احتفلت الأسر المسيحية المتبقية في شمال سيناء، أمس، بمشاركة أعداد كبيرة من الأهالي بعيد الميلاد في مقر بطريركية الأقباط الأرثوذكس، بحي الضاحية شرق العريش، إلى جانب مقرات كنيسة مارجرجس وسط مدينة العريش وكنيسة بئر العبد أقصى الغرب.
وحرصت الأسر المسيحية على التواجد مبكراً في مقر الاحتفال بالبطريركية، بينهم من بالكاد تحمله قدماه لكبر سنه جاء مترجلاً عبر ممرات مؤمّنة، واجتياز حواجز تفتيش وفحص مفرقعات يشرف عليها قيادات أمنية رفيعة المستوى، وصولاً لمقر الاحتفال الذي انقسم لقاعة استقبال توسطها الأنبا قزمان، أسقف شمال سيناء، وعدد من قيادات الكنيسة، فيها يتم استقبال المهنئين من الأهالي وقيادات المحافظة.
لطفي شنودة، مدرس موسيقى على المعاش، قال لـ«الشرق الأوسط» إنهم يحتفلون بالعيد وسط فرحة الجميع من جيرانهم المسلمين، لكنه استدرك «العيد كان سيكون أفضل لو تواجدت كل الأسر التي سبق ونزحت بسبب خوفهم من استهداف الجماعات الإرهابية لهم».
وشهدت شمال سيناء موجة نزوح جماعي للأسر القبطية عام 2017، إثر استهداف مجموعة من المسلحين أسر ورجال دين مسيحيين وقتل بعضهم، ومطالبة من تبقى بالرحيل. ويعد أبرز التنظيمات الإرهابية في سيناء «أنصار بيت المقدس» الذي بايع «داعش» عام 2014 وغيّر اسمه إلى «ولاية سيناء»، وانطلقت عملية عسكرية واسعة لملاحقته في التاسع من فبراير (شباط) 2018 بمشاركة تشكيلات متنوعة من قوات الجيش والشرطة، ولا تزال تتواصل العمليات.
وأشار لطفي شنودة إلى أنه لم يغادر سيناء التي وصل إليها قبل أكثر من 35 عاماً قادماً من منطقة الأقصر (أقصى جنوب مصر) واستقر في العريش وكوّن أسرته، مؤكداً حرصه على عدم مغادرتها وتوصيته أن يدفن فيها بعد وفاته.
وبدورها، اعتبرت أم نبيل، وهي سيدة في الخمسينات من عمرها، أن «احتفالهم بالعيد في العريش يحمل معنى لصمودهم، ولفتت أنها غادرت مسكنها الكائن في حي ضاحية السلام عام 2017، واستقرت في محافظة الإسماعلية نتيجة خوفها على أسرتها من الإرهابيين، لكنها عادت للعريش قبل 3 شهور مع أبنائها بعد أن لمست التحسن الأمني، وأن حياتها لم تعد في خطر كالسابق».
وقال الأب غبريال، أحد قيادات الكنيسة بشمال سيناء، في تصريحات صحافية، إنهم كمسيحيين في شمال سيناء يرون أن الوضع أفضل لاستقرارهم وما يواجههم في سيناء من تهديدات يسير نحو الأفضل؛ وهو ما دفع عدداً من الأسر التي سبق ونزحت خارج المحافظة للعودة إليها، لكن يبقى عودة الجميع بعد الاستقرار الأمني كلياً، وأن تأذن أجهزة الأمن لهم بذلك بعد التأكد تماماً أنه لم يعد هناك أي خوف على حياتهم من تهديدات إرهابية.
وأضاف أنهم لا يريدون أن يكونوا ضغطاً إضافياً على الجهات الأمنية وهي تحارب الإرهاب لتوفر لهم التأمين، واحتفال هذا العام بعيد الميلاد كما يقول: «كان سر نجاحه هو التأمين الكامل الذي وفرته الشرطة لهم، وهذا أعطى طمأنينة للجميع من أبناء سيناء للقدوم والمشاركة في الاحتفال بمقر الكنيسة».
بدوره، قال الشيخ محسن أبو القاسم، مدير عام منطقة شمال سيناء الأزهرية، إن المشاركين في الاحتفال وتقديم التهنئة للمسيحيين بعيد الميلاد ضم عدداً كبيرة من رجال الدين الإسلامي، في أجواء سادها الوئام والمحبة.
وأعرب اللواء عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، عن أمنيته أن يكون احتفال عيد الميلاد القادم بحضور كل الأسر المسيحية التي سبق وغادرت المحافظة، وقال إن القوات تحقق انتصارات متواصلة على الأرض والإرهاب وأصبح مهزوماً، مشيراً إلى عودة نسبة كبيرة من الأسر إلى أرض سيناء مرة أخرى لشعورهم بدفء ومحبة أهالي سيناء لهم.
مسيحيون في سيناء يحتفلون بعيد الميلاد رغم المخاوف الأمنية
بعض الأسر فضلت العودة بعد نزوح جماعي قبل سنوات
مسيحيون في سيناء يحتفلون بعيد الميلاد رغم المخاوف الأمنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة