مقتل 50 وجرح أكثر من 100 في نزاع أهلي بدارفور

السلطات رفضت الديات ووعدت بتقديم الجناة للعدالة

آثار الحرائق في احد معسكرات اللاجئين في مدينة الجنينة بدافور بعد اشتباكات قبلية (أ.ب)
آثار الحرائق في احد معسكرات اللاجئين في مدينة الجنينة بدافور بعد اشتباكات قبلية (أ.ب)
TT

مقتل 50 وجرح أكثر من 100 في نزاع أهلي بدارفور

آثار الحرائق في احد معسكرات اللاجئين في مدينة الجنينة بدافور بعد اشتباكات قبلية (أ.ب)
آثار الحرائق في احد معسكرات اللاجئين في مدينة الجنينة بدافور بعد اشتباكات قبلية (أ.ب)

تعهد مجلسا السيادة والوزراء في السودان، باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتقديم الجناة للعدالة، في الاقتتال القبلي بمدينة الجنينة، غرب البلاد، الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى خلال اليومين الماضيين، أثناء ذلك تظاهر الآلاف أمام مجلس الوزراء، تنديداً بالأحداث.
وذكر «الهلال الأحمر السوداني» أنه أحصى 48 جثة تم تحويلها إلى المشرحة، وحصر 167 مصاباً تم إسعاف 55 منهم إلى مستشفى الجنينة، و19 في حالة حرجة تم نقلهم إلى العاصمة الخرطوم لتلقي العلاج.
وقال الأمين العام للجمعية، عثمان جعفر، إن أعداد النازحين من القرى والمعسكرات تبلغ 8 آلاف أسرة، تم إيواؤهم في المدارس والمساجد بمدينة الجنينة.
ومن جهة ثانية، أفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، بأن أعداد القتلى تتجاوز الـ50، مع إصابة أكثر من 150، بالإضافة إلى إجلاء بعض الحالات الخطرة إلى العاصمة الخرطوم لتلقي العلاج، مشيرة إلى أن العشرات في عداد المفقودين.
وأضاف شهود عيان أن الأحداث أصابت المدينة وضواحيها بشلل تام، وتوقفت الحياة على مدى اليومين الماضيين، وأدت إلى نزوح آلاف المواطنين إلى داخل المدينة. وأشاروا إلى أن المدينة تشهد انتشاراً أمنياً كثيفاً، عقب الأحداث، تزامناً مع الزيارة التي يقوم بها وفد رفيع المستوى من السلطة الانتقالية الذي خف إلى المدينة للوقوف على الأوضاع.
في غضون ذلك، تواصلت المساعي الحثيثة التي يقودها نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دلقو، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، لاحتواء تداعيات الأحداث، ومنع تطورها إلى صراع قبلي. وبدوره، قال «دلقو» إن مجلسي السيادة والوزراء، كوّنا لجاناً لتقصي الحقائق من الأجهزة النظامية المختلفة، لتحديد الجناة الحقيقيين الذين شاركوا في الأحداث، وتقديم المتورطين لينالوا جزاءهم بالقانون.
وأكد «دلقو» أن موضوع الديات سيتوقف تماماً لينال القاتل عقابه وفقاً للقانون، وحذر الذين يسعون لإشعال الفتنة، من خلال التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الوصول إلى السلطة على أجساد وأرواح المواطنين.
وقال إن «الدولة ستكون لهم بالمرصاد»، وإن كل من تثبت إدانته سينال عقابه، وفق القانون، ليكون عظة وعبرة للآخرين. وعقد الوفد الحكومي، أمس، اجتماعاً مع قيادات الإدارة الأهلية وزعماء القبائل التي لم تشارك في الأحداث التي شهدتها مدينة الجنينة.
ومن جانبه، وعد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في تصريح صحافي، المكونات القبلية بالولاية بإيجاد حلول ترضي الجميع، مؤكداً على الدور الذي يمكن أن تقوم به في الوساطة بين الطرفين الضالعين في الأحداث.
وأكد حمدوك هدوء الأوضاع الأمنية في المدينة بعد التدخل العاجل للحكومة، والتعاون الكبير من كل الأطراف، مشيراً إلى أن الحكومة ستمضي في إيجاد حل جذري ونهائي حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث.
أثناء ذلك، دعا رئيس الوزراء، خلال لقائه بقيادات «قوى إعلان الحرية والتغيير»، بالجنينة، إلى المساهمة بفعالية في استباب الأمن وتحقيق الاستقرار بالمدينة.
ومن جانبها، تعهدت القيادات ببذل أقصى الجهود للحفاظ على أرواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة، خلال نشر ثقافة السلام بين مكونات مجتمع الولاية.
واندلعت الحرب في دارفور، عام 2003. وسقط خلالها 300 ألف قتيل، بالإضافة إلى مليونين ونصف المليون نازح ولاجئ داخل وخارج البلاد، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق الرئيس المعزول، عمر البشير، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية بدارفور.
وفي سياق آخر، رحّبت الحكومة بإعلان «الحركة الشعبية - شمال»، بقيادة عبد العزيز الحلو، تمديد وقف العدائيات بمنطقتي جبال النوبة والنيل والأزرق.
ومن جهته، اعتبر المتحدث باسم وفد التفاوض الحكومي، محمد الحسن التعايشي، في تصريح صحافي، الخطوة مهمة، وتظهر الإرادة السياسية والرغبة القوية لتحقيق السلام الشامل والمستدام الذي يستحقه السودان.
وجدد التعايشي التزام الحكومة بوقف إطلاق النار الشامل في كل مناطق السودان، وعزمها المضي في عملية السلام الجارية الآن بجوبا لتحقيق سلام ينهي المظالم التاريخية، ويوقف العنف السياسي والقتل نهائياً.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».