«حماس» تؤكد عدم رغبتها في تصعيد ضد إسرائيل بقطاع غزة

أقامت و«الجهاد الإسلامي» بيت عزاء لسليماني... وناشطون فلسطينيون يحرقون أعلام أميركا

بيت العزاء الذي أقامته حركتا «حماس» و«الجهاد» في مدينة غزة لقاسم سليماني أمس (أ.ب)
بيت العزاء الذي أقامته حركتا «حماس» و«الجهاد» في مدينة غزة لقاسم سليماني أمس (أ.ب)
TT

«حماس» تؤكد عدم رغبتها في تصعيد ضد إسرائيل بقطاع غزة

بيت العزاء الذي أقامته حركتا «حماس» و«الجهاد» في مدينة غزة لقاسم سليماني أمس (أ.ب)
بيت العزاء الذي أقامته حركتا «حماس» و«الجهاد» في مدينة غزة لقاسم سليماني أمس (أ.ب)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة في قطاع غزة إن حركة «حماس» تؤكد أنها «غير معنية» بأي تصعيد في القطاع على خلفية قتل الولايات المتحدة قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بضربة جوية في بغداد فجر يوم الجمعة (بالتوقيت المحلي).
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «حماس» اتفقت مع مصر على الإبقاء على حالة الهدوء الحالية والمضي قدماً في تفاهمات التهدئة.
وتابعت أن «حماس» أبلغت جميع من تواصل معها أنها لن تسمح بتحويل غزة إلى ساحة لصراعات خارجية أو استخدامها لتصفية حسابات.
وقالت المصادر ذاتها إن الحركة أبلغت مصر والفصائل موقفها هذا، مشيرة إلى أنها تنطلق من حقيقة أن القطاع لا يحتمل أي حرب في هذا الوقت، وهي لا تريد جرّه إلى مواجهة ضمن حرب أوسع وأكبر وأكثر كلفة وغير معروفة التبعات إن حصلت، في إشارة إلى إمكان لجوء إيران إلى تحريك جماعات مرتبطة بها للانتقام من قتل سليماني.
وجاء موقف «حماس» في وقت قال فيه نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني العميد علي فدوي، إن «الثأر لسليماني من أميركا ليس منوطاً بإيران فقط بل بكل محور المقاومة»، مشدداً على أن قتل الجنرال الإيراني «عمل جبان» وسيتبعه «رد قاسٍ» ضد الأميركيين.
وتعتبر إيران «حماس» و«الجهاد الإسلامي» ضمن «محور المقاومة» المسؤولة عنه في المنطقة، إلى جانب «حزب الله» اللبناني ومجموعات شيعية في العراق واليمن وسوريا.
لكن علاقة إيران بفصيل «الجهاد الإسلامي» أكثر تقدماً من «حماس».
وشهدت العلاقة بين إيران و«حماس» مداً وجزراً خلال السنوات القليلة الماضية، قبل أن تصل إلى أفضل مستوى لها خلال العامين الماضيين.
ونعت «حماس» سليماني وأشادت «كتائب القسام» التابعة للحركة بما قدمه من دعم لها في القطاع.
وفتحت «حماس» و«الجهاد الإسلامي» أمس، بيت عزاء لسليماني في ساحة الجندي المجهول في مدينة غزة من الساعة الحادية عشرة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر.
وشاركت إلى جانب «حماس» و«الجهاد» فصائل يسارية مقرها دمشق أو تحظى بعلاقات جيدة مع دمشق. ورفعت صور سليماني في مقر العزاء فيما أحرق مشاركون أعلام الولايات المتحدة.
وقال محمد البريم، الناطق باسم «لجان المقاومة الشعبية»، إن «الولايات المتحدة الأميركية عدوة للأمة العربية والإسلامية وهي ترتكب الجرائم ضد العرب والمسلمين». وأضاف أن قرار إقامة بيت العزاء لسليماني جاء «وفاء واعترافاً» بدروه في دعم «المقاومة الفلسطينية» و«إسنادها في تطوير قدراتها»، بحسب ما قال. وتابع: «المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي ستبقى مفتوحة، والولايات المتحدة شريك إسرائيل في حربها ضد فلسطين ومحور المقاومة».
ونشر المعلومات عن موقف «حماس» ورغبتها في عدم حصول تصعيد في غزة جاء على خلفية تسريبات حول تهديد إسرائيلي للقطاع. ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية تقارير عن وصول وفد أمني إسرائيلي رفيع المستوى على متن طائرة خاصة إلى القاهرة، أول من أمس (الجمعة)، للقاء رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، من أجل التدخل لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، خصوصاً «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، لثنيها عن مهاجمة إسرائيل إذا طلبت منها ذلك رداً على اغتيال سليماني.
وتخشى إسرائيل من أن يجر تدخل الفصائل في غزة في قضية «الثأر» لسليماني، إلى تصعيد ميداني مع جنودها، وهي لا تريد الانشغال بجبهة قطاع غزة حالياً، نتيجة انشغالها على الجبهة الشمالية في سوريا ولبنان.
وقال المحلل العسكري في موقع «والا» العبري، أمير بوخبوط، إن إسرائيل حذّرت حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بغزة من الرد على اغتيال قاسم سليماني انطلاقاً من قطاع غزة. وأضاف أن إسرائيل نقلت رسالة التحذير إلى «حماس» و«الجهاد» من خلال مصر.
وأضاف المحلل بوخبوط أن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) سيعقد اليوم (الأحد)، جلسة خاصة لمناقشة التوترات الأمنية في المنطقة بعد اغتيال سليماني.
والتقديرات الأمنية الأولية في إسرائيل ترجح ألا ترد إيران على اغتيال سليماني باستهدافها هي، على الرغم مما ينشر حول أن الإدارة الأميركية أطلعت المستوى السياسي الإسرائيلي على قرار اغتيال سليماني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».