دخان كثيف يعطل جهود الإنقاذ في أستراليا وسط مخاوف من اشتداد الحرائق

موريسون يتعهد إنشاء صندوق بقيمة 1.4 مليار دولار لإغاثة المتضررين

سيارة متفحمة بعد اجتياح الحرائق بلدة في نيو ساوث ويلز أمس (أ.ف.ب)
سيارة متفحمة بعد اجتياح الحرائق بلدة في نيو ساوث ويلز أمس (أ.ف.ب)
TT

دخان كثيف يعطل جهود الإنقاذ في أستراليا وسط مخاوف من اشتداد الحرائق

سيارة متفحمة بعد اجتياح الحرائق بلدة في نيو ساوث ويلز أمس (أ.ف.ب)
سيارة متفحمة بعد اجتياح الحرائق بلدة في نيو ساوث ويلز أمس (أ.ف.ب)

استغل المسؤولون في أستراليا تحسن الطقس، أمس، لإعادة فتح طرق أغلقتها حرائق الغابات ونقل بعض الأشخاص إلى أماكن آمنة، رغم أن الدخان الكثيف عطل جهود الإنقاذ وتسبب في استمرار حصار مئات الأشخاص.
ودمرت الحرائق نحو 20 مليون فدان من الأراضي في أنحاء البلاد، وأودت بحياة 25 شخصا على الأقل كما دمرت آلاف المباني، وحرمت بعض البلدات من الكهرباء وخدمات الهاتف المحمول. وأكدت الشرطة أمس، وفق وكالة «رويترز»، وفاة رجل يبلغ من العمر 71 عاما على الساحل الجنوبي لولاية «نيو ساوث ويلز» بعد أن أفادت تقارير سابقة بأنه في عداد المفقودين.
وأثارت الأمطار الخفيفة والرياح الباردة لليوم الثاني بعض الارتياح من الحرائق، التي أججتها درجات الحرارة المرتفعة واجتاحت أجزاء من ولايتين في مطلع الأسبوع، لكن المسؤولين حذروا من عودة الطقس الخطير خلال الأسبوع. وتحدّثت هيئة الإذاعة البريطانية عن تحذيرات من «حريق ضخم» انطلاقا من يوم الخميس، مع احتمال اندماج حرائق ولايتي نيو ساوث ويلز وفيكتوريا.
وقال دانيال آندروز، رئيس وزراء ولاية فيكتوريا، إنه تم نقل نحو 400 شخص جوا أول من أمس من بلدة مالاكوتا الساحلية الصغيرة. وأضاف «كانت لدينا خطط لنقل 300 آخرين اليوم لكن، للأسف، جعل الدخان ذلك مستحيلا».
وانتشر عسكريون من جنود الاحتياط في مناطق دمرتها الحرائق الهائلة في ثلاث ولايات أسترالية أمس بعد نهاية أسبوع مروعة، في وقت تعهدت الحكومة تخصيص 1.4 مليار دولار على مدى سنتين لجهود الإغاثة والتعويض عن الخسائر الناجمة عن الأزمة المستمرة منذ أشهر.
وحوّلت حرائق غابات كارثية مساحات شاسعة من الأراضي إلى بؤر متفحمة ودمرت مساحة توازي مساحة جزيرة آيرلندا، وفق أرقام رسمية، فيما حذرت السلطات من أن الكارثة يمكن أن تستمر لأسابيع أو أشهر كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتعهد رئيس الوزراء سكوت موريسون الذي تعرضت حكومته لانتقادات لبطء استجابته للطوارئ، تخصيص ملياري دولار أسترالي (1.4 مليار دولار أميركي) من أموال دافعي الضرائب لإنشاء صندوق وطني للإنقاذ.
وقال موريسون إن «الطريق طويل أمامنا، وسنكون إلى جانب هذه المجتمعات في كل خطوة من الطريق عندما يقومون بإعادة البناء».
واستفاد رجال الإطفاء الذين انضمت إليهم فرق جديدة من الولايات المتحدة وكندا، من تساقط المطر وانخفاض درجات الحرارة لمكافحة حرائق خارجة عن السيطرة قبل ارتفاع جديد في الحرارة تتوقعه الأرصاد في وقت لاحق هذا الأسبوع.
وفي أكبر تعبئة من نوعها لجنود الاحتياط، تم نشر فرق عسكرية في مناطق شرق أستراليا لمساعدة أجهزة الطوارئ على مسح الأضرار وإعادة التيار الكهربائي وإيصال إمدادات الطعام والمياه والوقود إلى مجتمعات معزولة.
وللمرة الأولى في تاريخ أستراليا، قامت الحكومة أيضا بنشر فريق المساعدة الطبية الذي ترسله عادة إلى دول أخرى للمساعدة في مرحلة ما بعد الكوارث، من أجل إغاثة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم. وقالت رئيسة حكومة ولاية نيو ساوث ويلز، غلاديس بيريجيكليان، أمس: «لا مجال للتقاعس، خاصة أن لدينا أكثر من 130 حريقا لا تزال مشتعلة في أنحاء الولاية».
أتت الحرائق على قرابة خمسة ملايين هكتار من الأراضي (50 ألف كلم مربع) في أنحاء نيو ساوث ويلز وأكثر من 1.2 مليون هكتار في ولاية فكتوريا منذ سبتمبر (أيلول)، وفق مسؤولين. ويوازي إجمالي المساحات المدمرة الذي يبلغ قرابة 8 ملايين هكتار، مساحة جزيرة آيرلندا أو ولاية كارولاينا الجنوبية الأميركية.
وفي ولاية فكتوريا، أعلن رئيس الحكومة دانيال أندروز إنشاء وكالة لمساعدة البلدات المدمرة في أعقاب الحرائق، موضحا أنها ستكون هيئة دائمة، إذ يتوقع أن تصبح الحرائق العنيفة اعتيادية. وقال آندروز للصحافيين: «يجب أن نكون صادقين إزاء حقيقة أننا سنشهد المزيد والمزيد من الحرائق، والمزيد والمزيد من الدمار مع حلول كل موسم حرائق... هذا هو الوضع الطبيعي الجديد».
وقال رئيس صندوق الإغاثة الذي تم إنشاؤه حديثا في ولاية فكتوريا، بات ماكنامارا إن موسم الحرائق هذا الصيف كان «كارثة زاحفة». وأضاف في تصريحات لشبكة «إيه بي سي» العامة «لم نصل بعد إلى ما يمكن اعتباره ذروة موسم الحرائق».
وفي بلدة إيدن المعروفة بمناظرها الخلابة جنوب شرقي الولاية، قالت هولي سبنس إنها أمضت أكثر من 12 ساعة تحمي مزرعة عائلتها السبت، بعد أقل من أسبوع على إنقاذها ليلة رأس السنة. وقالت المرأة البالغة 28 عاما لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا نريد أن نواجه هذا مرة ثالثة».
من ناحيتها، قالت فيونا كينيلي (50 عاما) التي غادرت مع 24 من أفراد عائلتها إلى نزل قرب إيدن، إنها تشعر بالارتياح لتحسن الظروف الجوية، ما منحهم استراحة. وقالت: «جيد أن نرى ضوء النهار في وقته مجددا»، مضيفة أن السماء كانت تصبح سوداء اللون في فترات بعض الظهر.
تجاوزت آثار حرائق الغابات المناطق المتضررة. فقد لف الدخان الكثيف ملبورن ثاني أكبر المدن الأسترالية والعاصمة كانبيرا. وأغلق عدد من الدوائر الحكومية في كانبيرا فيما اعتبرت نوعية الهواء فيها الأسواء في العالم، وفق مرصد مستقل على الإنترنت يرصد نوعية الهواء.
وتسببت الكارثة بغضب شعبي متزايد تجاه موريسون. وصدرت دعوات إلى التظاهر الجمعة لمطالبة حكومته بتسريع جهودها في التصدي للتغيّر المناخي الذي يقول الخبراء إنه أجج الحرائق.


مقالات ذات صلة

6 قتلى و60 جريحاً في حريق بدار للمسنين بالأردن

المشرق العربي مقر «جمعية الأسرة البيضاء-دار ضيافة المسنين» (وكالة الأنباء الأردنية)

6 قتلى و60 جريحاً في حريق بدار للمسنين بالأردن

قتل 6 أشخاص وأُصيب 60 آخرون، بينهم 5 إصابتهم بالغة، في حريق شب في إحدى دور رعاية المسنين في العاصمة الأردنية، عمان، على ما أفاد به مصدر رسمي، اليوم (الجمعة). ون

«الشرق الأوسط» (عمان)
أوروبا رافعة ترفع حاوية شحن في ميناء تجاري بكالينينغراد بروسيا 28 أكتوبر 2021 (رويترز)

اندلاع حريق في حوض لبناء السفن بمدينة روسية

شبَّ حريق في حوض لبناء السفن بمدينة كالينينغراد الساحلية الروسية، والتي تقع بين ليتوانيا وبولندا، ولم يسفر عن خسائر بشرية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

بعد أكثر من خمس سنوات من أعمال ترميم واسعة، كشفت كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية باريس عن هيئتها الجديدة للعالم اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا لحظة اندلاع الحريق أثناء اختبار الصاروخ «إبسيلون إس» في مركز تانيغاشيما الفضائي (رويترز)

حريق ضخم بموقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان (فيديو)

اندلع حريق ضخم صباح اليوم (الثلاثاء) في موقع تجارب تابع لوكالة الفضاء اليابانية أثناء اختبارها صاروخ «إبسيلون إس» الذي يعمل بالوقود الصلب.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية (أ.ب)

إخلاء طارئ لطائرة بعد اشتعال النيران في هاتف أحد الركاب واحتراق مقعد

تمكن طاقم طائرة من إجلاء أكثر من 100 راكب بعد أن اشتعلت النيران في هاتف أحد المسافرين على متن طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».