أنقرة تتخذ تدابير لمواجهة تدفق النازحين من إدلب

TT

أنقرة تتخذ تدابير لمواجهة تدفق النازحين من إدلب

أعلنت أنقرة أنها اتخذت سلسلة تدابير لمواجهة تدفق النازحين من إدلب فراراً من القصف وهجوم قوات النظام وداعميه على جنوب وشرق المحافظة في شمال غربي سوريا.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، إن تركيا اتخذت سلسلة تدابير حيال «موجة لجوء» من محافظة إدلب السورية باتجاه الحدود التركية، نافياً ما تردد عن عدم استعداد تركيا لتدفق جديد للاجئين انطلاقاً من الأراضي السورية باتجاه حدودها.
وأضاف صويلو، خلال زيارته لمديرية هيئة الطوارئ والكوارث الطبيعية التركية في ولاية هطاي الحدودية مع سوريا في جنوب تركيا، أن تحرك مدنيين سوريين باتجاه الحدود التركية، جاء جراء الاشتباكات في محافظة إدلب ونحن أمام حركة لجوء تقدر بنحو 250 ألف شخص، وقد توقعنا هذه الحركة من قبل، ونتابعها منذ فترة».
وتابع صويلو: «اتخذنا بعض التدابير، ووضعنا خططاً حول المكان الذي يمكن أن نستقبل فيه هذه الحركة، إضافة إلى الإجراءات الإنسانية التي يمكن اتخاذها».
وبحسب جمعية «منسقو الاستجابة المدنية في الشمال السوري»، المعنية بجمع البيانات عن النازحين، شهدت الأيام الأربعة الأخيرة نزوح أكثر من 44 ألف مدني من مناطق سكنهم في إدلب باتجاه الحدود التركية، هرباً من قصف نظام الأسد والميليشيات الإيرانية الداعمة له وروسيا. وقال مدير الجمعية محمد حلاج، لوكالة «الأناضول» التركية أمس (الجمعة)، إن إجمالي عدد النازحين من إدلب منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وصل إلى 328 ألفاً و418 نازحاً. وعبّر عن قلقه من نزوح 250 ألفاً آخرين، من منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب، مع تصاعد الهجمات من جديد، مؤكداً حاجة الآلاف من النازحين إلى المأوى والمساعدات.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، إن ما بين 200 و250 ألف شخص ينزحون من إدلب السورية باتجاه حدودنا، ونحاول اتخاذ التدابير اللازمة، وإن الموضوع ليس سهلاً؛ لأن من يقفون هناك هم بشر، ونحن لا يمكن بعد نقطة معينة أن نبني الحواجز والأسلاك الشائكة ضد أي إنسان مثلما يفعل الغرب.
بدوره، قال فؤاد أوكطاي، نائب الرئيس التركي، إن أعداد النازحين في ازدياد جراء قصف النظام السوري الذي يستهدف المنطقة، وإن روسيا تدعم النظام بينما لم تبد إيران موقفاً واضحاً لإنهاء هذا الوضع.
وأضاف، أن تركيا لا يمكنها استقبال النازحين داخل حدودها نظراً لزيادة أعدادهم، لكنها ستواصل رعايتهم في الجانب الآخر من الحدود: «يجب أن نجد حلاً داخل سوريا، ولا يمكننا مواجهة المشاكل التي أوجدها العالم، بمفردنا، لدينا حالياً نحو 4 ملايين لاجئ، نحو 3.6 مليون منهم سوريون».
وأجرى إردوغان اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ليل الخميس - الجمعة، أعلن البيت الأبيض بعده أن ترمب وإردوغان اتفقا على ضرورة وقف التصعيد وخفض التوتر في إدلب من أجل حماية المدنيين.
بالتوازي، كشفت مصادر أمنية تركية عن تحييد متين أرسلان، الذي كان يعرف بـ«مسؤول الاستخبارات» في وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا، وذلك خلال عملية نفذتها المخابرات التركية في شمال العراق في مطلع نوفمبر الماضي.
وقالت المصادر، إن أرسلان، المولود في 1968، هو ابن خال عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني (المحظور) المسجون في تركيا مدى الحياة، ومدرج في القائمة الحمراء التركية للمطلوبين في جرائم إرهابية.
وأضافت المصادر، أن أرسلان التحق بصفوف العمال الكردستاني عام 1994، وأصبح المسؤول عن معسكر «غارا» شمال العراق في 2007، و«أصدر أوامر كثيرة لتنفيذ هجمات إرهابية ضد تركيا». وتابعت، أن أرسلان تولى منصب المسؤول عن الاستخبارات الخارجية لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردستاني السوري في 2012، وتولى العمل قائداً لما يسمى بمقر الحزب في جبل «كاراتشوك» شمال سوريا، وتعرض للإصابة بجروح في غارة تركية على المقر مؤخراً.
وتنقسم «لائحة الإرهابيين المطلوبين» من قبل تركيا إلى 5 قوائم، هي الحمراء، والزرقاء، والخضراء، والبرتقالية، والرمادية، وهو تصنيف حسب درجة خطورة الإرهابيين وما قاموا به.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».