مسيرة حاشدة وسط عمان رفضاً للغاز الإسرائيلي

مسيرة عمان أمس (أ.ف.ب)
مسيرة عمان أمس (أ.ف.ب)
TT

مسيرة حاشدة وسط عمان رفضاً للغاز الإسرائيلي

مسيرة عمان أمس (أ.ف.ب)
مسيرة عمان أمس (أ.ف.ب)

شارك المئات في مسيرة حاشدة انطلقت من أمام الجامع الحسيني في وسط العاصمة الأردنية عمان، بعد صلاة الجمعة أمس، تنديداً بوصول الغاز الإسرائيلي إلى الأردن بعد فشل البرلمان في تعطيل الاتفاق. وشارك في المسيرة الشعبية التي توقفت عند ساحة النخيل من وسط العاصمة، طيف واسع من ممثلي الأحزاب السياسية المعارضة من القوى الإسلامية واليسارية والقومية والنقابات المهنية والحراكات الشعبية من المحافظات، الذين طالبوا بمحاسبة الحكومات التي ساهمت في توقيع الاتفاقية، وتنفيذ بنودها، بعد أن وصل الغاز الإسرائيلي رغم الرفض الشعبي الواسع له.
كما طالبت المسيرة، الحكومة الحالية، بفسخ الاتفاقية فوراً، معتبرين المضي بالاتفاقية «خيانة»، محملين الحكومة نفاذ تلك الاتفاقية جراء عدم استجابتها للمطالبات الشعبية بإلغائها، معتبرين أن «استيراد الغاز الإسرائيلي خدمة للاحتلال الصهيوني الذي يعظم قوته على حساب قتل الفلسطينيين». ورفع المشاركون في المسيرة التي دعت إليها «الحركة الإسلامية» في البلاد شعارات «التطبيع خيانة... غاز العدو خيانة»، و«تسقط حكومات التطبيع... شعب الأردن ما ببيع»، و«شعب الأردن ما بساوم... شعب الأردن كله مقاوم»، كما هتف المشاركون «اسمع وافهم يا رزاز... دمنا ما بصير غاز»، و«تسقط حكومة الرزاز... تسقط اتفاقية الغاز».
كان خبر بدء الضخ التجريبي للغاز الإسرائيلي إلى الأردن، قد فجر مواجهة جديدة بين الحكومة والرأي العام، لتجد القوى الحزبية والنقابية والنيابية نفسها أمام حتمية تنفيذ وعودها بالتصعيد لمواجهة تنفيذ اتفاقية الغاز، التي يعتبرونها تطبيعاً اقتصادياً مرفوضاً مع الاحتلال.
وفي وقت متأخر من مساء الأربعاء، أعلنت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية «نيبكو»، في بيان رسمي، عن بدء الضخ التجريبي للغاز الطبيعي المستورد من شركة «نوبل» (شركة نوبل جوردان ماركيتينغ - NBL) بموجب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين عام 2016. ويستمر الضخ التجريبي لمدة ثلاثة أشهر، وفقاً للمتطلبات الفنية والعقدية بين الجانبين. بعدها بدأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالتصعيد، وسط دعوات شعبية لتنفيذ مسيرات واعتصامات تندد بإصرار الحكومة على المضي بتنفيذ الاتفاقية التي تعتبرها قوى نقابية باتفاقية إذعان، فيما تجد فعاليات شعبية بأن تنفيذ الاتفاقية من شأنه كسر صمود الشعب الفلسطيني، وتدعم نفوذ الاحتلال الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني.
إلى ذلك من المتوقع أن تشهد جلسة نيابية يوم الأحد، ارتفاعاً حاداً في سقف الخطاب المعارض للحكومة، وسط دعوات لإحياء مذكرة حجب الثقة عن الحكومة التي وقعها نواب على خلفية موقف حكومة عمر الرزاز من تنفيذ الاتفاقية، حرصاً على عدم دفع الشرط الجزائي المترتب على فسخها. وتحتمي الحكومة الحالية بحجة أن الاتفاقية جرى توقيعها في زمن حكومة سابقة، لتتطور المطالبات النيابية إلى إحالة رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، مذكرة حملة «صفة الاستعجال» للمطالبة بإصدار قانون يمنع استيراد الغاز الإسرائيلي، بعد أن أفتت المحكمة الدستورية الأردنية بعدم جواز مرور اتفاقية الغاز على المجلس، لكونها اتفاقاً بين شركات خاصة، وتساهم الحكومة بحصة فيها.
كانت حكومة هاني الملقي السابقة وقعت اتفاقية الغاز مع شركة أميركية لاستيراد الغاز من إسرائيل عبر شركة الكهرباء الأردنية، ما فتح باب الجدل واسعاً، ودشن حملة شعبية اعتبرت أن «غاز العدو احتلال»، لتتواصل ردود الفعل مهددة بإسقاط الحكومة شعبياً.
وما زاد حالة الاحتقان على مدار أكثر من عامين، تمترس الحكومة السابقة، ومن بعدها حكومة عمر الرزاز، خلف حجة سرية الاتفاقية، وعدم الكشف عن بنودها بذريعة تحمّل الأردن شرطاً جزائياً مالياً، في حال كشف تفاصيلها، مع الدفاع عن الاتفاقية رسمياً مع انقطاع الغاز المصري مراراً عن الأردن. وحاولت حكومة عمر الرزاز أن تلقي بمسؤولية العمل بالاتفاقية على حكومة هاني الملقي السابقة، من عام 2016، وضرورة الالتزام بعدم مخالفة الشرط الجزائي في الاتفاق، الذي يُلزم أي جانب بفسخ الاتفاق بدفع غرامة مالية تقدر بمليار دينار أردني (مليار و400 مليون دولار).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.