التهديدات والهجمات لم تمنع جلسات النقاش في الخيم في وسط بيروت

TT

التهديدات والهجمات لم تمنع جلسات النقاش في الخيم في وسط بيروت

لم تحل التهديدات التي تعرض لها المحتجون في وسط بيروت، دون تنظيم جلسات النقاش والحوار التي تراجعت بسبب الطقس العاصف. فقد تحول موقف العازارية في وسط البلد، منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى مساحة مفتوحة يتلاقى فيها الناس من مختلف الأطياف والأجناس، كباراً وصغاراً يختلفون من حيث التوجه والانتماء لكنهم يلتقون في نفس المكان ويتنقلون بين خيمة وأخرى للمشاركة في موضوعات النقاش المختلفة هناك.
يقول علي، وهو أحد الموجودين باستمرار في الساحات، لـ«الشرق الأوسط» إنّ «عامل الطقس أثر قليلاً على الندوات التي كان يتمّ عقدها في الساحات؛ حيث خفت قليلاً، لكن الساحات ما تزال نقطة تجمع الشبان الّذين يتناقشون في مواضيع مختلفة تتعلق بالشأن العام»، لافتاً إلى أن «التجمعات باتت أكثر أمام نقاط مركزية مثل البنك المركزي وجمعية المصارف وغيرها من المرافق العامة».
والأسبوع الماضي، عقدت جلسة حوارية، تخللتها أسئلة وأجوبة، حول حملة «مش دافعين» التي تدعو لتوقف جميع المقترضين عن دفع ديونهم المستحقة للمصارف أسوة بغير القادرين من المقترضين، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.
وعلى مدى الأيام الماضية، نظمت جمعيات المجتمع المدني تلك الندوات، فنصبت خيماً في الساحة، من بينها «بيروت مدينتي» و«مواطنون ومواطنات في دولة»، وتختلف موضوعات النقاش بين خيمة وأخرى، إلّا أنّ معظمها يتمحور حول الواقع الاقتصادي والقانوني والسياسي في البلاد. ويتخذ القيمون على الجلسات عناوين مختلفة لنقاشاتهم ولكن في الغالب تكون مفتوحة لطرح وجهات النظر والتساؤلات لكنها مرتبطة بالمرحلة الراهنة.
واللافت، أنّ السجال السياسي حول مضمون ندوة حوارية أقيمت في خيمة «ملتقى التأثير المدني» في وقت سابق، وما تبع ذلك من تكسير للخيمة اعتراضا على وجودها، لم يؤثر على الندوات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والقانوني على عكس ما جرى حين أخذ النقاش أبعاداً سياسية.
ويقول الناشط المدني، المشارك في إدارة حوارات «خيمة الملتقى» زياد عبد الصمد لـ«الشرق الأوسط»: «إن أهمية هذه الحوارات تكمن في تنوع المشاركين، عمرياً وفكرياً وفئوياً، ففي الخيم يوجد أفراد من القطاع الخاص وعمال ومستثمرون ومفكرون وأساتذة جامعيون وطلاب وغيرهم ممن يطرحون وجهات نظرهم في المواضيع المطروحة».
ومن بين العناوين التي طرحتها النقاشات، أسباب الانتفاضة، والبديل عن النظام الحالي، وملف النقابات، والمسار السياسي والشعبي القائم، ومطلب الحكومة الانتقالية والبحث في مهامها وآلية تشكيلها ومعايير ومواصفات الوزراء فيها وآلية مراقبة أدائها ومحاسبتها، وغيرها الكثير من العناوين.
ويجد حسين مهدي وهو أحد المشاركين في الحوارات، في حديث مع «الشرق الأوسط» إنّ «ما يميز هذه النقاشات أنّها مفتوحة للعامة وليست محصورة بالنخب والأشخاص المعنيين والمتابعين، وبأن المواضيع الطاغية على نقاشات الخيم هي اقتصادية واجتماعية كون التحركات الشعبية أتت نتيجة تردي الواقع المعيشي في لبنان، ما شكل فرصة لجميع الأفراد لاكتساب المعرفة في هذه المواضيع».
ويعتبر مهدي أنّ هذه النقاشات ستؤثر على وعي الناس لحقيقة ما يجري، إذ إنّ «الفكرة من هذه النقاشات تمكين المواطن، غير المنخرط مع أي مجموعة سياسية، كي يكون لديه الوعي الكافي لمناقشة أقرانه حتى يصل إلى مواجهة السلطة، وبالتالي تبدأ من الدائرة الضيقة له وتتوسع إلى الدائرة الكبيرة».
وكان لافتاً، النقاشات التي أقيمت بمبادرات فردية من قبل شبان نصبوا خيمهم في وسط بيروت، كجزء من الحوارات اليومية، إذ يقول يوسف زيتون وهو طبيب متمرن لـ«الشرق الأوسط»: «هدفت من خلال نصب هذه الخيمة كسر صورة الشغب التي يحاول البعض إسقاطها على الحراك، والتوعية على المطالب الأساسية لتحركات الشبان والشابات».
وتعج الساحات بالوجوه الشابة، إذ تشارك مروحة من الناس من مختلف الأعمار في حوارات وتساؤلات وطرح إشكاليات مختلفة، في محاولة لتوحيد وجهات النظر في مساحات حوارية مختلفة، ولكن أهم ما في هذه المروحة، عنصر الشباب الّذين لديهم قدرة للضغط والتأثير.
ولا يختلف مشهد جلسات النقاش هذه، عن النقاشات التي أقيمت في مبنى «the Egg» وحديقة الإسكوا وساحة سمير قصير، والنقاشات الجانبية التي تقيمها مجموعات صغيرة في وسط بيروت.



أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
TT

أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)

استطاع حزب «الجبهة الوطنية» الوليد في مصر، أن يلفت الانتباه سريعاً، بسبب دعاية غير تقليدية صاحبت الإعلان عنه، ووُصفت بـ«المثيرة للجدل»، بينها مواكب لسيارات دفع رباعي سوداء تجوب القاهرة ترفع رايات الحزب، فضلاً عن حشود مؤيدين أمام مكاتب «الشهر العقاري» بالمحافظات لتسجيل توكيلات، تمهيداً لتقديم الحزب أوراق تأسيسه.

ويشترط تأسيس حزب جديد التقدم بإخطار للجنة شؤون الأحزاب، يكون مصحوباً بتوكيلات من 5 آلاف عضو من المؤسسين حداً أدنى، على أن يكونوا من 10 محافظات على الأقل، بما لا يقل عن 300 عضو من كل محافظة.

ولا يجد الحزب، الذي أعلن عن نفسه بمؤتمر ضخم في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بفندق «الماسة» في العاصمة الإدارية، صعوبة في جمع التوكيلات، بل إن عضو الهيئة التأسيسية للحزب، ووزير الزراعة السابق، السيد قصير، قال في تصريحات تلفزيونية، قبل أيام، إن ما لديهم من توكيلات «يفوق بأضعاف ما يحتاج إليه الحزب للتأسيس».

ورغم ذلك، لا تزال السيارات التي تحمل شعار الحزب، تجوب الشوارع إلى اليوم، ملتفاً حولها المئات، ممن حرروا توكيلات للحزب أو ينتظرون توقيعها.

وتداول نشطاء عبر «السوشيال ميديا» صوراً لسيارات «دفع رباعي»، قالو إنها تجوب القاهرة، داعية المواطنين إلى الانضمام للحزب، وانتقد البعض ما عَدُّوه «مبالغة لا تتناسب» مع الطبيعة الجغرافية للعاصمة، حيث توجد هذه السيارات بكثرة في المناطق الصحراوية الوعرة مثل محافظة شمال سيناء.

وربط البعض بين هذه السيارات ورجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني الذي يوجد نجله ضمن الهيئة المؤسِّسة للحزب.

ولم ينفِ الحزب على لسان وكيل مؤسسيه وزير الإسكان السابق عاصم الجزار، دعمه من قِبل العرجاني وغيره من رجال الأعمال، وذلك «لرد الجميل في صورة عمل مجتمعي». وأضاف الجزار خلال تصريحات إعلامية: «قولنالهم لا هنوزع كراتين ولا بطاطين، إحنا عايزين نعلم الناس إزاي يصطادوا ومنديلهمش سمكة».

وعَدَّ نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، مشهد خروج حزب «الجبهة الوطنية» الجديد «مفتعلاً، ولا يعبِّر عن حراك حقيقي في الحياة الحزبية في مصر»، بل يراه «إعادة استنساخ لتجربة حزب (مستقبل وطن)» صاحب الأغلبية البرلمانية حالياً والموالي للسلطة.

وانتقد ربيع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الدعم الرسمي الكبير للحزب، والذي يظهر في «فتح القاعات الكبرى له، وتعليق دعايته على جدران المؤسسات الرسمية»، مؤكداً أن ذلك سيفضي إلى «نتائج عكسية، ويعكس غياب النزاهة والشفافية».

سيارة تابعة للحزب من أجل جمع التوكيلات (صفحة الحزب - فيسبوك)

وربط ربيع بين تجربة الحزب الجديد وتجربة «الاتحاد الاشتراكي» في ستينات القرن الماضي، والذي أسسه النظام الناصري ليضم فئات مختلفة من الفلاحين والعمال والمثقفين والرأسمالية الوطنية، بغرض دعم مصطلحات يصفها بـ«المائعة» مثل: دعم القيادة السياسية، والاصطفاف والتوحد خلف الدولة المصرية، وغيرها من المصطلحات التي تعني الحشد والتعبئة، مؤكداً أن «ذلك لا يمثِّل بديلًا للحاجة الملحة لوجود حياة سياسية حقيقية، وفتح المجال العام في مصر».

وكان وكيل مؤسسي الحزب قال في تصريحات عدة إن الحزب سيضم كل أطياف المجتمع المصري، وإنه لا يسعى للموالاة ولا المعارضة، ولا يسعى إلى الحكم، وإنما هدفه «تحسين الحياة السياسية».

لكن النائبة فريدة الشوباشي، وهي عضوة الهيئة التأسيسية للحزب، انتقدت الهجوم عليه دون حتى انتظار لرؤية ما سيحققه على الأرض، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «ما جذبني للحزب أنه حزب لجميع المصريين كما خرج شعاره، مؤكدة أنها لمست بنفسها حماساً جماهيرياً كبيراً واستبشاراً بالحزب خلال جولة لها في محافظة المنصورة (دلتا النيل)».

وأضافت: «لا أحد يستطيع أن يمنع الانتقادات، لكن من يدّعي أن الحزب يحشد هؤلاء الجماهير، فعليه أن يُثبت كلامه»، مشيرةً إلى أنها عادةً ما تتجاهل مثل هذه الآراء التي تهدف إلى «الهدم وليس البناء».

من جانبه، انتقد أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور حسن عماد مكاوي، مشهد «الدعاية المبالغ فيه لحزب (الجبهة الوطنية) الجديد»، مرجعاً ذلك إلى أن «كثيراً من الأحزاب السياسية في مصر ليس لها دور، وهي عبارة عن فقاعات تطفو على السطح، وسرعان ما تختفي، كونها مصطنعة، وليست نابعة من الشارع».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن المواطنين عادةً ما يتجاهلون هذا النوع من الدعاية، ويقابلونه بحالة من «اللامبالاة»، على حد وصفه.

وبينما تتواصل الانتقادات، يستمر الحزب في دعايته، من ضمنها جلسة مع عدد من السيدات في محافظة الجيزة للتعريف بالحزب، قائلًا في بيان عبر صفحته على «فيسبوك»، الأحد، إن اللقاء «ضمن استراتيجية للتفاعل المباشر مع المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية، والاستماع لمقترحاتهم وتطلعاتهم، تفعيلاً لمبدأ الشفافية، وتعزيز المشاركة المجتمعية وتبادل الأفكار والرؤى بهدف إعلاء المصلحة العليا للوطن والمواطن».

لقاء جماهيري لحزب الجبهة الوطنية في الجيزة (صفحة الحزب على فيسبوك)

ويرى عضو هيئة المؤسِّسين بالحزب محمد مصطفى شردي، أن الحزب لم يحرك أي جمهور أو مظاهرة سياسية لدعمه، معلقاً: «لا تعتبوا على حزب لم يبدأ نشاطه السياسي بعد». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، ما حدث أن «قيادات سياسية كبيرة وبالبرلمان أعلنوا في دوائرهم تأييدهم الحزب الجديد، فهبَّ مؤيدوهم إلى تحرير توكيلات، لإظهار الترحيب».