إردوغان يقترح على بوتين غداً هدنة في إدلب

بحث مع ميركل الوضع الإنساني في شمال غربي سوريا

TT

إردوغان يقترح على بوتين غداً هدنة في إدلب

ناقش الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التطورات في سوريا وبخاصة في محافظة إدلب والوضع الإنساني فيها في ظل موجة النزوح الكبيرة بسبب هجوم الجيش الحكومي وداعميه بمساندة من روسيا للمناطق الجنوبية والشرقية من المحافظة الواقعة في شمال غربي سوريا. وقالت مصادر تركية إن إردوغان أجرى اتصالا هاتفيا، أمس (الاثنين)، مع ميركل تناول خلاله معها الكثير من القضايا في مقدمتها الملف السوري وقضية اللاجئين.
في السياق ذاته، قال إردوغان إنه سيبحث مع نظيره الروسي فلاديمير الوضع الإنساني في محافظة إدلب السورية، خلال الزيارة التي سيقوم بها بوتين لتركيا غدا (الأربعاء). وأضاف إردوغان، في مقابلة تلفزيونية ليل الأحد - الاثنين، إن الرئيس الروسي سيزور تركيا، الأربعاء، وسيناقش معه بالتفصيل جميع القضايا الإقليمية، قائلا: «سأبحث مع بوتين موضوع إدلب. وآمل أن ننجح في وقف إطلاق النار». وأشار إردوغان إلى أن بلاده ستستضيف قمة رباعية حول سوريا في فبراير (شباط) المقبل في مدينة إسطنبول، تضم ألمانيا وبريطانيا وروسيا إلى جانب تركيا.
كانت قمة مماثلة جمعت بين قادة كل من تركيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لندن الشهر الماضي.
وسبق أن وقعت تركيا وروسيا عددا من التفاهمات بشأن وقف إطلاق النار في إدلب وكذلك إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والمعارضة، كما تحتفظ تركيا بـ12 نقطة مراقبة عسكرية في منطقة خفض التصعيد في إدلب بموجب تفاهمات أستانة.
والأسبوع الماضي، قال إردوغان إن هناك حركة نزوح ضخمة جديدة من إدلب تتضمن 250 ألف سوري باتجاه الحدود التركية جراء الاشتباكات، لافتا إلى أن بلاده ليس بإمكانها استقبال لاجئين جدد من سوريا.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إنه تم اتخاذ بعض التدابير، ووضع خطط حول المكان الذي يمكن أن يتم فيه استيعاب هذه الأعداد، إضافة إلى الإجراءات الإنسانية التي يمكن اتخاذها. وذكرت جمعية «منسقو الاستجابة المدنية في الشمال السوري»، المعنية بجمع البيانات عن النازحين، أن الأسبوع الماضي شهد نزوح أكثر من 44 ألف مدني من مناطق سكنهم في إدلب باتجاه الحدود التركية، هرباً من قصف نظام الأسد والميليشيات الإيرانية الداعمة له وروسيا، وأن إجمالي عدد النازحين من إدلب منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وصل إلى 328 ألفاً و418 نازحاً. وعبّرت الجمعية عن القلق إزاء نزوح 250 ألفاً آخرين، من منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، مع تصاعد الهجمات من جديد، مؤكدة حاجة الآلاف من النازحين إلى المأوى والمساعدات.
في الإطار ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس إن بلاده تواصل اتصالاتها مع روسيا بشأن التطورات الأخيرة في إدلب، للحفاظ على الهدوء ووقف إطلاق النار.
كان جاويش أوغلو بحث التطورات في إدلب مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، واتفقا على ضرورة الالتزام بالتفاهمات حول إدلب ومواصلة الجهود من أجل تحقيق الهدوء ووقف إطلاق النار فيها.
من ناحية أخرى، قال إردوغان إن عمليات بلاده العسكرية في شمال سوريا أسفرت عن تطهير أكثر من 8 آلاف و200 كيلومتر مربع من وجود من «الإرهابيين»، مشيرا إلى أنه لو التزمت واشنطن وموسكو بوعودهما لتوسعت مساحة الأراضي المطهرة في شمال سوريا حتى حدود العراق، في إشارة إلى التفاهمات مع الجانبين الأميركي والروسي حول المنطقة الآمنة في شرق الفرات التي أوقفت تركيا بموجبها عملية «نبع السلام» العسكرية في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
في السياق ذاته، اعتبر جاويش أوغلو أن العمليات العسكرية التركية الثلاث في شمال سوريا (غصن الزيتون ودرع الفرات ونبع السلام)، أفسدت «مشروع الدولة الإرهابية شمال سوريا وساهمت في المحافظة على وحدة التراب السوري»، مشيرا إلى أن تركيا أصبحت أهم القوى الفاعلة في العملية السياسية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.