كشف أسرار نظام البشير يفجّر معركة مؤجلة بين «إخوان السودان»

اتهموا علي عثمان طه بتدبير مؤامرات لتصفية خصومه

TT

كشف أسرار نظام البشير يفجّر معركة مؤجلة بين «إخوان السودان»

أدت تسريبات إعلامية، أبدى خلالها علي عثمان محمد طه نائب الرئيس السوداني المعزول حسرته على عدم تصفية وإعدام قياديين إسلاميين على ضلوعهما في محاولة انقلابية، إلى موجة انتقادات عاتية ضد الرجل المقبوض عليه منذ سقوط نظام الإنقاذ في أبريل (نيسان) 2019 الماضي، واعتبروها مؤامرة خسيسة لتصفية حسابات شخصية. ووصف قادة في «حركة الإصلاح الآن» التصريحات المسربة «صوتاً وصورة» عن علي عثمان محمد طه، والتي تحسّر فيها على عدم تنفيذ أحكام الإعدام على كل من رئيس الحركة غازي صلاح العتباني ونائبه حسن رزق تحت ذريعة اشتراكهما في محاولة انقلابية، بأنها «محاولة رخيصة لتصفية حسابات شخصية لطه ضد الرجلين».
وبثت فضائية «العربية» برنامجا توثيقيا أطلقت عليه «الأسرار الكبرى... كشف خفايا البشير مع الإخوان»، نشرت فيه مداولات داخلية لحركة الإخوان وحزبهم «المؤتمر الوطني»، واتهم خلالها علي عثمان محمد طه كلا من غازي صلاح الدين العتباني وحسن رزق، بأنهما كانا يقفان وراء المحاولة الانقلابية التي قادها العميد وقتها محمد إبراهيم (ود إبراهيم)، وطالب بإعدامهما كما فعلوا مع الإسلامي المنشق داود يحيى بولاد، ونسب إلى ود إبراهيم السؤال عن اعتقال العتباني لحظة القبض عليه، وقال: «هذا اعتراف واضح بضلوع غازي في العملية، وكان يجب حبسه على الأقل إذا لم يعدم». وأضاف «إذا كانا شيوعيين، ولم يكونا منا، كنا رميناهما في الحبس وأعدمناهما، مثلما قتلنا في يوم واحد 28 ضابطاً».
وأعدم «الإخوان»، الإسلامي المنشق داود يحيى بولاد بعد القبض عليه في عملية عسكرية ضد الحكومة السودانية في دارفور، وقتلوا 28 ضابطاً دون محاكمة، ودفنوهم في مكان مجهول على خلفية ضلوعهم في محاولة انقلابية عرفوا بـ«ضباط رمضان»، وبقيت مقابرهم مجهولة منذ 1990 حتى كشف عنها رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان قريباً.
وقال العتباني في تصريحات أمس، إن ما كشفته «العربية» عن محاولات لتصفيته «كانت معلومة بالنسبة له»، وبحسب صحيفة «السوداني» فإنه «يعرف ذلك منذ وقت طويل»، وتابع: «لكن هذه المعلومة جديدة على المشاهد، وما قيل شهادة له لكنه لا يريد أن يتكلم عن القضية الآن لأنّ المعنيين بها في السجون».
وقال المتحدث باسم حركة الإصلاح الآن التي يترأسها العتباني أسامة توفيق لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن ما ذكره طه في التسريبات محاولة لتصفية حسابات مع الرجلين، وأضاف: «بصفتي عضواً بلجنة الوساطة في المحاولة الانقلابية بقيادة العميد محمد إبراهيم، وحضوري لجلسات التحقيق والمحاكمة، فإن التحقيق كان يدور حول مدى مشاركة علي عثمان في المحاولة، وليس العتباني أو رزق»، وتابع: «ود إبراهيم كان في مكتب علي عثمان قبل يوم من الانقلاب، والتحقيقات كانت تدور لإيجاد ربط بين ود إبراهيم وعلي عثمان، ولم يتم السؤال عن العتباني بالمرة»، واستطرد: «محاضر التحقيق بالصوت والصورة عند الاستخبارات العسكرية ويمكن الرجوع إليها».
وأرجع توفيق تحسر طه على عدم تصفية كل من العتباني ورزق، إلى المنافسة بينه وبينهما على أمانة الحركة الإسلامية، وأضاف: «كان يريد توريطهما بمحاولة انقلابية للتخلص منهما، لكونهما كانا نشازاً داخل مجلس الشوري، يتحدثان عن الفساد وعن إبعاد المؤهلين والإتيان بغير المؤهلين». وجدّد التأكيد على أن ما نقلته الفضائية عن طه، بأنه «محاولة رخيصة وكذب واضح ومحاولة لتصفية حسابات شخصية لعلي عثمان مع العتباني وحسن رزق، والتيار الإصلاحي القوي داخل المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية». واعتبر توفيق التسريبات «دليل براءة» لكل من الرجلين، بقوله: «هذا فهم النظام ضدنا، وهو يؤكد أننا جزء من ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019، وأننا كنا نقاتل هذه الطغمة داخل مؤسسات النظام منذ 2012»، واستطرد: «نقول لمن يسألوننا أين كنتم قبل أن يسقط النظام، بأننا كنا نواجه أحكام الإعدام».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 أعلنت الحكومة السودانية اعتقال 13 من كبار ضباط الجيش والأمن الإسلاميين واتهمتهم بالتورط في محاولة انقلابية ضد البشير، أشهرهم قائد الحرس الرئاسي الأسبق العميد محمد إبراهيم الشهير بـ«ود إبراهيم» ومدير جهاز الأمن الأسبق «صلاح قوش» وآخرون، قبل أن يتم الإفراج عنهم بعفو رئاسي بعد أن أدانتهم محكمة عسكرية وقضت بسجن ود إبراهيم خمس سنوات.
وأصدرت لجنة محاسبة حزبية داخل المؤتمر الوطني الحاكم، قراراً بفصل غازي العتباني الذي كان يشغل وقتها منصب رئيس كتلة نواب الحزب بالبرلمان، وعضو مكتبه القيادة حسن رزق، والعميد محمد إبراهيم والقيادي أسامة توفيق، إثر تقديمهم لمذكرة احتجاجاً على قتل المتظاهرين السلميين في انتفاضة سبتمبر (أيلول) 2013 والتي قتل فيها قرابة الثلاثمائة محتج.
وكّونت المجموعة الإسلامية المنشقة حزباً أطلقت عليه «حركة الإصلاح الآن»، وعملت في معارضة نظام البشير، قبل أن تعود وتشارك في دعوته لما سماه بالحوار الوطني الذي دعا له في 2014.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.