«سأموت في المنفى»... مونودراما عربية تخاطب ثنائية الغربة والوطن

غنام لـ«الشرق الأوسط»: أحاول دفع السؤال الفلسطيني للواجهة من جديد

المخرج الأردني الفلسطيني غنام غنام
المخرج الأردني الفلسطيني غنام غنام
TT

«سأموت في المنفى»... مونودراما عربية تخاطب ثنائية الغربة والوطن

المخرج الأردني الفلسطيني غنام غنام
المخرج الأردني الفلسطيني غنام غنام

هل غابت القضية الفلسطينية عن الوعي العربي، أم أنّها كامنة في اللاوعي الجمعي العربي؟ هل سيحق للفلسطيني أن يعود لأرضه يوماً؟ أم كُتب عليه أن يكون «بدل فاقد»؟ هذه الأسئلة الموجعة يطرحها المخرج والمؤلف الأردني من أصل فلسطيني غنام غنام، عبر عرضه المسرحي «سأموت في المنفى» الذي لاقى اهتماماً لافتاً في دول عربية عدة منذ إطلاقه قبل شهور، وينتظر تقديمه مجدداً في عدة دول عربية خلال شهر مارس (آذار) المقبل.
يندرج العرض تحت تصنيف «مسرح المونودراما»، إذ يمزج كل مقومات التجريب التي تميز سمة غنام مؤلفاً وممثلاً ومخرجاً أيضاً، لكنه يعود بهذا العرض لأصل الفن المسرحي، مستوحياً إياه من زمن الإغريق، ومستهدفاً التطهر عبر البوح والمكاشفة والحكي؛ ويقدم «ملحمة ذاتية في إطار عروبي تمس كل مواطن ترك موطنه أو هُجر منه».
يخاطب «سأموت في المنفى» العمق الإنساني منذ أول لحظة؛ يخاطب غنام الجمهور «مساء الخير ع البني آدمين»، وكأنّه يذكرنا بالإنسانية التي توارت خلف الحروب والعنف والصراعات، ويشرك غنام الجمهور معه كممثلين في المسرحية «كمسافرين في أحد المطارات» ليتماهى الجمهور مع العرض.
يوظف غنام تقنية الحكي والإيماءات وحركة الجسد في تقديم الحكاية الفلسطينية، عبر سيرته الذاتية، وحكاية والده وجده وشقيقه أبناء «كفر عانا»، وببراعة، يستعرض تاريخ القضية الفلسطينية، ولا يلقي باللوم على العالم العربي، بل على الفلسطينيين أنفسهم، أيضاً، الذين تركوا الاحتلال يمحو بعضاً من فلسطين، ليمحو الفلسطينيون أنفسهم الجزء الباقي بتركهم لأرضهم وترابها. يقول غنام غنام في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «أنا أردت تقديم قراءة واقعية، وأضع السؤال أمام المتلقي ليقرر هو اللوم والاتهام واقتراح الحلول، الحالة الفلسطينية صارت النموذج الأم للحالة السورية والعراقية وغيرها... لاجئون في كل أصقاع الدنيا، كل هذا الخراب هدفه الرئيس خدمة المشروع الصهيوني في الأساس وخدمة المتنفذين من رأس المال العالمي الذين يقودون الحروب بمصانع آلات الدمار وأرباحها».
يتابع غنام الحكي عن رحلة تبدأ في عام 2011 في رمزية تناور بذكاء حول أحوال العالم العربي عقب أحداث ما بات يُعرف بـ«الربيع العربي»، ويروي غنام حكايته حينما نظر من الحافلة من عمان إلى رام الله، حيث يرى منزله ويبصر نفسه طفلاً، وكأنّه ذات أخرى لا تعرفه، فذاته المهجرة لم تعرف روحه القاطنة على عتبات داره بأريحا. يجوب غنام تراب وطنه فلسطين ويأخذ منه حفنة تراب وحجر ويكون جل ما جمعه عدة صور على ذاكرة الكاميرا، لكنّه يجمعها فرحاً في حقيبة، ويحاول أن يعبر بها الحدود، لكن قوات الاحتلال تأخذ ما جمعه، يواسي غنام ذاته في مونولوج بديع شامتا في الاحتلال، فهو يعيد التراب مرة أخرى لموضعه والأحجار أيضاً، لكنه لا يملك أن يسرق الذاكرة التي تحمل في ثناياها الحقائق التي لا تمحى.
يقدم غنام مزجاً مسرحياً ما بين الحكي والتاريخ والغناء والشعر، مستعيناً بأشعار محمود درويش وأحمد شوقي، متحدثاً عن أوجاع الغربة «كل البلاد العربية وطني إلا وطني». ويدور فضاء المسرحية ما بين فلسطين والأردن، وأحياناً ما بين المطارات على حدود الدول العربية، وبذكاء يتنوع الحوار والمونولوج المسرحي ما بين اللهجات العربية الفلسطينية والمصرية والأردنية، يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «الحقيقة أن تمازج أدوات وطرق الأداء أمر دقيق، فأنا استفدت من التنقل (بسبب الخبرة وإمساك زمام أدوات المؤدي) بين السرد والحكي من ناحية، وبين التشخيص والتقمص والإيحاء... ولا أبيح سراً بأن آلية ذلك اعتمدت على اللغة وقواعدها؛ فأنا ضمير متكلم وضمير مخاطب وضمير غائب وضمير مستتر، وفاعل ونائب فاعل ومفعول به وفعل متعدٍ ولازم... قواعد اللغة أنقذتني وعملت على أساسها ما أتاح لي فرصة التنقل بسلاسة بين طرائق الأداء».
يلقي غنام بحجر في مياه راكدة حول «مشروع الوحدة العربية» الذي سرد قصته بذكاء، وكأنه يصرخ مجدداً، منادياً بأهمية هذا المشروع المؤجل، يقول: «بكل صدق، أحاول في كل عمل قدمته منذ امتلكت قراري، وشكلت أول فرقة عام 1986 أن يكون كل عمل حجر في المياه الراكدة وفرشة من مسامير لا تسمح بنوم مريح؛ لأنّ هذه مهمتي في الحياة كمسرحي ومثقف، وكفلسطيني عربي أممي، يلتزم بالنضال في سبيل الحرية والحق والجمال».
يتجلى في «سأموت في المنفى» عشق غنام لطرح التساؤلات الصعبة والمؤلمة، يقول: «الدوافع التي حركتني لإنتاج (سأموت في المنفى) عديدة، ومنها، وليس أولها ما يحدث في الوطن العربي، لكن أهمها هو دفع السؤال الفلسطيني للواجهة من جديد». وعن رؤيته لوضع القضية الفلسطينية الآن، يشير قائلاً: «من المؤكد أنّ انشغال الشوارع العربية بالقضايا المحلية جعل قضية فلسطين تتوارى، والأهم من ذلك أن قضية فلسطين هي السبب الأساسي، وراء كل المعاناة التي خرجت الشعوب وانتفضت عليها، وكذلك فإن ما تم ويتم من إجهاض لأي نهوض وطني وقومي سببه قضية فلسطين؛ بمعنى أن الصهيونية وأتباعها والإمبريالية وأزلامها تؤزم المنطقة، وتلعب ضد أنظمة أنشأتها، وضد شعوب تحركت بعفوية في مزيد من التعقيد للواقع العربي خدمة للكيان الصهيوني الذي بات وجوده آمناً في ظل ما نعيشه اليوم».
«أنتصر للحياة عبر الفن والا بداع»، هكذا يعتبر غنام بروحه المتفائلة دائماً أنّ المسرح يمكنه أن يعالج أصعب وأعقد القضايا بسلاسة عبر مخاطبة الإنسان؛ فلم يطرح غنام القضية في فضاء مسرحي وسينوغرافيا مليئة بالتفاصيل، بل اعتمد على كرسي بلاستيكي طوعه ليكون تارة حقيبة سفر وتارة شاهد قبر وتارة كرسي تعذيب وتارة مقعد انتظار للمجهول».
يقف غنام في فضائه المسرحي، سواء في مصر، أو الإمارات، أو فلسطين، والأردن، وغيرها من المدن التي عرض فيها «سأموت في المنفى»، مخاطباً في جمهوره المواطن العربي، قائلاً: «أحببت فلسطينيتي وأحببت أردنيتي». فهو مواطن عربي يعشق وطنه العربي، لكنه يحمل غصة أن يرى فوق شاهد قبر أبيه وجده وأخيه في مقبرة «سحاب» فلسطين موجودة بكل قراها ومدنها فقط... على شواهد القبور.
غنام صابر غنام من مواليد أريحا عام 1955، وهو مسؤول الإعلام والنشر في «الهيئة العربية للمسرح»، وعضو نقابة الفنانين الأردنيين شعبة الإخراج ورابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وهو عضو مؤسس في «الهيئة العربية للمسرح» وعضو مؤسس في فرقة «المسرح الحر»، ورابطة «مسرح بلا حدود - رماح»، ولديه الكثير من المؤلفات والبحوث والدراسات الأدبية والمسرحية، وحاصل على جوائز عدة في التأليف والإخراج والسينوغرافيا، ومن أشهر أعماله جماهيريا مونودراما (عائد من حيفا)، المأخوذة عن رائعة الراحل غسان كنفاني.



هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

دشن المجدف الهولندي المحترف، روب فان دير آر، مشروع «التجديف من أجل مصر 2024»، بهدف الترويج لمنتج السياحة الرياضية المصرية، حيث تستمر الرحلة لمدة أسبوع، وتبدأ من بني سويف (115 كيلومتراً جنوب القاهرة)، وحتى العاصمة القاهرة.

ويهدف المشروع إلى تسليط الضوء على جمال مصر وتراثها الطبيعي والثقافي المتميز، بالإضافة إلى الترويج لمقوماتها السياحية والأثرية المتنوعة، ورفع الوعى بأهمية الحفاظ على نهر النيل.

المُجدّف الهولندي المحترف روب فان دير آر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، فإن مشاركة الهيئة في هذا الحدث تأتي في إطار حرص الدولة المصرية على التعاون مع سفارات الدول الأجنبية بمصر، ولا سيما في الفعاليات والأحداث التي تلقي الضوء على المقصد السياحي المصري والترويج لمقوماته ومنتجاته السياحية المتنوعة والمختلفة.

ولفت القاضي إلى أن «هذه النوعية من الأحداث تخاطب شريحة من المهتمين بمنتج السياحة الرياضية بصفة عامة ومنتج سياحة المغامرات بصفة خاصة، كما أنها تتماشى مع الاستراتيجية الترويجية للهيئة التي تهدف إلى الترويج لمقومات مصر السياحية، علاوة على الدور المجتمعي الذي تقوم به الهيئة في التعاون مع المؤسسات الخيرية».

جدير بالذكر أن هذا المشروع يتم تنفيذه بالتعاون والتنسيق بين سفارة دولة هولندا في القاهرة، ومؤسسة مجدي يعقوب للقلب، وشركة Aspire، وتحت رعاية عدد من الوزارات.

مشروع «التجديف من أجل مصر 2024» يهدف إلى الترويج للسياحة الرياضية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويتوقع وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، الوصول إلى هدف «30 مليون سائح سنوياً» بحلول عام 2031 إذا لم تحدث متغيرات جيوسياسية جديدة بالمنطقة»، وفق تعبيره.

وقال إن «الاستراتيجية التي أعلنتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية -30 مليون سائح بحلول عام 2028- كانت طَموحة للغاية، ولم تضع في حسبانها الأزمات السياسية والعسكرية التي أثّرت تداعياتها على دول المنطقة والعالم».

ورغم ذلك توقع الوزير أن يشهد العام الحالي زيادة في أعداد السائحين القادمين إلى مصر، ليكون 15.2 مليون سائح في 2024، مقارنةً بـ14.906 مليون سائح عام 2023.