تلقت الأوساط الأميركية خبر الضربة التي استهدفت الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد، ليلة الخميس - الجمعة، بكثير من الترقب وسط مخاوف من رد انتقامي إيراني قد يسفر عن مواجهات عسكرية بين واشنطن وطهران مباشرة أو عبر وكلاء لإيران في الإقليم.
واعتبرت الإدارة الأميركية قتل سليماني نصراً سياسياً وضربة كان لا بد منها، مشيرة إلى أنها استهدفت الرد على أي محاولات إيرانية لضرب مصالح الولايات المتحدة بعد الهجوم على السفارة في بغداد. لكن محللين قالوا إن هذه الضربة تعد تصعيداً كبيراً قد يؤدي إلى تكثيف الأعمال القتالية. وأثار توقيت الضربة شكوكاً من معارضي ترمب بأن الرئيس يحاول إثارة صراع مع طهران لتشتيت الانتباه عن مشاكله الداخلية ومحاولات الديمقراطيين بالكونغرس للدفع بملف عزله.
وأفيد بأن القادة العسكريين يعملون حالياً على إعداد خطط لإرسال مزيد من القوات الأميركية للمنطقة تقوم بتأمين الجنود والمنشآت الأميركية وإجلاء المواطنين الأميركيين من جميع أنحاء العراق والاستعداد لرد فعل انتقامي من إيران ووكلائها في المنطقة. وتحدثت وسائل إعلام أميركية عن خطط لإرسال ما يقرب من 3500 جندي أميركي إلى المنطقة، في وقت تسربت أنباء عن مخططات إيرانية كانت ستستهدف دولاً عدة في الشرق الأوسط.
وغرّد الرئيس الأميركي، صباح الجمعة، مشيراً إلى أن قاسم سليماني قتل وأصاب الآلاف من الأميركيين على مدى فترة طويلة من الزمن وكان يخطط لقتل كثيرين آخرين، كما أنه مسؤول بشكل مباشر وغير مباشر عن مقتل ملايين الأشخاص بما في ذلك عدد كبير من المحتجين قُتلوا في إيران نفسها. وشدد على أنه كان يجب الإيقاع بسليماني منذ سنوات. وفي سلسلة تغريدات متعاقبة، أشار ترمب إلى أن الولايات المتحدة دفعت للعراق المليارات من الدولارات كل عام ولعدة أعوام وأن العراقيين لا يريدون أن تتحكم فيهم إيران و«الأمر يعود لهم»، مضيفاً أن إيران وسّعت نفوذها عبر 15 عاماً في العراق لكن «العراقيين ليسوا سعداء بذلك».
وكان ترمب قد اكتفى منذ الإعلان رسمياً عن الضربة الأميركية فجر الجمعة بنشر صورة للعلم الأميركي على موقعه في «تويتر» للإيحاء بانتصار أميركا، فيما أمضى وزير الخارجية مايك بومبيو الوقت كله في اتصالات هاتفية مع قادة ومسؤولين حول العالم استهدفت التنسيق بخصوص الضربة التي استهدفت سليماني.
وقال بومبيو لشبكة «فوكس نيوز» صباح الجمعة إن الضربة جاءت لمنع هجوم وشيك من قبل القوات التي يديرها سليماني، وإن الرئيس ترمب أوضح أنه سيتخذ إجراءات حاسمة وسريعة لحماية المصالح الأميركية. وأضاف بومبيو: «آمل بأن القيادة الإيرانية سترى ذلك وترى العزم الأميركي وأن قرارها سيكون هو وقف التصعيد واتخاذ إجراءات تتسق مع ما تفعله الدول العادية». وأضاف أن إدارة ترمب أظهرت ضبط النفس العسكري في مواجهة العشرات من الهجمات التي وجهتها إيران ووكلاؤها ضد المصالح الأميركية.
في غضون ذلك، وقع خبر تصفية قائد «فيلق القدس» كالصاعقة على رؤوس المشرعين الأميركيين، فمنهم من أشاد بقرار إدارة ترمب ومنهم من حذّر من عواقب وخيمة وتداعيات سلبية على المنطقة والولايات المتحدة نفسها.
وتغنّى حلفاء الرئيس الأميركي والصقور من الجمهوريين بالعملية التي أودت بحياة كل من سليماني ومستشاره في العراق نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس. واعتبر هؤلاء أن العملية أرسلت رسالة قوية وحازمة إلى إيران وأنها ستردع وكلاء إيران في العراق.
وأتت أبرز ردود الفعل على لسان حليف ترمب، ليندسي غراهام، الذي غرد بعد خبر الاغتيال قائلاً إن «ثمن قتل الأميركيين زاد بشكل كبير. ما جرى هو ضربة كبيرة للنظام الإيراني الذي لطخ يديه بالدم الأميركي». وتابع: «سليماني كان الرجل الأكثر قسوة ووحشية في نظام آي الله وقد لطخ يديه بدماء الأميركيين». وتابع غراهام الذي أمضى الأيام الماضية برفقة الرئيس الأميركي، قائلاً إن الضربة الأميركية لم تكن انتقاماً لما ارتكبه سليماني في الماضي بل ضربة استباقية لإحباط هجمات مستقبلية. وهدد غراهام النظام الإيراني قائلاً: «إذا استمرت إيران بمهاجمة الأميركيين وحلفائهم فسوف تدفع الثمن من خلال استهداف مصافي النفط الخاصة بها».
وقال السيناتور ماركو روبيو في سلسلة من التغريدات، إن «التصرفات الدفاعية التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد إيران ووكلائها أتت بعد تحذيرات واضحة لها. لكن النظام الإيراني اختار تجاهل هذه التحذيرات لأنه أعتقد أن الرئيس لن يتصرف بسبب انقساماتنا الداخلية. إلا أن حساباتهم كانت خاطئة للغاية».
وقد دعم الجمهوريون المعتدلون الذين عادة ما ينتقدون الرئيس الأميركي قراره بقتل سليماني، فقال السيناتور بن ساس الذي تجمعه علاقة مضطربة بترمب: «الأمر بسيط... سليماني قتل لأنه وغد شرير قتل أميركيين. الرئيس اتخذ القرار الشجاع والصائب وعلى الأميركيين أن يكونوا فخورين برجالنا الذين نفذوا المهمة».
كلمات الدعم والإشادة الجمهورية قابلها تشكيك ديمقراطي وتحذير من تداعيات الضربة. ففي حين أجمع الديمقراطيون على أن سليماني عدو أساسي للولايات المتحدة، إلا أنهم تخوفوا من تصعيد جدي في المنطقة. وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن الرئيس الأميركي اتخذ قرار الضربة من دون استشارة الكونغرس، وطالبت في بيان صادر عن مكتبها البيت الأبيض بتقديم معلومات مفصلة للمشرعين حول الخطوات المقبلة في استراتيجيتها في المنطقة. وتابعت بيلوسي أن «الغارة الأميركية سوف تؤدي إلى تصعيد خطير للعنف. الولايات المتحدة والعالم لا يستطيعان تحمل تصاعد التوتر لنقطة اللاعودة».
من جهتهم، حذر المرشحون الديمقراطيون للرئاسة الأميركية من تصعيد خطر للعنف في الشرق الأوسط بعد قتل سليماني، وقال نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في بيان: «الرئيس ترمب ألقى حفنة من المتفجرات على برميل بارود. قد نكون على مشارف صراع كبير في الشرق الأوسط وآمل بأن تكون الإدارة فكرت ملياً بنتائج المسار الذي اتخذته».
أميركا تتأهب وتخطط لإرسال آلاف الجنود للمنطقة
ترمب: سليماني قتل الآلاف وكان يجب الإيقاع به منذ سنوات... انقسام جمهوري ـ ديمقراطي حول تداعيات الضربة
أميركا تتأهب وتخطط لإرسال آلاف الجنود للمنطقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة