معهد الديمقراطية في إسرائيل: تدنٍ في نظرة الإسرائيليين لمؤسسات الحكم

استطلاع رأي: 60 % يعدون قيادتهم فاسدة و55 % قلقون على الديمقراطية

TT

معهد الديمقراطية في إسرائيل: تدنٍ في نظرة الإسرائيليين لمؤسسات الحكم

دلت نتائج استطلاع رأي معمق، نشر أمس (الثلاثاء) في القدس الغربية، على تدنٍ آخر في نظرة الإسرائيليين لمؤسسات الحكم. فقال 58 في المائة منهم (59 في المائة من اليهود، و52 في المائة من العرب) إنهم يعدون القيادة السياسية فاسدة، وقال 30 في المائة فقط إن لديهم ثقة بالحكومة، فيما أعرب 55 في المائة منهم عن قلقه على المفاهيم والقيم الديمقراطية.
وجاء هذا الاستطلاع في إطار مشروع «مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية» لعام 2019، وهو المؤشر الذي يصدره «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» للسنة الـ17 على التوالي، ويفحص من خلال مقابلات شخصية مع المستطلعين مدى ثقة الجمهور بالقيادة، وبمؤسسات الدولة على اختلافها، وآراء الجمهور في مختلف القضايا المطروحة. ورغم أن الجمهور اليهودي يمنح ثقته الأكبر للجيش الإسرائيلي، بنسبة تصل إلى 90 في المائة، فإن هناك تخلخلاً في ثقة الجمهور بقيادة الجيش، حيث قال 46 في المائة إنهم يعتقدون أن قرارات هذه القيادة، حتى في الشؤون العسكرية المهنية، متأثرة بالمواقف السياسية الشخصية لكل فرد منهم.
وعندما طولب المستطلعون بأن يدرجوا المؤسسات الإسرائيلية الأساسية من حيث الثقة بأدائها، وضع اليهود الجيش في رأس القائمة بنسبة 90 في المائة قالوا إنهم يثقون به أكثر من أي مؤسسة (عند المواطنين العرب في إسرائيل، فلسطينيي 48، هبطت هذه النسبة إلى 41 في المائة)، يليه الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين ريفلين، بنسبة 71 في المائة (العرب 38 في المائة)، ثم المحكمة العليا بنسبة 55 في المائة (عند العرب 56 في المائة). ووضع الجمهور الإسرائيلي بقية المؤسسات تحت نسبة 50 في المائة، فحظي المستشار القضائي للحكومة بنسبة 46 في المائة، وحظيت الشرطة بثقة 44 في المائة فقط (بين العرب تهبط النسبة إلى 38 في المائة)، والنيابة العامة بنسبة 42 في المائة. وحظيت وسائل الإعلام بنسبة ثقة 36 في المائة. ووضع الجمهور الإسرائيلي حكومته في قاع السلم بنسبة 30 في المائة (العرب منحوها 28 في المائة)، والكنيست أيضاً 30 في المائة (العرب 24 في المائة)، فيما وضعت الأحزاب السياسية في الحضيض، بنسبة لا تزيد على 14 في المائة.
ومع ذلك، فقد عد 50 في المائة من الجمهور أن الوضع العام في إسرائيل جيد أو جيد جداً، مسجلاً بذلك تراجعاً بنسبة 4 في المائة عن عام 2018، بينما يعتقد 31 في المائة أن وضعها متوسط، وقال 17.5 في المائة إن وضع إسرائيل سيئ أو سيئ جداً. وقال 35 في المائة من الجمهور إنه يشعر بأن حال الديمقراطية في إسرائيل الآن ليس جيداً، بينما عد 34 في المائة أن حالها جيد، وحتى أنه ممتاز. وقال 55 في المائة منهم إنهم قلقون جداً على القيم والمفاهيم الديمقراطية، بزيادة 10 في المائة عن السنة الماضية، حيث بلغت النسبة 45 في المائة في حينه. ولوحظ أن مصوتي أحزاب اليمين يثقون بالديمقراطية الإسرائيلية أكثر من الوسط واليسار. فقال 84 في المائة من معسكر «اليسار» إن الديمقراطية تواجه أخطاراً جدية، وبلغت هذه النسبة 68 في المائة لدى معسكر «الوسط»، و29 في المائة في معسكر اليمين.
وفي تفاصيل الثقة بجهاز القضاء، قال 48 في المائة من الجمهور إنهم متأكدون من أن المحاكم لا تتعامل بشكل متساو مع من يمثلون أمامها، بينما عد 59 في المائة من الجمهور أن قرارات قضاة المحاكم متأثرة بالمواقف السياسية الشخصية للقضاة، وقال نصف هؤلاء (34 في المائة) إنهم متأكدون من ذلك. ورأى 64 في المائة من الجمهور أن الدولة لم تنجح في الاهتمام برفاهية مواطنيها، لكن 63 في المائة عدوا أنها نجحت في الحفاظ على أمن مواطنيها.
وفي موضوع آخر، قال 37.5 في المائة من المستطلعين إن التوتر بين اليمين و«اليسار» السياسي هو أكبر وأخطر توتر يواجه الإسرائيليين، أي أكثر قليلاً من التوتر بين اليهود والعرب (36 في المائة)، وفقاً لـ37.5 في المائة من المستطلعين، مسجلاً بذلك ارتفاعاً بنسبة 5.5 في المائة، قياساً بعام 2018، وهو أكبر من التوتر بين اليهود والعرب.
وقال 63 في المائة إنهم لم يعودوا يرون أن هناك فوارق بين اليهود الأشكناز واليهود الشرقيين، وقال 61 في المائة إنه في حال وجد توتر بين الطائفتين يكون سببها السياسيون.
وسئل الإسرائيليون: هل تعتقد أنه لو كان يهود شرقيون هم الذين يحكمون الدولة، لكان هذا يساعد على تسوية الصراع الإسرائيلي - العربي؟ فرفض الغالبية الفكرة (85 في المائة من اليهود، و59 في المائة من العرب). وأشار الاستطلاع إلى أن هناك ارتفاعاً في نسبة اليهود الذين يعارضون الفكرة العنصرية التي تطالب الحكومة بتشجيع هجرة المواطنين العرب من البلاد، فهذه النسبة التي بلغت 41 في المائة سنة 2009، ونسبة 44 في المائة في 2010، ونسبة 50 في المائة في 2013، بلغت هذه السنة 60 في المائة. وفي التفاصيل، رفض الفكرة 91 في المائة من قوى اليسار، و74 في المائة من الوسط، و39 في المائة من اليمين. وقال 71 في المائة من اليهود، و76 في المائة من العرب، إنه يجب أن يتم في المدارس تعليم الروايتين التاريخيتين لليهود وللعرب.
وفحص الاستطلاع مدى تغلغل فكرة «التفوق العرقي» لدى المواطنين اليهود، فسأل: هل توافق على أن الشعب اليهودي هو شعب الله المختار، ولذلك فهو يرتقي أعلى من الشعوب الأخرى؟ فقال 40 في المائة من اليهود إنهم يوافقون على هذه المقولة. وبلغت نسبة الموافقة 71 في المائة بين المتدينين، و16 في المائة بين العلمانيين.
وقال 60 في المائة إن وضع إسرائيل الأمني جيد، و52 في المائة إن حرية التنظيم السياسي جيدة، و50 في المائة قالوا الأمر نفسه عن الاقتصاد، ولكن 41 في المائة قالوا إنهم يشعرون بحرية دينية، و40 في المائة بحرية التعبير، و35 في المائة برفاه الإنسان. وقال 84 في المائة من اليهود، و85 في المائة من العرب، إنهم يفضلون العيش في إسرائيل عن العيش في أي دولة أخرى. وقال 83 في المائة من اليهود، و42 في المائة من العرب، إنهم يشعرون بأنهم جزء من الدولة، بينما قال 58 في المائة من العرب إنهم لا يشعرون أبداً بأنهم جزء من الدولة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.