«قصر الأمير طاز» جوهرة فنية في قلب القاهرة المملوكية

موقعه كان يساعد على مراقبة الحياة السياسية وتحول إلى مقر للباشوات المعزولين عن الحكم

«قصر الأمير طاز» بناء شامخ أنشئ عام 753هـ - 1352م
«قصر الأمير طاز» بناء شامخ أنشئ عام 753هـ - 1352م
TT

«قصر الأمير طاز» جوهرة فنية في قلب القاهرة المملوكية

«قصر الأمير طاز» بناء شامخ أنشئ عام 753هـ - 1352م
«قصر الأمير طاز» بناء شامخ أنشئ عام 753هـ - 1352م

من بين ما تزخر به القاهرة من تحف معمارية قديمة، هناك «قصر الأمير طاز». جوهرة مخفية منذ القرون الوسطى لا يعرفها كثيرون، والذي يقع بشارع السيوفية على بعد أمتار قليلة من قلعة صلاح الدين.
شُيد القصر عام 753هـ - 1352م، وتصفه المصادر المعاصرة له بأنه كان قصراً مشيداً وإسطبلاً كبيراً؛ حيث كان عند إنشائه عبارة عن فناء أوسط كبير خصص كحديقة للقصر، وتتوزع حوله باقي العناصر. لكن السؤال المطروح قبل كل شيء يبقى؛ من هو الأمير طاز الذي يحمل القصر اسمه؟
هو الأمير سيف الدين عبد الله طاز بن قطغاج، أحد الأمراء البارزين في دولة المماليك البحرية. بدأ نجمه في الصعود خلال حكم الصالح إسماعيل بن الناصر محمد (743 - 746هـ) (1343 - 1345م) وأصبح في عهد أخيه المظفر حاجي، واحداً من أمراء الحل والعقد، الذين كانت بيدهم مقاليد الدولة. ثم زادت وجاهته خلال فترتي حكم الناصر حسن بن الناصر، الذي ولاه نيابة حلب.
لكنه خرج على السلطان، فثار عليه أمراء حلب حتى هزم وعزل عن نيابتها، وأُمر بكحل عينه، فعُمى، واعتقل بالكرك. نُقل بعدها إلى الإسكندرية فسجن بها حتى أفرج عنه الأمير يلبغا، فعاد إلى القدس، ومنها إلى دمشق، وظل بها حتى مات في سنة (763هـ - 1361م). وفي ظل تلك الأحداث لم يستمتع الأمير بقصره هذا سوى 3 سنوات، إذ أصبح بعد وفاته سكناً لغيره.
اختار الأمير طاز بناء قصره في واحد من أهم شوارع مصر المملوكية آنذاك، وهو شارع السيوفية، (نسبة إلى انتشار صنّاع السيوف به). وبنى القصر على أنقاض بيوت اشتراها من أهلها أو أخذها عنوة، كما تشير بعض المصادر التاريخية.
كان لهذا الموقع أكبر الأثر في مراقبة الحياة السياسية بمصر، والمشاركة في أحداثها آنذاك؛ حيث شهد حادثة لم تحدث من قبل، وهي نزول السلطان من مقر حكمه ليفتتح هذا القصر، في سابقة من نوعها. كما أنه شاهد تدبير الأحداث التي توالت لإزاحة وتولية السلاطين أبناء الناصر محمد بن قلاوون، وفي سنوات تالية كان القصر مقراً لنزول الباشوات المعزولين عن حكم مصر.
تبلغ مساحة القصر الإجمالية أكثر مـن 8 آلاف متر مربع، وهو عبارة عن فناء كبير في الوسط خصص لحديقة تتـوزع حولها مـن الجهات الأربع مباني الـقـصـر الرئيسية والفرعية، وأهمها جناح الحرملك والمقعد أو المبنى الرئيس المخصص للاستقبال، واللواحق والتوابع والإسطبل.
بمجرد دخولك القصر ترى المدخل الرئيسي، وهو عبارة عن كتلة متماسكة، تبدأ بممر مستطيل، في نهايته قبو، على جانبيه مدخلان، يفتح كل منهما على فناء مستطيل هو صحن القصر، وهذا المدخل الكامل يطل على شارع السيوفية. كما يوجد للقصر مدخل فرعي يطل على حارة الشيخ خليل، وصفته الكتابات والوثائق القديمة بأنه باب سر القصر.
أما الجزء الخاص بالحرملك فيطل على الفناء أو الحديقة بمجموعة من النوافذ المصنوعة من الخشب، تعد تحفة فنية فريدة، تعلوها 3 نوافذ مستديرة، وهي التي تعرف بالقمريات. وتوجد بالقصر صالة الاستقبال الرئيسية، تتكون من مستويين، يربط بينهما سلم، وكل مستوى عبارة عن مساحة مستطيلة تطل على الفناء بما يشبه «التراس» القائم على 3 أعمدة.
تم ترميم القصر بين عامي 2002 - 2008 وتولت وزارة الثقافة المصرية مشروع الترميم، وحولته عقب ذلك إلى مركز للإبداع ومقر لإحياء الحفلات الموسيقية والفنية، كما يقدم مجموعة من الورش الفنية المتنوعة لاكتشاف الموهوبين في مجالات الفن التشكيلي والغناء والعزف والتمثيل والإنشاد الديني، وهو ما يجعل زيارة القصر وجبة تجمع التاريخ والعمارة القديمة بالفنون المعاصرة.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.