تباين ردود الفعل العراقية حيال هجوم المطار

السيستاني دعا إلى تحكيم صوت العقل... والصدر استنفر أنصاره

متظاهرو ساحة التحرير في بغداد يحتفلون بمقتل سليماني (أ.ف.ب)
متظاهرو ساحة التحرير في بغداد يحتفلون بمقتل سليماني (أ.ف.ب)
TT

تباين ردود الفعل العراقية حيال هجوم المطار

متظاهرو ساحة التحرير في بغداد يحتفلون بمقتل سليماني (أ.ف.ب)
متظاهرو ساحة التحرير في بغداد يحتفلون بمقتل سليماني (أ.ف.ب)

رغم دعوة المرجعية الشيعية العليا في النجف إلى تحكيم صوت العقل في التعامل مع ما سيلي حادثة اغتيال قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» في العراق أبو مهدي المهندس، فإن ردود الفعل التي تلت ذلك بدت شديدة التباين، حتى بين كبار رجال الدين الشيعة، سواء في العراق أو إيران.
وحذر رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي من أن الضربة الجوية الأميركية تشكل «تصعيداً خطيراً يشعل فتيل حرب مدمرة» في العراق، بينما دعا الرئيس برهم صالح جميع الأطراف إلى «ضبط النفس، وتغليب صوت العقل والحكمة، وتقديم المصلحة الوطنية العليا».
ومن إيران، دعا المرجع الشيعي آية الله كاظم الحائري، إلى تحريم الوجود الأميركي في العراق، وهو ما سوف يؤدي إلى تقوية مواقف جهات سياسية من فصائل وأحزاب، تذهب باتجاه إخراج الأميركيين من العراق على الفور. الحائري وفي بيان له أمس، شدد على «ضرورة تبني المسؤولين إلغاء الوجود الأميركي، أو ما يسمَّى قوات التحالف من أرض وطننا الحبيب»، على حد وصفه.
في مقابل ذلك، فإن المرجع الشيعي المقيم في العراق آية الله بشير النجفي، اكتفى في برقية التعزية باستنكار «الاعتداء على الأراضي العراقية، وخرق السيادة، وخرق الاتفاقات الدولية»، مشيراً إلى أنه «من المؤسف أن يصبح العراق ميدان الحرب وتصفية الحسابات». وبينما دعا رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي «الحكومة في هذا الظرف الحساس إلى اتخاذ الإجراءات والتدابير السياسية والقانونية والأمنية اللازمة لإيقاف مثل هذه الاعتداءات» فإن رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي دعا إلى عقد مؤتمر إقليمي يقود المنطقة كلها إلى شواطئ السلام.
الحلبوسي في بيانه دعا أيضاً إلى «ضبط النفس، وتغليب الحكمة، وتوحيد الصفوف، ومواجهة التحديات، وإبعاد العراق عن أن يكون ساحة اقتتال، أو طرفاً في أي صراع إقليمي أودولي، وتجنيبه أي نزاعات مسلحة، والحفاظ على استقرار البلد وأمنه الذي أنهكته الحروب».
وفي ظل هذه التداعيات، جاءت دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى إعادة «جيش المهدي» إلى الواجهة من جديد، بعد أكثر من 11 عاماً على حله، لتضع الجميع على حافة التوقعات المتباينة لما يمكن أن يحصل. فـ«جيش المهدي» الذي أسسه الصدر بعد احتلال الولايات المتحدة الأميركية للعراق عام 2003، كجزء من سياق المقاومة، تم حله عام 2011 بعد خروج الأميركيين من العراق، ولم تكن آنذاك قد تشكلت معظم الفصائل المسلحة التي بات لها وجود قوي في العراق، مثل «كتائب حزب الله»، و«عصائب أهل الحق»، وغيرها. كما لم يكن آنذاك دور كبير للجنرال قاسم سليماني، ولا لأبو مهدي المهندس، الذي ازدادت أدوارهما بعد عام 2014، عندما احتل تنظيم «داعش» معظم المحافظات الغربية من العراق.
ولا يزال الصدر يملك شارعاً قوياً، بخلاف الأحزاب والفصائل المسلحة الأخرى التي تصنف بأنها قريبة من إيران، التي تملك تنظيمات على الأرض، لم تكن نظرة الصدر إليها نظرة إيجابية يوماً، وهو ما يزيد المخاوف اليوم من أن تنعكس عودة «جيش المهدي» الذي كان له دور في الحرب الأهلية خلال الأعوام من 2006 – 2008، على العلاقة الملتبسة بين الفصائل الشيعية ذاتها.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.