العقوبات الاقتصادية هاجس العراقيين بعد تهديدات ترمب

الرئيس الأميركي حذف التغريدة التي لوّح فيها بها... و«الخارجية» نفت وجود نية لفرضها

TT

العقوبات الاقتصادية هاجس العراقيين بعد تهديدات ترمب

ما زال الحديث عن العقوبات الاقتصادية التي لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بفرضها على العراق بعد قرار البرلمان جلاء القوات الأجنبية عن أراضيه، يأخذ حيزاً واسعاً من النقاشات العامة التي انخرطت فيها اتجاهات شعبية وسياسية وميليشياوية عديدة في اليومين الأخيرين، ولم تتوقف تلك النقاشات والمخاوف حتى مع النفي الذي صدر عن وزارة الخارجية الأميركية وقيام الرئيس الأميركي ترمب بحذف «تغريدته» المتعلقة بموضوع العقوبات ضد العراق.
ونفت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، الأنباء المتداولة بوجود مناقشات لفرض عقوبات على العراق. وأكدت المتحدثة باسم الخارجية مورغان أورتاغوس، في تصريحات إعلامية، على «عدم وجود نية لفرض العقوبات حالياً». وذكرت أن «العراق حليف الولايات المتحدة الأميركية والخيارات الدبلوماسية ما زالت مطروحة معه، وأن المشكلات قد تحدث بين الحلفاء، والخيار الدبلوماسي هو الأفضل لحل الأزمات والمشكلات بينهم».
ورغم ما يتردد من شائعات عن تسلم رئاسة الجمهورية من الجانب الأميركي لائحة بالقطاعات التي ستطالها العقوبات في حال تنفيذها، فإن غالبية النقاشات الجارية لا تأتي على ذكر طبيعة تلك العقوبات وحدودها، لكن بعض التكهنات يشير إلى إمكانية إنهاء الجانب الأميركي «مهلة» الإعفاء الذي يحظى به العراق حالياً من موضوع تعامله في شراء الكهرباء والغاز الإيراني، إلى جانب فرض عقوبات تتعلق بالجانب العسكري وإيقاف بيع العراق الأسلحة، بما في ذلك طائرات «إف 16» وقطع الغيار والذخيرة للجيش العراقي الذي يمتلك منها نحو 70% من ترسانته العسكرية. وتشير التكهنات إلى احتمال فرض عقوبات مصرفية ومالية على البنك المركزي وأخرى تطال عشرات الشخصيات السياسية وقادة الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران.
وإذ يستبعد بعض الاتجاهات العراقية إمكانية قيام الولايات المتحدة بتنفيذ تهديداتها المتعلقة بالعقوبات، ويرى أنها محاولة لتخويف الجماعات السياسية وردعها بعد قرار المطالبة برحيل القوات الأجنبية عن العراق، تخشى اتجاهات أخرى من أن «يدفع غياب الحكمة والتبصر لدى الجماعة السياسية خصوصاً تلك القوى الموالية لإيران، عبر ممارساتها المستفزة، إلى دفع واشنطن لمزيد من الإجراءات المتشددة حيال العراق».
وفي خضمّ النقاشات والآراء حول العقوبات المحتملة، غالباً ما يعاوَد الحديث عن السياسات الاستفزازية والعدوانية التي انتهجها نظام الرئيس الراحل صدام حسين ضد الولايات المتحدة ودول الجوار وأدت إلى فرض الحصار الدولي الشامل لأكثر من عقد من الزمان (1990 - 2003) وتسببت بتجويع ووفاة وهروب مئات الآلاف من العراقيين.
وألقى مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، بدلوه في النقاشات الجارية حول العقوبات الأميركية المحتملة. وقال صالح في مقال طويل نُشر أمس، إن «ما ينشر وبشكل مكثف عن سيناريو فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية المحتملة على بلادنا يأتي في جوهره لإحداث شيء من الهلع وموجة من الحرب النفسية ضمن تناقض مخرجات أطراف الصراع الدولية على الساحة العراقية». ورأى أن «حصول سيناريو حصار اقتصادي أو عقوبات أو مقاطعة اقتصادية أميركية جذرية التأثير سلباً بحق 40 مليون عراقي، سيعني أن الولايات المتحدة قد غامرت بمشروعها في العراق الذي أسست له في احتلال 2003 وفقدت مصالحها الجيوسياسية في غرب آسيا، وهي شبه هزيمة قاسية وضرب لمصالحها في المنطقة».
وأشار صالح إلى أن «تحليل مضمون هذه الحملة السيكولوجية ونتائجها من وجهة نظر علم الاقتصاد السلوكي هي محصلة للصراع والتصعيد بين الطرفين (أميركا وخصومها)».
قادة الفصائل المسلحة الموالية لإيران التحقوا بالنقاشات والتصريحات النارية المتعلقة بالعقوبات المحتملة، حيث هددت «كتائب حزب الله» أول من أمس، بقطع إمدادات النفط في منطقة الخليج في حال أقدمت الولايات المتحدة على فرض العقوبات ضد العراق.
وهدد الأمين العام لـ«كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي، أمس، الولايات المتحدة، وقال في تغريدة عبر «تويتر»: إن «انتظار العقاب أصعب، فانتظروا ردّنا، والطرد من العراق أذلّ من النزول إلى أرضه فاخرجوا، ومحو التغريدة هوان بعد كتابتها، والتراجع عن العقوبات نكوص وهروب (عاقب إن استطعت)»، في إشارة إلى تغريدة الرئيس ترمب حول عقوبات العراق التي حذفها لاحقاً.
وأدلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بدلوه هو الآخر وشن هجوماً لاذعاً على الرئيس الأميركي، عُدّ في نظر كثيرين غير لائق ومن غير المناسب صدوره عن رجل دين كالصدر.
بدوره، قال نائب رئيس مجلس النواب عن التيار الصدري حسن كريم الكعبي، خلال لقائه السفير الصيني في بغداد، أمس، إن «العقوبات التي تلوّح بها واشنطن غير قانونية، كوننا لم نعتدِ على دولة ولم ندعم أي جماعات إرهابية متطرفة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.