«اتفاق الصخيرات»... «عقبة» أمام سحب شرعية حكومة «الوفاق» الليبية

TT

«اتفاق الصخيرات»... «عقبة» أمام سحب شرعية حكومة «الوفاق» الليبية

مع تزايد الخطابات الداعية إلى «حل سياسي» في ليبيا، وتصاعد وتيرة الحرب حول العاصمة طرابلس، تُطرح تساؤلات عدة حول شرعية حكومة «الوفاق» المدعومة أممياً، بعد أربع سنوات من وجودها في العاصمة، خصوصاً بعد إقدامها على توقيع اتفاق مع الحكومة التركية، أثار ردود فعل غاضبة داخلياً وخارجياً.
لكن حكومة «الوفاق» تتمسك من جانبها بشرعيتها المستمدة من «اتفاق الصخيرات»، الموقع في المغرب نهاية عام 2015، على الرغم من إعلان مجلس النواب الليبي إلغاء التصديق عليها، مطلع الأسبوع الحالي، وتراجع دول عربية عن الاعتراف بها كحكومة تمثل الشعب الليبي، في مقدمتها مصر. وعلى وقع صدى زخات الرصاص في جنبات العاصمة الليبية، لا تزال جامعة الدول العربية، تأمل في الإبقاء على «اتفاق الصخيرات» كطرف خيط يلملم أشلاء العملية السياسية، التي ينظر إليها على أنها باتت في حكم الماضي، وبهذا الخصوص، قال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتفاق السياسي الليبي الذي تم في الصخيرات لا يزال سارياً من الناحية السياسية، وتعترف به الجامعة العربية، باعتباره الأساس القانوني للمؤسسات الموجودة، من بينها حكومة الوفاق».
وتأتي الجهود التي تبذلها أطراف دولية حالياً لعقد مؤتمر حول الأزمة الليبية في برلين للتأكيد على «الشرعية الدولية»، التي ينطلق منها المجلس الرئاسي وحكومته بهدف «ترسيخ وجوده في المشهد الراهن»، وهو ما لا يروق لخصومه في شرق ليبيا، ممن يرون أن الأمم المتحدة عقّدت المشهد السياسي عندما أتت به إلى سدة الحكم.
وبنظرة أكثر شمولية، فإنه حين تتنازع أطراف عدة «الشرعية»، يبرز الرهان على «شرعية البنادق»، أو «شرعية القوة»، بتعبير مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومي، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، والذي قال إن مجلس النواب الليبي «سحب الاعتراف بحكومة (الوفاق)، ويجب التأكيد على أمر مهم وهو أنه في أوقات الثورات تتخلف الدساتير والقوانين، وتصبح القوة هي العنصر الحاكم».
وأضاف بيومي موضحاً: «القوة على الأرض تصبح مكمن الشرعية في الحالة الليبية اليوم، خصوصاً في ظل التدخل الأجنبي، الذي قلب الأوضاع، وقلب الصورة بشكل جعل من الصعب الوصول إلى حل، في مشهد يعيدنا إلى الوضع السوري؛ فهناك أطراف عدة تستعين بأطراف أجنبية عدة، وبالتالي فإن الحل يبقى بعيد المنال».
وانتهى بيومي إلى القول بأن الوضع الراهن في ليبيا، خصوصاً مع اشتداد القتال في العاصمة طرابلس، ودخول مسلحين أجانب، «يقطع بأن القوة هي مكمن الشرعية»، على حساب تراجع أي أسس للشرعية، يستمد منها أي طرف ما يبرر تصديه للحكم، أو تمثيل الشعب الليبي.
واتساقاً مع الموقف المصري، الداعم لـ«الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، شدد النائب طارق الخولي، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على أن حكومة الوفاق «غير شرعية، حتى بالاستناد لاتفاق الصخيرات، نظراً لانتهاء مدتها»، مضيفاً: «نتيجة لذلك، فالاتفاق الموقع بين حكومة (الوفاق) بقيادة فائز السراج، والجانب التركي، غير شرعي، لخروجه من حكومة انتهى توقيتها».
وحذر الخولي مما وصفه بـ«الغزو التركي الصريح لليبيا»، مشدداً على أنه «لا يوجد أي سند شرعية لحكومة (الوفاق)، ونؤكد كلجنة علاقات خارجية في البرلمان المصري على دعمنا للبرلمان الليبي كجهة شرعية، وقد عقدنا العزم على إحصاء خروقات القانون الدولي من جانب حكومة رجب إردوغان وحكومة فائز السراج، لوضعها في خطابات سنوجهها إلى دول حلف (الناتو)، ودول حوض البحر المتوسط، لنضع بذلك المجتمع الدولي أمام مسؤولياته قصد وقف هذا التدخل والإجرام التركي السافر».
ومن بين دول الجوار الليبي بحوض البحر المتوسط، تبرز إيطاليا التي تضع الأزمة الليبية على رأس أجندتها الخارجية، يقول الصحافي بوكالة «نوفا» الإيطالية، ماسيميليانو بوكوليني، لـ«الشرق الأوسط»، «أعتقد أنه حسب اتفاق الصخيرات، فإن الشرعية ممنوحة لحكومة (الوفاق)، ومجلس النواب، ومجلس الدولة، لكن الآن الأمور تغيرت».
وأشار بوكوليني إلى أن إيطاليا تنظر إلى حكومة «الوفاق» باعتبارها «حكومة شرعية»، لكن «لو أنها لا تسيطر على كامل الأنحاء في ليبيا، فإنها تتحاور كذلك مع الطرف الآخر»، في إشارة لقوات الجيش الليبي. وتابع بوكوليني متحدثاً عن التدخل التركي في ليبيا: «الفرق بين إيطاليا وتركيا هي أن روما تهتم بليبيا كلها، وسياستها ليست متأثرة بقضايا آيديولوجية مثل الفكرة (الإخوانية)». وتتمسك إيطاليا، وكذلك الاتحاد الأوروبي، دائماً بالتأكيد على أن حل الأزمة الليبية لن يكون إلا عبر الطرق السياسية، لا بقوة السلاح.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.