إجراءات في السودان لاحتواء الانفلات الأمني

TT

إجراءات في السودان لاحتواء الانفلات الأمني

عزا نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ«حميدتي»، التفلتات الأمنية التي تشهدها البلاد، إلى تقييد الأجهزة النظامية من القيام بواجبها كاملاً، وذلك تزامناً مع ارتفاع حصيلة الأحداث القبلية في بورتسودان إلى 15 قتيلاً و111 مصاباً.
وقال «حميدتي» في تصريحات صحافية، أمس، إن السلطات بصدد معالجة القصور العمل الأمني بمنح الأجهزة النظامية سلطات واسعة لحفظ الأمن في كل مناطق البلاد. وشدد على أنه لا حصانة لأي شخص أو جهة، وأن السلطات ستتعامل بحسم مع كل ما يهدد الأمن القومي وسلامة المواطنين. وحذر «حميدتي» القوات النظامية من التقاعس عن القيام بدورها، ودعاها إلى الالتزام بمهنيتها، والابتعاد عن الانتماءات القبلية.
وحصل «حميدتي» على اتفاق من الأطراف المتصارعة بإقرار السلام والاستقرار في مدينة الجنينة الواقعة غرب دارفور، التي شهدت، الأسبوع الماضي، اشتباكات قبلية أودت بحياة 65 وإصابة أكثر من 100 ونزوح الآلاف. وقال «حميدتي» إن حكومة ولاية غرب دارفور تتحمل مسؤولية تفاقم الأحداث، بسبب تحركها المتأخر في معالجة المشكلة، ما أدى إلى انفراط الأمن وتأزم الموقف، معلناً عن قرارات مرتقبة لمعالجة الخلل الأمني.
من جهة ثانية، قال النائب العام السوداني تاج السر الحبر، إن لجنة التحقيق في أحداث الجنينة باشرت أعمالها بحيادية وشفافية ومهنية عالية. وأضاف أن اللجنة جاهزة لتلقي شكاوى المواطنين، على أن تكون مسنودة بالبينات والأدلة لتمكينها من تقديم الجناة للمحاكمة. وشدد الحبر على ضرورة بسط هيبة القانون حتى تنعم دارفور والبلاد بالسلام والاستقرار.
واتفق قادة الإدارة الأهلية وزعماء القبائل المتصارعة على وقف العدائيات، وعدم الاعتداء على الآخرين، لتحقيق الأمن والاستقرار بالولاية. وأعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني، أول من أمس، مضاعفة انتشار القوات الأمنية في مدن الجنينة ونيالا وبورتسودان والعاصمة الخرطوم، إلى جانب تعزيز وجود قوات الشرطة في الطرق. ووجّه مجلس الأمن والدفاع، قادة الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية برفع تقارير مفصلة عن الأوضاع الأمنية في كل أرجاء البلاد.
في غضون ذلك، أعلنت لجنة الأطباء المركزية، أن أعداد القتلى في أحداث مدينة بورتسودان ارتفعت إلى 15 بينهم طفلان، فيما بلغ عدد المصابين 111. واتهمت اللجنة في بيان منسوبي النظام المعزول بالوقوف وراء الأحداث الأخيرة، وسعيه لتأجيج الفتنة القبلية، من أجل تحقيق مكاسب سياسية. وأشارت إلى تقصير وتراخي الأجهزة الأمنية؛ بعدم تدخلها في الوقت المناسب واحتواء الأحداث قبل تفاقمها، على الرغم من تكررها خلال الأشهر الماضية.
وفي السياق، أعلنت حكومة ولاية البحر الأحمر، تشكيل لجنة تحقيق خاصة في الأحداث التي شهدتها مدينة بورتسودان في الأيام الماضية. وقالت في بيان إنها القت القبض على 21 من المتفلتين، ونشرت قوات كثيرة من الأجهزة النظامية بمناطق الأحداث حفاظاً على أرواح المواطنين وممتلكاتهم. وأشارت إلى أن الأحداث التي اندلعت الخميس واستمرت يومي الجمعة والسبت، خلّفت قتلى ومصابين، بينهم 7 مصابين من القوات النظامية. وتابعت أن لجنة أمن الولاية زارت الأحياء التي وقعت فيها الأحداث، ونجحت في احتواء الاشتباكات وتهدئة الأوضاع بين الطرفين. وناشدت الحكومة قيادات الإدارات الأهلية والمجتمعية بالولاية بالقيام بدورها المعهود في رتق النسيج الاجتماعي وإرساء قيم التعايش السلمي بين مكونات المجتمع المختلفة.
يُذكر أن أحداث بورتسودان بدأت بمشاجرة بين شخصين في السوق، بالأسلحة البيضاء، أدت إلى مقتل أحدهما، وسرعان ما تطورت إلى اشتباكات قبلية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».