسكر».
إلى ذلك، تباينت ردود الفعل الدولية، لا سيما الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» والذي يتكون من أكثر من 60 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في العراق. فألمانيا أعلنت سحب جزء من جنودها المنتشرين في العراق تحسباً من ردود محتملة على اغتيال قائد «فيلق القدس» الإيراني اللواء قاسم سليماني قبل أيام في غارة أميركية ببغداد.
وبينما تضع بريطانيا خططاً طارئة لإجلاء قواتها، فإن هولندا أكدت مضيها في التعاون مع بغداد. وجدد وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم موقف بلاده بألا تكون ساحة حرب، داعياً في اتصال هاتفي مع نظيره الهولندي إلى «ضرورة احترام السيادة العراقيّة، وإيقاف الانتهاكات»، مثمنا جهود هولندا ضمن التحالف الدولي لمحاربة «داعش». وأكد على «أهمية تحقيق الشراكة بين العراق وهولندا، واستمرار التعاون في قطاعات التدريب والتجارة والزراعة».
إلى ذلك، قال مسؤول بحلف شمال الأطلسي (ناتو) أمس، إن الحلف ينقل بعض مدربيه العسكريين من العراق. وقال مسؤول من الحلف لوكالة «رويترز»: «نتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية أفرادنا. وهذا يشمل إعادة نشر بعض الأفراد بصورة مؤقتة في مواقع أخرى سواء داخل العراق أو خارجه».
وتضم بعثة الحلف في العراق عسكريين ومدنيين وتشمل بضع مئات من المدربين والمستشارين وأفراد الدعم سواء من دوله الأعضاء، وعددها 29، أو من خارجه.
وفي باريس، قال مصدر حكومي فرنسي إن فرنسا ليست لديها خطط لخفض عدد قواتها في العراق في الوقت الحالي، مضيفاً أنه سيتم تعزيز الأمن حول القوات الفرنسية. وتقدم فرنسا تدريباً ودعماً لوجيستياً للعراق ولقوات البيشمركة الكردية في نطاق عمليات التحالف الذي يقاتل تنظيم «داعش» في البلاد.
في السياق نفسه، أكد رئيس «مركز التفكير السياسي» في العراق الدكتور إحسان الشمري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار البرلمان خطوة رمزية، ويمكن أن يعد توصية للحكومة المقبلة بسحب القوات الأجنبية من العراق، وهو جاء رداً على استهداف سليماني ونائب رئيس (هيئة الحشد الشعبي) أبو مهدي المهندس، من قبل حلفاء إيران في العراق، لكسب أول النقاط في الصراع الأميركي - الإيراني». وأضاف الشمري أن «القرار قد يكون ضاغطاً على الحكومة المقبلة لكن قد لا يكون هناك تطبيق عملي له، وذلك لأن تطبيق هذا القرار سيضع العراق كـ(دولة ضد)، ومن ثم سيتعرض إلى عزلة دولية وإلى عقوبات اقتصادية من قبل واشنطن وقد يؤدي الانسحاب إلى عودة (داعش) وفوضى أمنية». وأوضح الشمري أن «هذا القرار يكشف عن أن معادلة السلطة المتحكمة بالقرار، سواء كانت تنفيذية أم تشريعية، إنما هي حليف وثيق لإيران».
وحول ما إذا كانت المخاطر من عودة «داعش» ممكنة، يقول الشمري إن «(داعش) لا يزال يمثل تحدياً أمنياً كبيراً للعراق، رغم الانتصار العسكري عليه في 2017؛ حيث إن (داعش) استطاع أن يعيد إنتاج نفسه خلال الشهور الماضية، حتى مع مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي». وأشار إلى أن «العمليات الاستباقية للقوات الأمنية العراقية منذ أشهر، توضح أن التنظيم لا يزال نشطاً ويوجد قرب المدن والقرى العراقية وباستطاعته القيام بعمليات نوعية، ويؤشر في الوقت نفس إلى أن القوات العراقية بحاجة لمزيد من المساعدة لغرض وقف تمدد هذا التنظيم».
ويؤكد الشمري أن «انسحاب القوات الأميركية سيضعف من قدرات القوات الأمنية العراقية في مواجهة تنظيم (داعش) حيث لا يزال الجيش العراقي يعتمد بشكل كبير على الدعم الأميركي في التسليح والتدريب والدعم اللوجيستي وحتى القيام بعمليات عسكرية مشتركة».
بدوره، قال الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم (داعش) منذ انتهاء (دولة التمكين) وحتى الآن يحاول أن يعيد نفسه تارة أخرى، لكنه في كل الأحوال لن يستطيع العودة إلى سالف عهده»، مبيناً أن «الذين يربطون عودة وشيكة لـ(داعش) بغياب الأميركيين في حال انسحابهم إنما يبالغون إلى حد كبير رغم كل محاولاته لرص صفوفه». وأوضح أن «(داعش) تعرض إلى نكبات كبيرة خلال السنوات الماضية باغتيال كبار قياداته فضلاً عن خسارته الأرض والإمكانات، ومع ذلك فإنه لا يزال يهيمن على مناطق كثيرة داخل العراق تمثل نقاط تحصن له»، مبيناً أن «الأجهزة الاستخبارية العراقية تقوم بمتابعة خلايا التنظيم وعناصره، وهي أصبحت الآن في وضع أفضل بكثير من حيث القدرات والإمكانات، وبالتالي باتت قادرة على الاعتماد على نفسها حتى في غياب الأميركيين».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.