متظاهرو العراق يعلنونها: «لا للاحتلالين الأميركي والإيراني»

بعد أن بلغ التوتر بين طهران وواشنطن أقصاه

محتج عراقي يلوح بعلم بلاده أمام الجدار الخارجي للسفارة الأميركية في بغداد (أ.ف.ب)
محتج عراقي يلوح بعلم بلاده أمام الجدار الخارجي للسفارة الأميركية في بغداد (أ.ف.ب)
TT

متظاهرو العراق يعلنونها: «لا للاحتلالين الأميركي والإيراني»

محتج عراقي يلوح بعلم بلاده أمام الجدار الخارجي للسفارة الأميركية في بغداد (أ.ف.ب)
محتج عراقي يلوح بعلم بلاده أمام الجدار الخارجي للسفارة الأميركية في بغداد (أ.ف.ب)

خرج متظاهرون في مدن عدة في العراق اليوم (الأحد)، وهم يهتفون: «لا للاحتلالين الأميركي والإيراني»، معدلين شعارهم للمطالبة بإبعاد بلدهم عن الصراع، في ظل التوتر الذي بلغ أوجه بين طهران وواشنطن، إثر اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية في بغداد.
وتجري التظاهرات في حين دعا البرلمان العراقي خلال جلسة طارئة عقدها (الأحد) إلى «إنهاء وجود أي قوات أجنبية» على أراضيه، إذ صادق النواب على قرار «إلزام الحكومة العراقية بحفظ سيادة العراق، من خلال إلغاء طلب المساعدة».
وتتمتع طهران بنفوذ كبير داخل مؤسسة «الحشد الشعبي» والفصائل المنضوية تحت لوائها، بينما تنشر الولايات المتحدة جنوداً في قواعد عسكرية عراقية، ولها نفوذ لدى بعض القوات الخاصة العراقية التي تشرف على تدريبها، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتنتشر قوة أميركية في العراق يبلغ عددها 5200 جندي، تعمل على محاربة تنظيم «داعش» ضمن تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة منذ نهاية عام 2014، بناء على طلب من الحكومة العراقية.
ورفض المتظاهرون التدخلات الأميركية والإيرانية على حد سواء، مرددين هتافات ضدها في شوارع الناصرية والديوانية والكوت والعمارة، جنوب العاصمة.
وفي الديوانية، قال أحد المتظاهرين لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنقف أمام الاحتلالين الأميركي والإيراني».
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «سلام لأرض السلام، خُلقت للسلام وما رأت يوماً سلاماً»، تحت مروحيات الجيش العراقي التي تحلق فوق المحتجين.
ولطالما تجنب العراقيون الدخول في حرب بالوكالة بين طهران وواشنطن؛ لكن بعد عملية اغتيال سليماني ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، وجد العراقيون أنفسهم عالقين وسط حرب محدقة قد تنفجر في أي لحظة.
ففي الناصرية، وقعت مواجهات بين محتجين رفضوا دخول مسيرة جنائزية لتشييع رمزي لسليماني والمهندس إلى شارع الحبوبي وسط المدينة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة متظاهرين بجروح، جراء إطلاق نار من قبل المشيِّعين، وفقاً لمصادر طبية في الناصرية.
وقال أحد المتظاهرين: «نرفض القتال بالإنابة على أرض العراق، وخلق الأزمات تلو الأزمات... نحذر من أن يتم تجاهل مطالبنا تحت أي ذريعة كانت».
وبالفعل، ما هي إلا ساعات بعد انتهاء مراسم التشييع حتى أصدرت «كتائب حزب الله»، أحد أبرز الفصائل الموالية لإيران في «الحشد الشعبي»، تهديدات بشن عمليات انتقامية ضد مصالح أميركية في العراق.
ودعت «كتائب حزب الله» القوات العراقية إلى «الابتعاد لمسافة لا تقل عن ألف متر» عن القواعد التي تضم جنوداً أميركيين، اعتباراً من مساء اليوم (الأحد)، ما يوحي بنيّة لاستهداف تلك القواعد.
وليل السبت، وقعت هجمات صاروخية استهدفت المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في وسط بغداد؛ حيث مقر السفارة الأميركية، وقاعدة جوية شمال العاصمة، يوجد فيها جنود أميركيون.
ومنذ عملية الاغتيال، تعيش المنطقة والعالم خوفاً متزايداً من اندلاع حرب.
وفي كربلاء خرجت تظاهرة طلابية تندد بالتدخل الخارجي وخرق سيادة العراق، وطالبت بإخراج العراق من ساحة تصفية الحسابات الإقليمية. وقال أحد المتظاهرين: «نعلن اليوم استنكارنا ورفضنا التام للتدخلات الأميركية وعمليات القصف التي حدثت في العراق».
وأضاف: «كما نرفض أن يصبح العراق ساحة للصراعات الدولية الإقليمية الإيرانية والأميركية، فمن يذهب نتيجة هذا الصراع هو المواطن العراقي».
وتصاعدت في الشهرين الأخيرين الهجمات على مصالح أميركية في العراق، وصولاً إلى استهداف قاعدة عسكرية في كركوك شمال بغداد بثلاثين صاروخاً، في 27 ديسمبر (كانون الأول)، ما تسبب بمقتل متعاقد أميركي.
كما تعرضت السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء يوم الجمعة الماضي لهجوم غير مسبوق، قام خلاله أنصار «الحشد الشعبي» بمحاصرتها لمدة يوم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.