الجزائر: احتجاجات الجمعة تهاجم خيارات الرئيس بخصوص الحكومة الجديدة

المتظاهرون اعتبروا الاحتفاظ بـ7 وزراء سابقين رفضاً للتغيير الذي ينشده الحراك

مظاهرات في شوارع العاصمة الجزائرية أمس رفضاً للتشكيلة الحكومية الجديدة (أ.ف.ب)
مظاهرات في شوارع العاصمة الجزائرية أمس رفضاً للتشكيلة الحكومية الجديدة (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: احتجاجات الجمعة تهاجم خيارات الرئيس بخصوص الحكومة الجديدة

مظاهرات في شوارع العاصمة الجزائرية أمس رفضاً للتشكيلة الحكومية الجديدة (أ.ف.ب)
مظاهرات في شوارع العاصمة الجزائرية أمس رفضاً للتشكيلة الحكومية الجديدة (أ.ف.ب)

«يا المساجين، برافو عليكم والجزائر تفخر بكم»... كان هذا أبرز شعار في «حراك الجمعة 46» بالجزائر، رفعه آلاف المتظاهرين، أمس، ترحيباً بانضمام العشرات من المعتقلين إليهم من جديد، وذلك بعد 24 ساعة من الإفراج عنهم. فيما انتقد ناشطون اختيارات الرئيس عبد المجيد تبون، بخصوص الوزراء الذين ضمتهم الحكومة الجديدة.
وبدا الحراك في أسبوعه الجديد منتعشاً بعودة عدة ناشطين إليه، بعضهم كانوا من قادة المظاهرات، أمثال حكيم عداد، الرئيس السابق لأكبر تنظيم شبابي في البلاد، الذي تعرض كل قادته للاعتقال والإدانة بالسجن. لكن، وعلى عكس ما توقعه الناشطون، فإن السلطات لم تفرج عن زعيمه عبد الوهاب فرساوي، يوم الخميس، الذي شهد إطلاق سراح 76 ناشطاً دفعة واحدة.
وتدفقت حشود كبيرة بعد صلاة الجمعة على ساحات «أول مايو»، و«موريس أودان»، والبريد المركزي بالعاصمة، وحمل عدد من المتظاهرين المعتقلين على الأكتاف، وهتفوا بحياة من زالوا في السجن، وكانوا خلال الأشهر الماضية من أبرز وجوه الحراك الشعبي، أمثال الكاتب الصحافي فضيل بومالة، والناشط السياسي الكبير كريم طابو، والناشط سمير بلعربي. لكن غاب عن الحراك أمس الثمانيني ورجل الثورة لخضر بورقعة، الذي أفرج عنه، بسبب إرهاق يشعر به، حسب محاميه الذين كانوا أيضاً ضمن المتظاهرين.
وردّد المتظاهرون، أمس، شعار «سيادة شعبية... مرحلة انتقالية»، باعتباره المطلب الأول للحراك الشعبي، الذي رفض الانتخابات الرئاسية، التي فاز بها الرئيس عبد المجيد تبون في 12 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما هتفوا بصوت واحد: «شيئاً فشيئاً سنزيل العسكر من المرادية»، في إشارة إلى قصر الرئاسة، وكذلك «دولة مدنية وليس عسكرية»، وهو الشعار الذي كان يستهدف رئيس أركان الجيش المتوفى في 23 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الفريق أحمد قايد صالح باعتباره الحاكم الفعلي للبلاد، حسب المتظاهرين.
ومساء الخميس، عيّن الرئيس تبون، بعد أسبوعين تماماً على تولّيه مهامه، أعضاء حكومته الأولى التي ضمّت 39 عضواً، بقيادة رئيس الوزراء عبد العزيز جراد. ولم تضم الحكومة منصب نائب وزير الدفاع، الذي كان يشغله قايد صالح، علماً بأن حقيبة وزير الدفاع احتفظ بها رئيس الجمهورية.
وجاءت غالبية الشعارات المتعلقة بالحكومة الجديدة رافضة للوزراء، خصوصاً أولئك الذين شاركوا في الأسابيع الأولى للمظاهرات، وأهمهم وزير الصناعة فرحات آيت علي، ووزير التجارة كمال رزيق، ووزيرة الثقافة مليكة بن دودة.
وقال محمد كشاد، وهو شاب عاطل عن العمل جاء من حي شعبي بضواحي العاصمة للمشاركة في الحراك: «من كانوا معنا في المظاهرات والتحقوا بحكومة تبون لا يمثلوننا... فقد اختاروا الانضمام إلى السلطة، بينما نحن نطالب بتغييرها».
وفي سياق رفض الطاقم الحكومي، بلمسة ساخرة، ذكرت سليمة كرار، وهي مناضلة في حزب معارض: «قلنا لهم طعامكم سيئ المذاق، فبدّلوا الملاعق!»، وهي إشارة إلى أن الفريق الحكومي الجديد لا يختلف عن سابقه المقال.
وحسب كثير من المتظاهرين، فإن الاحتفاظ بسبعة وزراء من حكومة رئيس الوزراء السابق نور الدين بدوي، وإعادة العديد من وزراء كانوا في حكومات سابقة، يعبر عن رفض الرئيس الجديد التغيير الذي يطالب به الحراك منذ أكثر من 10 أشهر.
وقال حزب «الحرية والعدالة»، الذي كان يرأسه الوزير المستشار المتحدث باسم الرئاسة، محمد السعيد، الذي استقال منه عشية استوزاره، في بيان، إنه «لا يمكن الحكم على التشكيل الحكومي الجديد إلا بعد إعطائه الوقت الكافي من أجل فتح كل الورش، وتلبية تطلعات المواطنين، وما تبقى من مطالب الحراك»، مؤكداً أنه «تلقى بارتياح خبر الإفراج عن جل معتقلي الحراك، وهي خطوة إيجابية تدخل في إطار تهدئة الأجواء للذهاب إلى حوار وطني شامل، ويمكن من رص الصفوف وبناء جبهة داخلية قوية، لمواجهة الأخطار المحدقة بنا على طول حدود وطننا العزيز». كما دعا «منشطي الحراك الشعبي، بمختلف شرائحه، إلى إيجاد الإطار القانوني للمساهمة في بناء النظام الجديد، الذي وضعت أسسه ثورة 22 فبراير (شباط) السلمية، لأن المصلحة الوطنية في هذا الظرف الدقيق تقتضي التفاعل الإيجابي مع دعوة رئيس الجمهورية إلى الحوار، ومساعدته على حسن الإصغاء لمطالب المسيرات الشعبية الأسبوعية، التي لم يقنعها المسار الانتخابي، بدل الاستمرار بتيارات وانتماءات آيديولوجية متباينة، عادة ما تدفع إلى المزايدة السياسية على حساب الواقعية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.