الجيش الليبي يسيطر على سرت... ويطمئن مصراتة

تنديد أميركي بتصاعد القتال في طرابلس

اللواء أحمد المسماري يعلن السيطرة على سرت خلال مؤتمر صحافي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
اللواء أحمد المسماري يعلن السيطرة على سرت خلال مؤتمر صحافي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي يسيطر على سرت... ويطمئن مصراتة

اللواء أحمد المسماري يعلن السيطرة على سرت خلال مؤتمر صحافي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
اللواء أحمد المسماري يعلن السيطرة على سرت خلال مؤتمر صحافي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)

أعلن «الجيش الوطني» الليبي، أمس، أن قواته سيطرت بالكامل على مدينة سرت الساحلية بوسط البلاد، في عملية خاطفة ومفاجئة لم تستغرق أكثر من ثلاث ساعات، بحسب ما قال الناطق باسم القوات المسلحة الليبية اللواء أحمد المسماري.
وقال المسماري إن التمهيد للعملية تم في شكل سري بإشراف القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، موضحاً أن القوات الليبية تقدمت تحت غطاء قصف جوي وسيطرت في البدء على قاعدة القرضابية الضخمة جنوب سرت وعلى بلدة أبو هادي القريبة منها، قبل أن تندفع نحو سرت نفسها؛ الأمر الذي شكّل عنصر مفاجأة للقوات المتمركزة فيها والتي فرت غرباً في اتجاه مصراتة.
لكن المسماري وجّه رسالة طمأنة إلى مصراتة، قائلاً إن عملية الجيش الليبي كانت تستهدف سرت فقط كونها كانت تضم مسلحين ينوون مهاجمة الهلال النفطي الواقع إلى الشرق منها. وأقر بأن مسلحين بمدينة مصراتة يعتبرون سرت خط الدفاع عنهم من جهة الشرق؛ ولذلك شدد على أن مصراتة ليست الهدف المقبل لقوات اللواء حفتر. ويُشكل فقدان مدينة سرت نكسة لقوات حكومة «الوفاق» وانتصاراً معنوياً لقوات الجيش الوطني.
في المقابل، ذكر الناطق باسم «قوة حماية وتأمين سرت» التابعة لحكومة السراج، أنها تصدت لمحاولة قوات الجيش التقدم إلى البوابة 17 شرق المدينة، وهدد بأن قواته ستضرب دون هوادة «الميليشيات الإرهابية» التي تهدد أمن سرت، بحسب ما قال.
في غضون ذلك، أشار مكتب المشير حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، إلى توافد عدد من الوزراء بالحكومة الليبية، ومجالس البلديات، والمؤسسات والشركات التابعة للقطاعين العام والخاص، على مقرّ قيادة الجيش في الرجمة خارج مدينة بنغازي بشرق البلاد؛ لإعلان «الدعم اللامحدود للقوات المُسلحة في تصديها للعدوان والغزو التركيين». وأثنى حفتر، في بيان وزّعه مكتبه، أول من أمس، على «هذه الجهود الرامية لدعم القوات المسلحة في المواجهة... ضد الغزو التركي».
إلى ذلك، تصاعدت وتيرة المعارك جنوب العاصمة طرابلس، بينما بلغت الحصيلة النهائية لضحايا القصف الجوي الذي تعرضت له الكلية العسكرية في طرابلس 30 قتيلاً و33 جريحاً، وفق ما أعلنته وزارة الصحة بحكومة «الوفاق» التي اتهمت الجيش الوطني بالوقوف وراء القصف. وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في بيان أمس، استهداف الكلية العسكرية في منطقة الهضبة، جنوب طرابلس. وكان الجيش الوطني قد طالب رسمياً بفتح تحقيق في ملابسات القصف، وطالب الأمم المتحدة بإرسال لجان للتحقيق للمساعدة في كشف الحقائق.
وجاء ذلك في وقت بينما أفادت وزارة الخارجية في حكومة السراج بتأجيل زيارة لوفد أوروبي رفيع المستوى كانت مرتقبة اليوم إلى العاصمة طرابلس «بسبب الظروف الراهنة في البلاد». وأرجعت الوزارة، في بيان مقتضب: «تأجيل زيارة الوفد الأوروبي المكون من الممثل السامي لخارجية الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا إلى، الظروف الراهنة»، من دون أن تقدم المزيد من التفاصيل.
ونقلت وكالة «شينخوا» الصينية عن مصدر بوزارة الخارجية قوله، إن التأجيل يأتي على خلفية رفض السراج، لقاء الوفد الأوروبي نظراً للحرب الدائرة في طرابلس واستمرار هجوم قوات حفتر للسيطرة على العاصمة». وأضاف أنه «تم إبلاغ الوفد الأوروبي بذلك دون تحديد موعد قريب لاستقباله».
من جانبها، أدانت السفارة الأميركية لدى ليبيا بشدة التصعيد العسكري الذي شهدته طرابلس في الأيام الأخيرة، بما في ذلك الهجوم الذي قالت إن قوات تابعة للجيش الوطني شنّته على الكلية العسكرية بالهضبة الذي أدّى إلى مقتل عسكريين «يتدربون ليكونوا قوة أمنية محترفة» في العاصمة الليبية. ونددت السفارة أيضاً، في بيان أول من أمس، بالهجمات التي وقعت في الأيام الأخيرة على مطار معيتيقة بطرابلس و«القصف العشوائي» الذي استهدف البنية التحتية المدنية والأحياء السكنية في طرابلس، الذي أسفر عن مقتل وجرح الكثير من المدنيين. وأكدت السفارة الأميركية مجدداً أنها مستعدة لدعم جميع الجهود الليبية لإنهاء العنف، والحدّ من تدخل القوات الأجنبية، وإعادة إطلاق حوار سياسي تيسّره الأمم المتحدة، وهو السبيل الوحيد إلى السلام الدائم والازدهار.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.