تحسب مصري وتفاؤل إثيوبي قبل ختام مفاوضات «سد النهضة»

القاهرة تبحث تحقيق الأمن المائي عبر «ترشيد الاستهلاك»

جانب من أعمال بناء {سد النهضة} في إثيوبيا (أ.ف.ب)
جانب من أعمال بناء {سد النهضة} في إثيوبيا (أ.ف.ب)
TT

تحسب مصري وتفاؤل إثيوبي قبل ختام مفاوضات «سد النهضة»

جانب من أعمال بناء {سد النهضة} في إثيوبيا (أ.ف.ب)
جانب من أعمال بناء {سد النهضة} في إثيوبيا (أ.ف.ب)

يلتقي ممثلو مصر وإثيوبيا والسودان، اليوم، في أديس أبابا، بحضور الولايات المتحدة والبنك الدولي كمراقبين، في آخر جولات مفاوضات «سد النهضة» الأربع، التي حددها اتفاق في واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للوصول إلى اتفاق حول قواعد ملء السد وتشغيله، بما يجنب دولتي مصب نهر النيل مصر والسودان، أضراراً جسيمة متوقعة.
واستبقت القاهرة، لقاء أديس أبابا، باجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي، برئاسة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، الخميس الماضي، لمراجعة الموقف النهائي، من دون الإفصاح عنه، بموازاة جهود حكومية مكثفة لتنفيذ مخطط محلي لـ«ترشيد الاستهلاك المائي». وتوقعت أديس أبابا، أمس «الوصول إلى اتفاق».
ويجري الاجتماع يومي الأربعاء والخميس، بحضور وزراء الموارد المائية والوفود الفنية من الدول الثلاث، ومشاركة البنك الدولي وممثل وزارة الخزانة الأميركية. ويعقبه اجتماع منتصف الشهر الجاري في واشنطن للإعلان عن النتائج النهائية. ووضع مراقبون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، 3 سيناريوهات، بينها مد مهلة التفاوض للوصول إلى اتفاق، بطلب أميركي.
ويأتي اجتماع أديس أبابا في ضوء مخرجات اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث في واشنطن يوم 6 نوفمبر الماضي، حين اتفق على عقد أربعة اجتماعات فنية، يتخللها اجتماعان في الولايات المتحدة لمتابعة وتقييم سير مفاوضات قواعد ملء السد وتشغيله.
وترغب القاهرة في التوصل إلى «اتفاق عادل ومتوازن يحقق التنسيق بين سد النهضة والسد العالي المصري، في إطار أهمية التوافق على آلية للتشغيل التنسيقي بين السدود، باعتبارها آلية دولية متعارف عليها في إدارة أحواض الأنهار المشتركة»، وفقا لبيان وزارة الموارد المائية المصرية أمس. وأعرب وزير الموارد المائية السوداني ياسر عباس عن أمله بتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق خلال اجتماع أديس أبابا. وأوضح في تصريح نشر أمس، أن «هذا الاجتماع هو الرابع والأخير، قبل أن تستضيف واشنطن اجتماع التقييم الاثنين المقبل... نأمل بالتوصل إلى اتفاق».
وأكدت إثيوبيا، بحسب ما نشرته الوكالة الرسمية، أمس، أنه «من المتوقع أن تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد»، على أن تجتمع منتصف الشهر لـ«إنهاء اتفاقها».
وأنجزت إثيوبيا نحو 70 في المائة من بناء السد، وفق تصريحات رسمية. وسبق أن أكد وزير الري الإثيوبي سيلشي بقلي أن «المرحلة الأولى من تعبئة بحيرة سد النهضة ستبدأ في يوليو (تموز) 2020». وبينما تدافع إثيوبيا عن حقها في التنمية واستغلال مواردها المائية في إنتاج الكهرباء التي تعاني من ندرتها، تخشى مصر من إضرار السد بحصتها من مياه النيل الذي يعد المورد الرئيسي للمياه فيها. وتحصل مصر على 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل سنوياً، تصفها بـ«الحقوق التاريخية» في النهر.
ودخلت الولايات المتحدة والبنك الدولي على خط المفاوضات باعتبارهما «مراقبين» بعدما أعلنت مصر في سبتمبر (أيلول) الماضي، فشل المفاوضات الثلاثية الدائرة منذ سنوات في الوصول إلى اتفاق، وطالبت بتدخل دولي.
ويعتقد وزير الموارد المائية المصري الأسبق محمد نصر علام أنه «لن يتم الإعلان عن أي نتائج للمفاوضات قبل اجتماع واشنطن الأخير منتصف الشهر»، مؤكداً أن «نسبة الوصول إلى تفاهمات لا تتجاوز 50 في المائة، وهناك احتمال ثالث إلى جانب الفشل، وهو تمديد المفاوضات بطلب أميركي».
وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي قد ذكر أن اجتماع مجلس الأمن القومي شهد «تأكيد حرص مصر على التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث بشكل متساوٍ ويفتح مجالات التعاون والتنمية». وفي حال فشل الدول الثلاث في الاتفاق، من المقرر تفعيل البند العاشر من «اتفاق إعلان المبادئ» الموقّع في الخرطوم عام 2015 الذي نصّ على إحالة الأمر إلى الوساطة أو رؤساء الدول، إذ أخفق الوزراء في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية بحلول منتصف الشهر الحالي.
وتعمل الحكومة المصرية داخلياً على مخطط واسع لترشيد المياه، يتضمن إنشاء شبكات ري حديثة وبناء محطات لتحلية مياه البحر وإعادة تدوير مياه الصرف. وعقدت وزارتا الموارد المائية والإسكان، أمس، اجتماعاً «تنسيقياً» بهدف «تحقيق الأمن المائي وتوفير الاحتياجات المائية»، بحسب بيان رسمي.
وذكر بيان وزارة الري أن الاجتماع ناقش خطة ترشيد المياه، واستعرض الوضع الراهن والمستقبلي لقطاع مياه الشرب والتحديات التي تواجهه، والإجراءات المقترحة لمواجهة تلك التحديات.
وتركز خطة الحكومة المصرية لترشيد استهلاك مياه الشرب على محورين، وفقاً للبيان، أولهما يعمل على تعظيم الموارد المتاحة من خلال التوسع في تحلية مياه البحر، خصوصاً في المناطق الساحلية، واستخدام المياه الجوفية في المناطق الداخلية، مع زيادة العائد من إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.
ويشير المحور الثاني إلى الاستفادة من التقنيات الجديدة مثل القطع الموفرة التي يتم تركيبها على مخارج المياه، وتقليل الفاقد في شبكات التوزيع، والتوسع في تركيب العدادات لضبط الاستهلاك، بالتوازي مع تدشين حملات إعلامية «لنشر الوعي وترقية سلوك المستهلكين».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.