الأشجار وغابة الأبراج الجديدة

توجه إلى اعتماد البناء باستخدام الأخشاب بشكل متزايد

الحماس للبناء بالأخشاب لم يبلغ المستوى العالمي بعد إذ أثارت بعض الجماعات المدافعة عن البيئة مخاوف من التوسع في البناء بالأخشاب
الحماس للبناء بالأخشاب لم يبلغ المستوى العالمي بعد إذ أثارت بعض الجماعات المدافعة عن البيئة مخاوف من التوسع في البناء بالأخشاب
TT

الأشجار وغابة الأبراج الجديدة

الحماس للبناء بالأخشاب لم يبلغ المستوى العالمي بعد إذ أثارت بعض الجماعات المدافعة عن البيئة مخاوف من التوسع في البناء بالأخشاب
الحماس للبناء بالأخشاب لم يبلغ المستوى العالمي بعد إذ أثارت بعض الجماعات المدافعة عن البيئة مخاوف من التوسع في البناء بالأخشاب

كان مايكل غرين يستشرف مستقبل صناعة البناء باستخدام الأخشاب، ربما الكثير من الأخشاب. ويعد المهندس المعماري الكندي - من فانكوفر - من بين أكثر المتحمسين لفكرة البناء بالكتل الخشبية الكبيرة، والمكونات الهيكلية والإنشائية الخشبية سابقة التجهيز التي يمكن استخدامها في تشييد المباني - حتى المباني الكبيرة منها - بوتيرة أسرع، مع القليل من النفايات والمخلفات، وربما بتكاليف مالية أقل.
والأهم من ذلك، كما يقول المهندس غرين وآخرون، أن البناء بالكتل الخشبية الكبيرة من شأنه التخفيف من آثار التغييرات المناخية، نظرا لأنه ينتج كميات قليلة من انبعاثات الغازات الدفيئة من أساليب البناء المعتادة بالخرسانة والصلب. وفي الأخشاب ميزة أخرى هي المقدرة على تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها الأخشاب في مراحل النمو مع تنقية المناخ منه إلى أجل غير مسمى.
تشمل مشاريع المهندس غرين للبناء بالكتل الخشبية الكبيرة على مبنى «تي ثري» الإداري في مينيابوليس (ويرمز اسم المبنى إلى الأخشاب، والتقانة، والنقل)، فضلا عن مبنيين آخرين لكلية الغابات بجامعة ولاية أوريغون، بما في ذلك منشأة مبنى البحث والتطوير في معهد تالوود للتصميم التابع للجامعة، وهو يقول: «ترجع نسبة 11 في المائة من البصمة الكربونية على مستوى العالم إلى المواد التي تُشيد بها المباني حول العالم».
وتشير التقديرات إلى الحاجة إلى ما يقرب من 2.5 تريليون قدم مربعة من المباني الجديدة على مدار العقود الأربعة المقبلة حول العالم لدعم النمو المستمر في المناطق الحضرية التي تتزايد كثافة السكان فيها يوما بعد يوم، وذلك وفقا لتقرير الحالة العالمية لعام 2017 والصادر عن برنامج البيئة التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
وقال المهندس غرين إن «واصلنا البناء بنفس الأساليب والطرق المعهودة، فلن نحقق أي هدف من الأهداف المناخية المنشودة على الإطلاق، ولسوف نعمل على تغيير مستقبل أطفالنا والأجيال القادمة إلى الأبد وإنما بصورة سيئة للغاية».
وفي حين أن القطع المستمر للأشجار من أجل تشييد المباني قد لا يحمل الحساسية البيئية المتوقعة، إلا أن أنصار فكرة البناء بالكتل الخشبية الكبيرة يقولون إنه يمكن حصاد الأخشاب بصورة مستدامة من الغابات الخاضعة للتحكم المعقول.
هناك أعداد متزايدة من المهندسين المعماريين، والمطورين العقاريين، والحكومات، والمؤسسات التعليمية، والشركات تتوجه إلى اعتماد البناء باستخدام الأخشاب. وفي مدينة بيل السويسرية، استكملت شركة «سواتش غروب» لصناعة الساعات بناء ثلاثة مبان يُقال إنها من أكبر مشاريع البناء بالكتل الخشبية الكبيرة على مستوى العالم. والمشروع من تصميم المهندس المعماري «شيغرو بان»، الذي يتميز بإبداعاته المبتكرة في عالم الأخشاب. ويضم المجمع السويسري الجديد مقر الشركة العالمية على شكل أفعى ملتوية ذات واجهة خشبية شبكية التصميم.
ومن الجدير بالذكر أن كبار الشركات التكنولوجية في العالم باتت هي الأخرى تتجه نحو اعتماد البناء بالأخشاب، إذ تستخدم شركة مايكروسوفت البناء بالكتل الخشبية الكبيرة في مقرها الجديد بسيليكون فالي في ولاية كاليفورنيا، في حين أن شركة «سايدواك لابس»، الشركة الشقيقة للعملاقة غوغل، تضع الخطط الحالية لإنشاء منطقة جديدة على الواجهة البحرية في مدينة تورونتو الكندية لتكون من المباني الخشبية، وبعضها يصل ارتفاعه إلى 30 طابقا.
ولدينا توماس روبنسون، مؤسس شركة «ليفر أركيتكتشر» في بورتلاند بولاية أوريغون، التي أنجزت في الآونة الأخيرة بناء المكاتب المحلية لمؤسسة «نيتشر كونسرفانسي» الخيرية ومركز المجتمع باستخدام الأخشاب المعتمدة من قبل «مجلس الرقابة على الغابات»، والعمل مستمر حاليا في بناء مقر موسع لشركة أديداس باستخدام أسلوب البناء بالكتل الخشبية الكبيرة. يقول السيد روبنسون عن ذلك: «لقد تجاوزنا نقطة التحول في مدى قبولنا للبناء بالأخشاب. ويبحث المبتكرون والمبدعون الآن في نقطة التحول التالية، والخبرات الأكثر ثراء لموظفيهم وأساليب معيشتهم، وصاروا جميعا يفكرون في البناء بالكتل الخشبية الكبيرة».
وأضاف قائلا إن الفوائد المترتبة على ذلك تظهر في جماليات التصميمات والديكورات، فضلا عن المسؤولية البيئية المتضمنة، والناس يرتبطون بالأخشاب بصورة عفوية للغاية.
وقال المهندس غرين، الذي يتشاور مع مختبرات «سايدواك» بشأن مقترحها بالنسبة لمجمع مدينة تورونتو، أن البناء بالكتل الخشبية الكبيرة يحتاج إلى مزيد من الدعم والاهتمام بالنسبة للمباني ذات المساحات الأكبر من المباني السكنية والمباني ذات الارتفاعات المنخفضة، والتي تشكل الآن أغلب أعمال البناء بالكتل الخشبية الكبيرة. وبعد استكمال بناء مبنى «تي ثري» الإداري في مينيابوليس، ذي الطوابق السبعة، (من تصاميم مجموعة «دي إل آر» في أواخر عام 2016 كان يعتبر أطول مبنى خشبي مُقام في الولايات المتحدة الأميركية. وجرى بعده بناء مبنى سكني من ثمانية طوابق في بورتلاند يحمل اسم «كربون 12».
وهناك خطط قائمة لبناء مبنى جديد يحمل علامة «تي ثري» في مدينة أتلانتا، فضلا عن مشاريع أخرى قيد العمل والبناء في مدن ناشفيل، ودنفر، وأوستن الأميركية، ومدينة تورونتو الكندية.
وبحلول نهاية العام الماضي، جرى تغيير قواعد البناء الدولية للسماح بإنشاء المباني الخشبية لما يزيد على ارتفاع 270 قدما، أو ما يعادل نحو 18 طابقا، من أصل 85 قدما فقط المسموح بها في السابق. ولن تعتمد قواعد البناء الأميركية المعايير المعدلة حتى حلول عام 2021، ولكن بعض الولايات الأميركية سوف تسمح للمشروعات القائمة على المعايير الجديدة بتقديم أوراقها للاعتماد قبل ذلك التاريخ.
وفي أوروبا، التي بدأ البناء بالكتل الخشبية الكبيرة في حيازة الكثير من الزخم قبل عقدين من الزمان تقريبا، تحت دعاوى السياسات المناخية الصارمة، بدأت المباني الخشبية في بلوغ ارتفاعات غير مسبوقة. ففي الربيع الماضي، جرى تشييد مبنى «مجوستارنت» الإداري والسكني في مدينة «بروموندال» النرويجية بواسطة شركة «فول أركيتيكتر»، والذي أصبح أطول مبنى خشبي على مستوى العالم بارتفاع بلغ 280 قدما (85 مترا تقريبا) بما في ذلك هيكل خشبي مفتوح أعلى المبنى.
وبعد بضعة شهور فقط، تمت إضافة ستة طوابق إلى مبنى «هوهو فيينا» متعدد الاستخدامات، من تصميم شركة «روديغر لاينر وشركاه»، بنفس ارتفاع المبنى النرويجي تقريبا.
بيد أن الحماس للبناء بالأخشاب لم يبلغ المستوى العالمي بعد. إذ أثارت بعض الجماعات المدافعة عن البيئة المخاوف بشأن التوسع في البناء بالأخشاب، لا سيما في غياب الالتزامات العالمية فيما يتعلق بالتنمية المستدامة للغابات. وتشير الجهات المتشككة في الاتجاهات الجديدة إلى محدودية البيانات المتاحة حول آثار البناء بالكتل الخشبية الكبيرة على المدى البعيد على مستويات الكربون في الغلاف الجوي للأرض، والتي لا يمكن الاستفادة الكاملة منها في حالة استخدام مكونات الأخشاب في عمليات التدوير وعدم السماح لها بالتحلل الطبيعي في نهاية العمر المفترض للمبنى.
كما ثارت أيضا مخاوف عميقة أخرى بشأن الأخشاب والوقاية من اندلاع النيران، وعارضت كل من «الرابطة الدولية لرؤساء إدارات مكافحة الحرائق» و«الرابطة الوطنية لرؤساء إدارات مكافحة الحرائق بالولايات» التحديثات الأخيرة على قواعد البناء الدولية، وقالوا من بين أمور أخرى، إنه يلزم إجراء المزيد من اختبارات الحرائق قبل الشروع في اعتماد البناء بالكتل الخشبية الكبيرة بأمان في المباني المرتفعة.
غير أن أولئك الذين يفضلون البناء بالأخشاب يقولون إن تشييد المباني الخشبية المرتفعة من الأمور الممكنة. وكانت الشركات المعمارية البارزة من شاكلة شركة «سكيدمور أوينغز»، و«ميريل بي إل بي»، و«بيركينز»، قد أجرت الدراسات على ناطحات السحاب ذات الأطر الخشبية التي يصل ارتفاعها إلى ما بين 40 و80 طابقا. واقترحت شركة «سوميتومو فوريستري» اليابانية للأخشاب بناء برج خشبي بارتفاع يبلغ 1100 قدم، باستخدام 90 في المائة من مواد البناء الخشبية في العاصمة طوكيو، والذي سوف يكون أطول مباني البلاد من هذه الفئة.
وإيضاحا للأمر، لا يدعو أنصار البناء بالأخشاب إلى العودة إلى أساليب البناء القديمة، قبل أن تضطر المدن الكبيرة مثل نيويورك وشيكاغو إلى حظر أغلب أعمال البناء الجديدة بالأخشاب بسبب الحرائق الهائلة المدمرة التي اندلعت في القرن التاسع عشر. وتشير فكرة البناء بالكتل الخشبية الكبيرة إلى مجموعة متنوعة من المكونات الهندسية الخشبية المختلفة، ومن أكثر هذه الأنواع شيوعا «الخشب التقاطعي المصفح» المعروف باسم (سي إل تي)، و«الخشب المسماري المصفح» المعروف باسم (إن إل تي)، وتوجد فيه طبقات متعددة من الألواح الخشبية، المكدسة عن زاوية 90 درجة القائمة، والملتصقة سويا بالصمغ أو بالمسامير تحت الضغط الهائل لتشكيل الألواح الهيكلية. وهناك «الخشب الملتصق المصفح» المعروف باسم (غلولامس)، والذي يجري تصنيعه بطريق مماثل لتلك التي كانت معروفة قبل ما يربو على قرن كامل من الزمان، وهي تستخدم في المعتاد في الألواح الطويلة مثل العوارض والأعمدة الخشبية.
تتميز مكونات الأخشاب الكبيرة بمقاومتها للحرائق المتوافقة نسبيا إلى السُّمك، كما أثبتت الاختبارات التي أجرتها إدارة الغابات بالولايات المتحدة، ومجلس الأخشاب الأميركي، ومختبر أبحاث الحرائق التابع للمكتب الأميركي للكحوليات والتبغ والأسلحة والمتفجرات، وغير ذلك من الجهات المعنية. وعندما تتعرض الكتل الخشبية الكبيرة للنيران، تتفحم الطبقة الخارجية، مما يؤدي إلى إبطاء الحرق مع خلق حاجز وقائي حول اللب. وعبر الكثير من اختبارات الحرائق، تجاوز أداء الكتل الخشبية الكبيرة متطلبات قواعد البناء بصفة مستمرة.
ثم أصبحت الرياح من المشاكل الجديدة لا سيما مع زيادة ارتفاعات المباني الخشبية، ومن بين الأسباب وراء ذلك أن المباني المشيدة بالكتل الخشبية الكبيرة لعدة طوابق هي عبارة عن هياكل هجينة، تشتمل على بعض مكونات الخرسانة أو الصلب، أو كلاهما من أجل توفير الصلابة والوزن.
وفي الوقت الراهن، تتعلق الكثير من مشروعات البناء بالكتل الخشبية الكبيرة باستلهام روح المباني الخشبية الصناعية القديمة، وإن كانت مميزة بوسائل الراحة الحديثة والتقنيات الجديدة بالقرن الحادي والعشرين. وتخطط شركة «شوب أركيتيكتس» في نيويورك إلى استخدام الكتل الخشبية الكبيرة في حي ديستيلري بمدينة تورونتو في بناء مجمع تجاري وسكني مكون من خمسة طوابق مستوحى من المباني التاريخية القديمة في نفس المنطقة. ولسوف يكون أول مشاريع شركة «شوب أركيتيكتس» باستخدام الكتل الخشبية الكبيرة، بعد توقف خطط بناء برج سكني من 10 طوابق ويتوقع تشييده في مانهاتن بسبب تعثر الحصول على الموافقات الرسمية.
يقول كريس شاربلز، أحد الشركاء المؤسسين في الشركة: «يريد الناس العمل والعيش في هذه الأنواع من المباني، فلديهم شعور خاص واتصال مع المواد الطبيعية. وما شهدناه من المصنعين وعمال البناء أن هناك انخفاضا بنسبة 35 في المائة في وقت تشييد المباني ذات الكتل الخشبية الكبيرة، مما يعني أن تكاليف الحمل الإجمالية أقل بكثير».
وأضاف السيد شاربلز قائلا: «مواقع العمل بالأخشاب هي أكثر هدوءا وأنظف من حيث النفايات، وعندما تعيش بالقرب من أحد مواقع البناء، فهناك ضجيج طوال الوقت مع وجود كل أنواع الشاحنات، مما يحيل حياتك إلى جحيم مؤقت. ونرى أن هذه المباني الخشبية في ازدياد مستمر، وهي أشبه ما تكون ببناء الحظائر الكبيرة في وسط الكتل السكنية».
وفي خاتمة المطاف، تحرك العوامل الاقتصادية وعوامل نوعية الحياة الاتجاه نحو البناء بالكتل الخشبية الكبيرة كمثل اعتبارات التغييرات المناخية العالمية سواء بسواء. ويقول المهندس غرين: «لا يفعل الناس ذلك لأسباب تتعلق بالبيئة، ربما أهتم أنا بذلك، ولكن بالنسبة إلى العملاء فإنهم يبحثون عن الخيارات والبدائل الأرخص سعرا». وتتزايد الأسعار رخصا بمرور الوقت، مع توسع رقعة الصناعة وتطور سلاسل التوريد. ولقد جرى الاستحواذ على شركة المهندس غرين بواسطة شركة «كاتيرا» لتكنولوجيا البناء، والتي تضم شركاتها أحد أكبر مصانع «الخشب التقاطعي المصفح» في مدينة سبوكين بولاية واشنطن الغربية الأميركية.
وفي حين أن المهندس غرين يتصور تفجر إمكانات الابتكار والإبداع بالنسبة إلى المهندسين المعماريين المستلهمة من التقنيات المستقبلية المتطورة مثل الخشب المطبوع بالتقانة ثلاثية الأبعاد، إلا أنه قال إن الاعتبارات المناخية تحمل أهمية بالغة في نفس الوقت. وأردف قائلا: «نحن في حاجة إلى تغيير الحوار بشأن ما نهتم ونحفل به في مجال الهندسة المعمارية. فهذه الحركة الجديدة معنية بتبديل مفهوم التصميمات الإنشائية ومدى جودتها. لا بد من وجود إطار جديد تماما لما نراه ونعتبره جميلا حولنا».
- خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.