تغيير مركز هندرسون عوض غياب فابينيو ودعم دفاعات ليفربول

بعد تسع سنوات من تجربة فاشلة مع المنتخب الإنجليزي

جوردان هندرسون (أ.ب)
جوردان هندرسون (أ.ب)
TT

تغيير مركز هندرسون عوض غياب فابينيو ودعم دفاعات ليفربول

جوردان هندرسون (أ.ب)
جوردان هندرسون (أ.ب)

في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2010، أعطى المدير الفني الإيطالي فابيو كابيلو، جوردان هندرسون، الفرصة للمشاركة في أول مباراة دولية مع المنتخب الإنجليزي في مباراة ودية ضد فرنسا، ولعب هندرسون إلى جانب غاريث باري في خط الوسط، بينما كان المنتخب الإنجليزي يعتمد على طريقة 4 - 2 - 3 - 1. وفي الشوط الثاني، وبعد أن تم استبدال باري بآدم جونسون، تراجع ستيفن جيرارد لكي يلعب بجوار هندرسون؛ لكن الأمور لم تسر على ما يرام، ولم يبدأ هندرسون أي مباراة أخرى مع إنجلترا حتى المباراة الودية التي لعبها أمام الدنمارك في مارس (آذار) 2014.
لكن لماذا سارت الأمور بشكل جيد بعد ذلك؟ في البداية، يجب التأكيد على أن هندرسون ليس محور ارتكاز، حتى قبل أن تبدأ في التفكير في مدى صعوبة أن تحاول أن تلعب كمحور ارتكاز في ظل وجود لاعب رائع بجوارك مثل جيرارد. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي كان يرى فيها جمهور سندرلاند - الذي كان يلعب له هندرسون آنذاك – أن كابيلو لا يهتم برؤية مباريات الفريق من أجل اختيار أحد لاعبيه لصفوف المنتخب الإنجليزي، إذ إن أحد الأسباب التي جعلت دارين بينت يرحل عن سندرلاند - بعد شهرين من المشاركة الدولية الأولى لهندرسون مع المنتخب الإنجليزي - هو شعوره بأن فرصه في الانضمام لصفوف المنتخب الإنجليزي ستكون أكبر إذا ما لعب في أي مكان آخر.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو: كيف يمكن لأي شخص كان يشاهد هندرسون يلعب بشكل مستمر ويبذل مجهوداً خرافياً داخل الملعب، ولديه قدرة هائلة على التحمل، ودقة كبيرة في إرسال الكرات العرضية بقدمه اليمنى، أن يغير مركزه ليلعب أمام الأربعة مدافعين؟ لقد لعب هندرسون على الجهة اليمنى مع نادي سندرلاند، عندما تم تصعيده من فريق الشباب للفريق الأول، قبل أن يغير ستيف بروس مركزه ويدفع به في خط الوسط؛ لكنه كان يلعب دائماً في مراكز تسمح له بالانطلاق في الأماكن الخالية، للدرجة التي تجعلك تشعر بأنه إذا لم يجد المكان المناسب للركض فإنه سيواصل الركض في أي مكان، بسبب الطاقة الهائلة التي يمتلكها.
وحتى بعد انتقال هندرسون إلى ليفربول، ظلت هذه المشكلة تلاحقه، حتى بعد أن تغلب على نية المدير الفني السابق للريدز، بريندان رودجرز، في بيعه في بداية الأمر. وحتى بعدما تولى المدير الفني الألماني يورغن كلوب قيادة الفريق، بدا الأمر وكأن طريقة لعب هندرسون لا تناسب ليفربول، وأن النادي سوف يستغني عن خدماته ويستبدل به لاعباً آخر. وكان الأمر يبدو وكأنه لا يملك الانضباط الخططي والتكتيكي الذي يجعله يلعب كمحور ارتكاز، في خط وسط مكون من ثلاثة لاعبين. وكانت نقطة الانطلاقة الحقيقية لهندرسون – ولليفربول – الموسم الماضي عندما لعب فابينيو كمحور ارتكاز، في الوقت الذي لعب فيه هندرسون بحرية أكبر في خط الوسط ناحية اليمين. وأصبح هندرسون لاعباً أساسياً في صفوف «الريدز» في عدد من المباريات المتتالية، أمام ساوثهامبتون، وبورتو، وتشيلسي، الموسم الماضي.
وبالتالي، عاد هندرسون للعب في المركز الذي يساعده على تقديم أفضل ما لديه داخل الملعب، وقاد الفريق للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا، ورأيناه وهو يحتفل بشكل عاطفي مع والده، بعد رفع كأس البطولة الأقوى في القارة العجوز.
لكن ما الذي حدث بعد فوز ليفربول بدوري أبطال أوروبا؟ في الحقيقة، يمكن التأكيد على أن الفوز على توتنهام هوتسبير في نهائي دوري أبطال أوروبا بمدريد، كان هو أفضل لحظة في مسيرة هندرسون الكروية؛ حيث لم يعد لديه ما يريد أن يثبته للآخرين. كان ينقصه بالطبع مساعدة ليفربول على الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد 30 عاماً – ومن المؤكد أن ليفربول سوف يفعل ذلك خلال الموسم الجاري – لكن ذلك يعد هدفاً جماعياً للفريق كله، وليس لهندرسون وحده. لقد حقق هندرسون كل ما كان يحلم به، وربما أكثر، فذلك اللاعب الذي رفض المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد، السير أليكس فيرغسون، التعاقد معه في عام 2011 بسبب طريقته الغريبة في الركض، واصل التألق وقاد ليفربول للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا، وفي طريقه لحصد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد 30 عاماً من الغياب عن ملعب «أنفيلد».
لقد كانت إصابة فابينيو في نوفمبر الماضي إحدى اللحظات التي كان من الممكن أن تعرقل ليفربول وتخرجه عن مساره الصحيح هذا الموسم؛ لكن هندرسون عوض غياب اللاعب البرازيلي على أكمل وجه، بسبب مجهوده الكبير ورغبته الدائمة في التعلم. إن أي شخص رأى هندرسون وهو يلعب أول مباراة له في خط الوسط مع سندرلاند، والتي كانت أمام برمنغهام سيتي على ملعب الأخير، قد شكك في قدرة هندرسون على اللعب في هذا المركز؛ لكنه أصبح بعد أسابيع قليلة أفضل لاعب في خط وسط الفريق، ولا يمكن الاستغناء عنه.
وفي أربع مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز، شارك خلالها اللاعب البالغ من العمر 29 عاماً أمام رباعي خط الظهر وخلف خط الوسط، لم تهتز شباك الفريق سوى مرة وحيدة، كما أن ثلاثاً من الخمس مباريات التي نجح الفريق خلالها في الحفاظ على نظافة شباكه كانت خلال هذه الفترة. كما شارك هندرسون في مركز محور الارتكاز في المباراة النهائية لكأس العالم للأندية، أمام فلامنغو البرازيلي.
وأمام ليستر سيتي «الوصيف»، وعلى الرغم من أن ترينت ألكسندر أرنولد هو من خطف الأضواء بسبب تسجيله لهدف، واشتراكه في الثلاثة أهداف الأخرى، فإن هندرسون لعب دوراً محورياً في فوز «الريدز» بتلك المباراة، بفضل مجهوده الوفير واستخلاصه للكرات وتعطيل الهجمات الخطيرة.
لكن ما كان ملحوظاً في أداء ليفربول – بعد الدقائق العشر الأولى التي بدا فيها كل فريق معرضاً لاستقبال أهداف من الهجمات المرتدة الخطيرة – هي الطريقة التي سيطر بها على مجريات الأمور، والضغط المتواصل على حامل الكرة والاستحواذ على الكرة لفترات طويلة. وجاء هندرسون في المركز الأول بين جميع لاعبي الفريقين؛ من حيث التمريرات الصحيحة بنسبة 93.4 في المائة، بما في ذلك عشر تمريرات طويلة ودقيقة، من بين 11 تمريرة طولية. إنه ليس تشابي أو أندريا بيرلو، ولن يصل لهذا المستوى مطلقاً؛ لكنه أمام ليستر سيتي على ملعب «كينغ باور» قدم أداء قريباً من أداء هذين النجمين اللامعين.
لقد أخطأ كابيلو قبل تسع سنوات عندما لم يشرك هندرسون في المركز المناسب؛ لكن هندرسون أصبح لاعباً كبيراً بعد ذلك، بفضل رغبته الدائمة في التعلم والتطور يوماً بعد يوم.


مقالات ذات صلة

«البريمرليغ»: يونايتد وتشيلسي يتعادلان مع أستون فيلا ونوتنغهام

رياضة عالمية جانب من مواجهة أستون فيلا ومانشستر يونايتد ضمن منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز (أ.ف.ب)

«البريمرليغ»: يونايتد وتشيلسي يتعادلان مع أستون فيلا ونوتنغهام

حقق مانشستر يونايتد نتيجة جيدة إذا قورنت بمشواره خلال الأسابيع الماضية، بعودته من ملعب أستون فيلا بنقطة التعادل السلبي، الأحد، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فيرجيل فان دايك (أ.ب)

قائد ليفربول: نريد المنافسة حتى اليوم الأخير للفوز بالبريمرليغ

يرغب فيرجيل فان دايك، قائد فريق ليفربول، في أن يواصل فريقه المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، هذا الموسم، حتى المرحلة الأخيرة من عمر البطولة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية جيريمي دوكو (د.ب.أ)

دوكو: السيتي لا يحتاج إلى تسجيل المزيد من الأهداف في غياب رودري

أكد جيريمي دوكو، نجم فريق مانشستر سيتي، عدم وجود ضغوط على مهاجمي فريقه لتسجيل مزيد من الأهداف لتعويض غياب لاعب خط الوسط الإسباني رودري.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية بيب غوارديولا (إ.ب.أ)

غوارديولا: مواجهة فولهام كانت صعبة

أثنى الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي على لاعب وسطه الكرواتي الدولي ماتيو كوفاسيتش الذي لعب دوراً محورياً في الفوز على فولهام 3 - 2، السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ماتيو كوفاسيتش يحتفل بعد التسجيل في فولهام (د.ب.أ)

كوفاسيتش: الهدفان لطفلي الصغير... وأي فريق سيفتقد رودري

أشاد الكرواتي الدولي ماتيو كوفاسيتش، نجم وسط مانشستر سيتي، بتحسن شخصية فريقه خلال الفوز الصعب على فولهام 3-2، السبت، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
TT

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)

وصل النجم النرويجي الدولي إيرلينغ هالاند إلى 100 مباراة في مسيرته مع فريق مانشستر سيتي، حيث احتفل بمباراته المئوية خلال فوز الفريق السماوي 2 - صفر على مضيفه تشيلسي، الأحد، في المرحلة الافتتاحية لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وكان المهاجم النرويجي بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى ملعب «الاتحاد» قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني في صيف عام 2022، حيث حصل على الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي الممتاز كأفضل هداف بالبطولة العريقة في موسميه حتى الآن. واحتفل هالاند بمباراته الـ100 مع كتيبة المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا على أفضل وجه، عقب تسجيله أول أهداف مانشستر سيتي في الموسم الجديد بالدوري الإنجليزي في شباك تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج»، ليصل إلى 91 هدفاً مع فريقه حتى الآن بمختلف المسابقات. هذا يعني أنه في بداية موسمه الثالث مع سيتي، سجل 21 لاعباً فقط أهدافاً للنادي أكثر من اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي لمانشستر سيتي.

وعلى طول الطريق، حطم هالاند كثيراً من الأرقام القياسية للنادي والدوري الإنجليزي الممتاز، حيث وضع نفسه أحد أعظم الهدافين الذين شهدتهم هذه البطولة العريقة على الإطلاق. ونتيجة لذلك، توج هالاند بكثير من الألقاب خلال مشواره القصير مع سيتي، حيث حصل على جائزة لاعب الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولاعب العام من رابطة كتاب كرة القدم، ولاعب العام من رابطة اللاعبين المحترفين، ووصيف الكرة الذهبية، وأفضل لاعب في جوائز «غلوب سوكر».

كان هالاند بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى مانشستر (أ.ف.ب)

وخلال موسمه الأول مع سيتي، أحرز هالاند 52 هدفاً في 53 مباراة في عام 2022 - 2023، وهو أكبر عدد من الأهداف سجله لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم واحد بجميع البطولات. ومع إحرازه 36 هدفاً، حطم هالاند الرقم القياسي المشترك للأسطورتين آلان شيرر وآندي كول، البالغ 34 هدفاً لكل منهما كأكبر عدد من الأهداف المسجلة في موسم واحد بالدوري الإنجليزي الممتاز. وفي طريقه لتحقيق هذا العدد من الأهداف في البطولة، سجل النجم النرويجي الشاب 6 ثلاثيات - مثل كل اللاعبين الآخرين في الدوري الإنجليزي الممتاز مجتمعين آنذاك. وخلال موسمه الأول مع الفريق، كان هالاند أيضاً أول لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يسجل «هاتريك» في 3 مباريات متتالية على ملعبه، وأول لاعب في تاريخ المسابقة أيضاً يسجل في كل من مبارياته الأربع الأولى خارج قواعده. وكان تسجيله 22 هدفاً على أرضه رقماً قياسياً لأكبر عدد من الأهداف المسجلة في ملعب «الاتحاد» خلال موسم واحد، كما أن أهدافه الـ12 ب دوري أبطال أوروبا هي أكبر عدد يحرزه لاعب في سيتي خلال موسم واحد من المسابقة.

أما في موسمه الثاني بالملاعب البريطانية (2023 - 2024)، فرغم غيابه نحو شهرين من الموسم بسبب الإصابة، فإن هالاند سجل 38 هدفاً في 45 مباراة، بمعدل هدف واحد كل 98.55 دقيقة بكل المنافسات، وفقاً لموقع مانشستر سيتي الإلكتروني الرسمي. واحتفظ هالاند بلقب هداف الدوري الإنجليزي للموسم الثاني على التوالي، عقب إحرازه 27 هدفاً في 31 مباراة... وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما سجل هدفاً في تعادل مانشستر سيتي 1 - 1 مع ليفربول، حطم هالاند رقماً قياسياً آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما أصبح أسرع لاعب في تاريخ المسابقة يسجل 50 هدفاً، بعد خوضه 48 مباراة فقط بالبطولة.

وتفوق هالاند على النجم المعتزل آندي كول، صاحب الرقم القياسي السابق، الذي احتاج لخوض 65 لقاء لتسجيل هذا العدد من الأهداف في البطولة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وخلال فوز سيتي على لايبزيغ، أصبح اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً في ذلك الوقت أسرع وأصغر لاعب على الإطلاق يسجل 40 هدفاً في دوري أبطال أوروبا، حيث انتقل إلى قائمة أفضل 20 هدافاً على الإطلاق بالمسابقة.

كما سجل هالاند 5 أهداف في مباراة واحدة للمرة الثانية في مسيرته مع سيتي في موسم 2023 - 2024، وذلك خلال الفوز على لوتون تاون في كأس الاتحاد الإنجليزي. ومع انطلاق الموسم الجديد الآن، من يدري ما المستويات التي يمكن أن يصل إليها هالاند خلال الأشهر الـ12 المقبلة؟