مسيحيون في سيناء يحتفلون بعيد الميلاد رغم المخاوف الأمنية

بعض الأسر فضلت العودة بعد نزوح جماعي قبل سنوات

مسلمون قدّموا التهاني بعيد الميلاد في كنيسة بشمال سيناء (الشرق الأوسط)
مسلمون قدّموا التهاني بعيد الميلاد في كنيسة بشمال سيناء (الشرق الأوسط)
TT

مسيحيون في سيناء يحتفلون بعيد الميلاد رغم المخاوف الأمنية

مسلمون قدّموا التهاني بعيد الميلاد في كنيسة بشمال سيناء (الشرق الأوسط)
مسلمون قدّموا التهاني بعيد الميلاد في كنيسة بشمال سيناء (الشرق الأوسط)

احتفلت الأسر المسيحية المتبقية في شمال سيناء، أمس، بمشاركة أعداد كبيرة من الأهالي بعيد الميلاد في مقر بطريركية الأقباط الأرثوذكس، بحي الضاحية شرق العريش، إلى جانب مقرات كنيسة مارجرجس وسط مدينة العريش وكنيسة بئر العبد أقصى الغرب.
وحرصت الأسر المسيحية على التواجد مبكراً في مقر الاحتفال بالبطريركية، بينهم من بالكاد تحمله قدماه لكبر سنه جاء مترجلاً عبر ممرات مؤمّنة، واجتياز حواجز تفتيش وفحص مفرقعات يشرف عليها قيادات أمنية رفيعة المستوى، وصولاً لمقر الاحتفال الذي انقسم لقاعة استقبال توسطها الأنبا قزمان، أسقف شمال سيناء، وعدد من قيادات الكنيسة، فيها يتم استقبال المهنئين من الأهالي وقيادات المحافظة.
لطفي شنودة، مدرس موسيقى على المعاش، قال لـ«الشرق الأوسط» إنهم يحتفلون بالعيد وسط فرحة الجميع من جيرانهم المسلمين، لكنه استدرك «العيد كان سيكون أفضل لو تواجدت كل الأسر التي سبق ونزحت بسبب خوفهم من استهداف الجماعات الإرهابية لهم».
وشهدت شمال سيناء موجة نزوح جماعي للأسر القبطية عام 2017، إثر استهداف مجموعة من المسلحين أسر ورجال دين مسيحيين وقتل بعضهم، ومطالبة من تبقى بالرحيل. ويعد أبرز التنظيمات الإرهابية في سيناء «أنصار بيت المقدس» الذي بايع «داعش» عام 2014 وغيّر اسمه إلى «ولاية سيناء»، وانطلقت عملية عسكرية واسعة لملاحقته في التاسع من فبراير (شباط) 2018 بمشاركة تشكيلات متنوعة من قوات الجيش والشرطة، ولا تزال تتواصل العمليات.
وأشار لطفي شنودة إلى أنه لم يغادر سيناء التي وصل إليها قبل أكثر من 35 عاماً قادماً من منطقة الأقصر (أقصى جنوب مصر) واستقر في العريش وكوّن أسرته، مؤكداً حرصه على عدم مغادرتها وتوصيته أن يدفن فيها بعد وفاته.
وبدورها، اعتبرت أم نبيل، وهي سيدة في الخمسينات من عمرها، أن «احتفالهم بالعيد في العريش يحمل معنى لصمودهم، ولفتت أنها غادرت مسكنها الكائن في حي ضاحية السلام عام 2017، واستقرت في محافظة الإسماعلية نتيجة خوفها على أسرتها من الإرهابيين، لكنها عادت للعريش قبل 3 شهور مع أبنائها بعد أن لمست التحسن الأمني، وأن حياتها لم تعد في خطر كالسابق».
وقال الأب غبريال، أحد قيادات الكنيسة بشمال سيناء، في تصريحات صحافية، إنهم كمسيحيين في شمال سيناء يرون أن الوضع أفضل لاستقرارهم وما يواجههم في سيناء من تهديدات يسير نحو الأفضل؛ وهو ما دفع عدداً من الأسر التي سبق ونزحت خارج المحافظة للعودة إليها، لكن يبقى عودة الجميع بعد الاستقرار الأمني كلياً، وأن تأذن أجهزة الأمن لهم بذلك بعد التأكد تماماً أنه لم يعد هناك أي خوف على حياتهم من تهديدات إرهابية.
وأضاف أنهم لا يريدون أن يكونوا ضغطاً إضافياً على الجهات الأمنية وهي تحارب الإرهاب لتوفر لهم التأمين، واحتفال هذا العام بعيد الميلاد كما يقول: «كان سر نجاحه هو التأمين الكامل الذي وفرته الشرطة لهم، وهذا أعطى طمأنينة للجميع من أبناء سيناء للقدوم والمشاركة في الاحتفال بمقر الكنيسة».
بدوره، قال الشيخ محسن أبو القاسم، مدير عام منطقة شمال سيناء الأزهرية، إن المشاركين في الاحتفال وتقديم التهنئة للمسيحيين بعيد الميلاد ضم عدداً كبيرة من رجال الدين الإسلامي، في أجواء سادها الوئام والمحبة.
وأعرب اللواء عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، عن أمنيته أن يكون احتفال عيد الميلاد القادم بحضور كل الأسر المسيحية التي سبق وغادرت المحافظة، وقال إن القوات تحقق انتصارات متواصلة على الأرض والإرهاب وأصبح مهزوماً، مشيراً إلى عودة نسبة كبيرة من الأسر إلى أرض سيناء مرة أخرى لشعورهم بدفء ومحبة أهالي سيناء لهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».