مغامرات صغيرة في خمس قرى ساحرة تحيط بلندن

جانب من «كاسل كومب»
جانب من «كاسل كومب»
TT

مغامرات صغيرة في خمس قرى ساحرة تحيط بلندن

جانب من «كاسل كومب»
جانب من «كاسل كومب»

رغم أن العاصمة البريطانية لندن هي المقصد الأول للسياح الذين يتوافدون عليها على مدار العام بفضل وهجها الثقافي والعمراني، فإن الإيقاع السريع الذي تزداد وطأته في الأماكن المزدحمة، يدفع السائح للقيام بمغامرة صغيرة تتجاوز حدود هذه المدينة، والانتقال إلى القرى والضواحي التي تحيط بها، من أجل السير في الشوارع المرصوفة بالحجر والحصى، والتمعن في جمال البيوت والأكواخ العتيقة، مع فرصة الجلوس في المقاهي المحلية والمطاعم التي تقدم الطعام الإنجليزي التقليدي.
وعادة ما تكون أمام السائح خيارات متعددة بسبب كثرة هذه القرى، لهذا اخترنا خمساً منها، وهي التي تحتل المراتب الأولى في قائمة الأجمل والأكثر عراقة وجذباً للزوار. وعموماً لا تتطلب هذه الزيارة أكثر من ركوب السيارة أو القطار، والسير لمسافات ليست بعيدة، وبعدها سيجد السائح نفسه في واحات جمال تقترب من مشاهد الأفلام الإنجليزية الكلاسيكية.
- قرية بيبيوري (Bibury)
هي قرية وأبرشية في مقاطعة جلوسيسترشاير، تقع على ضفتي نهر كولن الذي يعد واحداً من روافد نهر التيمس. ويتكون مركز القرية من خط أنيق من الأكواخ الحجرية، تبدو وكأنها خارجة من إحدى روايات الأخوات برونتي.
يعود تاريخ القرية إلى القرن الرابع عشر، ثم تحولت بمرور السنين إلى قرية للنساجين الذين سكنوها في القرن السابع عشر، وما زالوا يتوارثون هذه المهنة جيلاً بعد جيل.
وقد كانت ولا تزال هذه القرية مصدر جذب لصناع السينما والتلفزيون، وشهدت تصوير عدد من الأفلام، وخصوصاً في القصر التاريخي «بلانهايم» (Blenheim Palace)، الذي شهد تصوير سلسلة «Loving the Cotswolds» و«Saraband for Dead Lovers»، وكان أول فيلم ملون صورت مشاهده في الأربعينات. وفيلم «Barry Lyndon» في عام 1975، والمسلسل التلفزيوني «The Avengers»، و«هاملت» في عام 1996، وغيرها الكثير.
- قلعة كومب (Castle Combe)
هذه القرية الحالمة هي الأجمل في إنجلترا، وهي الحل المثالي للهروب من التكنولوجيا؛ حيث يدخل السائح في نفق من الأشجار يوصله إلى سوق عريقة تعود للقرون الوسطى، وتقع في قلب القرية.
كل شيء هنا تاريخي وعتيق، ولم يُبنَ في هذه القرية أي بيت جديد منذ القرن السابع عشر؛ حيث يشعر المرء وكأنه قد سقط من آلة الزمن، ووجد نفسه محاطاً بمنازل ريفية مبنية من الحجر، يعود تاريخ بعضها إلى القرن السادس عشر.
ولمن يريد المبيت في مركز القرية يمكنه الحجز في فندق «The Castle Inn»، أو التمتع بالشاي والكعك الإنجليزي في صالة «Old Rectory Tearoom»، أو المشي في الغابات وشرب القهوة في أحد الأكواخ، والجلوس أمام موقد الحطب، أو التعرف على إسطبلات الخيول؛ حيث تعيش أنواع نادرة من الحيوانات الأليفة.
وللباحثين عن وجبات الطعام الشعبية، يمكن التوجه إلى حديقة مطعم «The Bybrook» الحائز على «نجمة ميشلان»، والتمتع بتناول الطعام تحت عرائش اللبلاب، أو حجز بطاقة للعب الغولف، أو زيارة المتحف القديم، وهو مبنى حجري صغير يقع أسف التل، ويضم بعضاً من تاريخ هذه القرية العتيقة.
- قرية شيلهام (Chilham)
هي قرية وأبرشية تقع في مقاطعة كنت الإنجليزية، ويعود تاريخها إلى القرون الوسطى. تتميز بمنازلها الأنيقة ذات النوافذ الخشبية، بينما يتوسطها منزل مانور المبني عام 1616، والمدرج في لائحة التراث الإنجليزي. وهنالك أيضاً حصن قديم يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر.
ورغم صغر القرية فإنها تحتوي على موقف كبير للسيارات، يتيح للسائح فرصة القدوم بسيارته الخاصة. وتضم القرية في مركزها مقهى وغرفة خاصة للشاي والمعجنات الطازجة الخارجة للتو من الفرن الخشبي، ومحلاً لبيع الهدايا والتذكارات والملابس والمجوهرات، وآخر لبيع قطع الأنتيك.
فيها أيضاً قصر فخم يفتح أبوابه للسياح مرة كل شهر، من أجل التجول في جنباته والجلوس في مطبخه وتناول بعض الوجبات الخفيفة. ويمكن المبيت في أحد المنازل المعدة لهذا الغرض، وركوب الحافلة في الصباح للتعرف على شواهد القرية، والتوقف عند بعض المعالم المدرجة في قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي، ومنها القلعة التي يمتد عمرها إلى عدة قرون، والانتهاء عند مرتفعات «White Cliffs of Dover» ذات اللون الطباشيري، والتي تعد واحدة من أبرز المعالم الطبيعية في إنجلترا.
- قرية لاكوك (Lacock)
لاكوك هي قرية وأبرشية في مقاطعة ويلتشير، تتميز بطبيعتها البكر ومنازلها الريفية التي تعود إلى القرون الوسطى، ما جعلها المكان المثالي لتصوير فيلم «داونتن آبي» (Downton Abbey)، كما لعبت أدواراً في كثير من الأعمال الدرامية التي استثمرت عدم وجود هوائيات التلفزيون أو كابلات الكهرباء، وصورت أعمالاً تعود لحقب قديمة.
وعموماً فإن هذه القرية ليست بعيدة عن الدراما السينمائية، وقد صورت فيها أفلام كثيرة منها: «هاري بوتر»، و«وولف هول»، و«كرانفورد»، و«داونتون آبي»، و«برايد آند بريجيزيس».
يمكن للسائح الدخول إلى أحد المقاهي القديمة، أو زيارة مخبز القرية الذي لا يزال يقدم كعكة «لاردي» الإنجليزية التقليدية، ليتلقفها الزبون وهي خارجة للتو من الفرن. وتتيح هذه القرية الفرصة للسائح لكي يجرب الإقامة في قرية إنجليزية تقليدية بامتياز، ولكن مع مرافق حياتية حديثة. يمكنه أيضاً زيارة متحف «فوكس تالبوت»، أو التوجه لزيارة عدد من المدن الصغيرة المحيطة بالقرية.
- قرية سوفولك (Suffolk)
هذه القرية هي ضالة الباحثين عن الاسترخاء. تتميز ببيوتها الخشبية العتيقة التي تعود إلى القرون الوسطى، وبعضها مدرج في قائمة التراث الإنجليزي، ومنها الأكواخ المطلية بألوان الباستيل، والمنازل نصف الخشبية التي تصطف على جانبي شوارع ضيقة توصل إلى سوق القرية القديمة.
وسبق أن استخدمت هذه المواقع لتصوير سلسلة أفلام «هاري بوتر» الشهيرة. وقد ازدهرت هذه القرية في العصور الماضية بفضل تجارة الصوف، وهي الآن قرية هادئة تستقبل السياح الذين يتوافدون عليها طلباً للراحة، والشعور بعبق التاريخ، والتمتع بالشاي والمعجنات التقليدية، وزيارة المطاعم الصغيرة، والمبيت في أحد البيوت العتيقة التي تحولت إلى نزل صغير، ومنها «ليتل هول».
يمكن أيضاً التجول في المتاجر التي تبيع الصناعات اليدوية، ومتابعة خيوط أشعة الشمس من خلال النوافذ الزجاجية الملونة، أو شراء كتاب من أحد الأكشاك التي تبيع الكتب المستعملة، وتناول المعجنات الطازجة من المخبز الوردي الذي ينتج علامة الخبز الشهيرة «Hovis»، البالغة من العمر أكثر من 100 عام، فضلاً عن شراء العسل المحلي، وشرائح لحم الغزال البري، وانتظار الأحد الرابع من كل شهر لزيارة سوق المزارعين في «Village Hall» لشراء الثياب الريفية، والفواكه والخضراوات العضوية التي تأتي مباشرة من الحقول.


مقالات ذات صلة

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

سفر وسياحة متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

هذا الصيف، يتجه الجميع للاستمتاع بالاستجمام على شاطئ البحر، أو مطاردة سحر عواصم العالم المختلفة، أو مجرد الاسترخاء في وجهات مريحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

«ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

يمتلك مشروع «ساوث ميد» - أحدث مشروعات «مجموعة طلعت مصطفى» بالساحل الشمالي الغربي لمصر - كل المقومات اللازمة ليصبح وجهة عالمية جديدة بجنوب البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السفر مع أفراد العائلة يمكن أن يكون أمراً صعباً بشكل خاص (رويترز)

لإجازة عائلية من دون مشكلات... ضع 7 حدود قبل السفر وخلاله

حتى أجمل التجارب في الأماكن الخلابة يمكن أن تنهار أمام الخلافات العائلية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة المدينة القديمة في ميكونوس الأكثر زحمة في الجزيرة (شاترستوك)

ميكونوس... جزيرة ترقص مع الريح

بعد أيام من الراحة والاستجمام في سانتوريني، جزيرة الرومانسية والهدوء والتأمل، أكملنا مشوارنا في التنقل ما بين أجمل جزر اليونان، واخترنا ميكونوس.

جوسلين إيليا (ميكونوس-اليونان)
العالم جواز سفر سنغافوري (أ.ف.ب)

سنغافورة تُتوج بلقب صاحبة أقوى جواز سفر في العالم

تفوقت سنغافورة على فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا لتصبح صاحبة أقوى جواز سفر في العالم حيث يمكن لحاملي جواز سفر سنغافوري دخول 195 دولة دون تأشيرة دخول.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

قصور أبو سراح في عسير... ما شهد الإغلاق تحوَّل مقصداً لعشاق التاريخ

TT

قصور أبو سراح في عسير... ما شهد الإغلاق تحوَّل مقصداً لعشاق التاريخ

قصور تاريخية تحتفظ بإرث عمره نحو قرنين (واس)
قصور تاريخية تحتفظ بإرث عمره نحو قرنين (واس)

كان لافتاً ظهور وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب خلال مؤتمر التواصل الحكومي، الأربعاء، للكشف عن آخر مستجدات القطاع وتطلّعاته، وسط سلسلة جبلية تكسوها الخضرة، وأمام أحد القصور التاريخية في عسير.

 

احتفى الوزير بالأجواء التي تغمر المنطقة، إذ تنعم بالطقس المعتدل والسحب الواعدة بالمطر في ذروة لهيب الصيف. أشار إلى المكان الزاخر بروح التراث والتاريخ الذي احتفظت به قصور أبو سراح الواقعة في قرية العزيزة بمحافظة السودة، والعائدة ملكيتها إلى أسرة آل أبو سراح في عسير الذين سكنوها في فترة حكم آل عايض، وتبلغ مساحتها 3000 متر مربّع، ويتجاوز عمرها الـ200 عام.

 

وذكَرَ وزير السياحة أنّ هذا الموقع التاريخي كان مغلقاً قبل 4 سنوات فقط، لكنه عاد إلى الحياة من جديد ليصبح اليوم وُجهة سياحية واعدة يقصدها نحو 3 آلاف زائر يومياً. إنها قصة نجاح تعكس ما تتمتّع به السعودية من كنوز تراثية وسياحية يؤمّها السياح والزوّار من مختلف دول العالم.

الخطيب خلال المؤتمر الصحافي أمام القصور التاريخية (التواصل الحكومي)

تاريخ عمره قرنان

في غرب مدينة أبها، تظهر قصور أثرية عتيقة تحتفظ بإرث عمره نحو قرنين، منها قصور أبو سراح التي أعيد ترميمها بعدما كانت مهجورة وآيلة للسقوط، وعقد أصحابها العزم على تحويلها لوجهة سياحية يتوافد إليها الناس، للتعريف بقيمتها.

3 مبانٍ - قصر وازع، وقصر عزيز، وحصن المصلى - يتكوَّن بعضها من 6 طبقات، مبنية من الحجر وخشب العرعر ومغطاة بمادة القضاض من الخارج، تُعدّ الأكبر في عسير، وتتمتّع بصفة عمرانية فريدة ونمط بناء مغاير لقصور تاريخية أخرى في المنطقة، خصوصاً لجهة ارتفاع الأسقف، حيث لا تزال تلك القصور شامخة وقائمة رغم مرور الزمن.

القصور الأثرية في عسير استثمار سياحي يعبُق بالتاريخ (واس)

بناها الشيخ لاحق بن أحمد أبو سراح الزيداني؛ أحد وجهاء قبيلة بني مغيد ومنطقة عسير. ومؤخراً، تولّى أحد أبناء العائلة مَهمّة إنقاذ هذا الإرث وفتح أبوابه للسياح بوصفه شاهداً تاريخياً ومعرضاً حياً لنمط المعيشة مُدعَّماً بالوثائق والصور النادرة، والمقتنيات العسيرية القديمة.

إعادة تعريف السياحة التراثية

تتطلّع عسير وبقية مناطق المملكة إلى الاستثمار في مميزاتها الطبيعية والتاريخية، فتُشكّل مقصداً لمهتمّين بالتراث من داخل البلاد وخارجها. كما تهدف السعودية إلى تطوير القطاع السياحي وتحقيق تنوّع في الخيارات والوجهات، وتنمية سياحة المناطق الزراعية والريفية، للمساهمة في إثراء التجربة السياحية المحلّية.

 

من هنا، أكّد الوزير أحمد الخطيب أنّ المبادرات التي أُطلقت ضمن الاستراتيجية الوطنية للسياحة منذ 2019، فتحت أبواب السعودية للزوار من مختلف دول العالم، للتعرُّف إلى ما تضمّه المملكة من مواقع تاريخية مسجَّلة في قائمة «اليونيسكو» ومواقع سياحية متنوّعة وواعدة، مشيراً إلى أنّ «رؤية 2030» انطلقت لإعلاء القيمة الاقتصادية والاجتماعية لقطاعات عدّة؛ وملف السياحة من أهمها.

الإرث أُنقِذ وعاد إلى الحياة (واس)

وتعليقاً، أكّد الكاتب المهتمّ بالتراث، علي مغاوي، أنّ عسير مُكمِّلة لمنظومة الجذب السياحي في المملكة، انطلاقاً من الاستثمار في تراثها وقيمها التاريخية، وأضاف: «الجذب لا يقتصر عليها وحدها، بل يشمل جميع الآثار السعودية التي تبدأ من قلعة مارد في الجوف -شمال البلاد- إلى وادي نجران، مروراً بحائل ونجد والفاو وحضارة كندة إلى جرش».