«وول ستريت» تصعد إلى قمم جديدة... ومتفائلة في 2020

مؤشراتها ارتفعت بين 23 و38% في 2019

«وول ستريت»
«وول ستريت»
TT

«وول ستريت» تصعد إلى قمم جديدة... ومتفائلة في 2020

«وول ستريت»
«وول ستريت»

أقفل عام 2019 على ارتفاع قياسي جديد تسجله أسواق المال الأميركية. فمؤشرات «وول ستريت» الأساسية، «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» و«ناسداك»، صعدت بنسبة 29 و23 و38% على التوالي. وهذا الأداء أتى مدفوعاً بالنمو الاقتصادي والسياسة النقدية التحفيزية التي يمارسها الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي). والجرعة الأخيرة التي تلقّتها المؤشرات مع اقتراب نهاية العام أتت عندما عرفت الأسواق قرب حل المعضلة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ثم أتى إعلان عقد اتفاق تجاري مبدئي بين الطرفين يجري توقيعه في 15 يناير (كانون الثاني) الحالي ليتمم التحفيز.
وغرد الرئيس دونالد ترمب قائلاً: «إنها أرقام قياسية في الأسواق المالية. استمتعوا!»، وكرر ترمب تغريداته المماثلة خلال الفترة الأخيرة، ليقول إن سياساته المالية والاقتصادية وراء هذا الصعود الذي يعظم الثروات. وكان شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بين أفضل أشهر السنة من حيث الأداء في «وول ستريت»، إذ ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نحو 3%. بينما سجل «داو جونز» و«ناسداك»، وهما المؤشران الرئيسيان الآخران للأسهم المدرجة في «وول ستريت»، مكاسب قوية أيضاً الشهر الماضي.
وفي الأسابيع الأخيرة، رحبت الأسواق بشكل خاص باحتمال إبرام اتفاق تجاري بين الصين والولايات المتحدة. بعد ثمانية عشر شهراً من التوتر والتصعيد، وهي الفترة التي أعاقت التجارة بين العملاقين. وفي ديسمبر، اتفقت بكين وواشنطن على مرحلة أولى من الانفراج.
قبل ذلك، استفادت «وول ستريت» في الأشهر الأخيرة من مقاومة الاقتصاد الأميركي الذي لا يزال ينمو بأكثر من 2%، وفرص العمل الجديدة التي لا تزال على ما يرام. وكان انخفاض الضرائب قد ساعد على الشركات الأميركية في عام 2018 على تعزيز نتائجها، وانعكس ذلك في صورة توزيعات مجزية على المساهمين الذين أعادوا توظيف جزء كبير من تلك الأرباح في أسواق الأسهم، في حين تم الاحتفال بالعديد من الاستحواذات العملاقة، مثل استحواذ «تي دي أميريتراي» على «تشارلز شواب»، واستحواذ «إل في إم إتش» على «تيفاني». وهكذا تواصل أسواق الولايات المتحدة تسجيل أفضل أداء مقارنةً بمعظم المناطق الاقتصادية الأخرى، حيث تجذب المدخرات من الشركات والأفراد للاستثمار فيها. كما تم دعم أسعار البورصة من خلال سياسة استيعاب واظب البنك المركزي على ممارستها، فمنذ نهاية يوليو (تموز)، خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي ثلاث مرات، بمقدار ربع نقطة في كل مرة. ودفع ذلك الشركات إلى تعزيز أنشطتها بالاستثمار، ودفع الأفراد والأسر إلى زيادة الاقتراض وبالتالي الاستهلاك، كما أن الخفض زاد فرص الاستثمار في الأسهم على حساب السندات.
ويتوقع المحللون استمرار صعود «وول ستريت» في 2020، خصوصاً إذا ترسخت فرص دونالد ترمب بالفوز بولاية رئاسية ثانية. ويرى هؤلاء أن الأسواق قد تتعرض لتصحيح نسبي في أسعار بعض الأسهم التي تضخمت فوق قيمها العادلة، إلا أن ذلك لن يحبط الصعود الإضافي المتوقع للمؤشرات، خصوصاً إذا هدأت الحرب التجارية.
وأكد أحد المحللين في شركة «سي إف آر إيه»، أنه منذ الحرب العالمية الثانية بلغ متوسط مكاسب الأسهم 6.3% في العام الأخير من الفترة الانتخابية للرؤساء في 78% من الحالات. لكن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يكون أحد مصادر تعكير صفو مزاج «وول ستريت» في حال أظهرت معدلات التضخم انتعاشاً زاد على حدود التوقعات، وهذا يثير مخاوف لدى المستثمرين الذين يخشون من أن يعكس المجلس موقفه، ويبدأ في رفع أسعار الفائدة.
كما أن مخاوف تأتي من عدم التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. لكن المحللين يتوقعون أن يبذل ترمب ما في وسعه لعدم اندلاع حرب تجارية مع الشريك الأوروبي، لأنه سيكون مشغولاً بالانتخابات التي تفرض عليه التهدئة النسبية والتركيز على المكاسب التي حققها، لا سيما مع الشريك التجاري الصيني. كما أن ترمب سيركز على تبيان مكاسب ولايته الأولى التي انعكست صعوداً بمتوسط 50% في «وول ستريت» منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
في المقابل، لا تخاف الأسواق من تحول درامي سلبي ضد ترمب الذي يتعرض لمساءلة ترمي إلى عزله، لأن مجلس الشيوخ لن يصوت على ما صوت عليه مجلس النواب في هذه القضية.
ومن بين كبار البنوك الاستثمارية التي تشيع التفاؤل في المستقبل البورصوي خلال عام 2020، مصرفا «جي بي مورغان» و«غولدمان ساكس» الأميركيين و«كريدي سويس» السويسري.
وكان «كريدي سويس» أكبر المتفائلين بحدوث انتعاش، إذ توقع أن يرتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 3425 نقطة ليكسب نسبة 25% في 2020، وتوقع «جي بي مورغان» أن يرتفع نفس المؤشر بنسبة 8%، والتفاؤل مبنيٌّ على السياسات النقدية الميسّرة وسياسات الميزانية الداعمة للنمو في أميركا وأوروبا والصين. إلى ذلك، توقع «غولدمان ساكس»، أن يغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» في عام 2020 عند 3400 نقطة، ما يعني ارتفاعاً بنسبة تقارب 5%.
في المقابل، يبدو «مورغان ستانلي» من بين المصارف القليلة التي بدت متشائمة، حيث توقع عدم ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، بل حتى يميل إلى احتمال خسارته في 2020.


مقالات ذات صلة

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

الاقتصاد يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد إعلان توظيف على نافذة مطعم «شيبوتل» في نيويورك (رويترز)

الطلبات الأسبوعية لإعانات البطالة الأميركية تنخفض على غير المتوقع

انخفض، الأسبوع الماضي، على غير المتوقع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مجموعة «أداني»: الاتهامات الأميركية مرتبطة بعقد تجاري واحد

رجل يسير أمام مكتب شركة «أداني غروب» بمدينة جورجاون بالهند (رويترز)
رجل يسير أمام مكتب شركة «أداني غروب» بمدينة جورجاون بالهند (رويترز)
TT

مجموعة «أداني»: الاتهامات الأميركية مرتبطة بعقد تجاري واحد

رجل يسير أمام مكتب شركة «أداني غروب» بمدينة جورجاون بالهند (رويترز)
رجل يسير أمام مكتب شركة «أداني غروب» بمدينة جورجاون بالهند (رويترز)

قال جوجيشيندر سينغ المدير المالي لمجموعة «أداني»، اليوم السبت، إن لائحة الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة للملياردير الهندي جوتام أداني مرتبطة بعقد واحد لشركة «أداني غرين إنرجي» يشكل نحو 10 في المائة من أعمالها، ولم توجه اتهامات لأي شركات أخرى في المجموعة بارتكاب مخالفات.

ووجه ممثلو ادعاء أميركيون يوم الأربعاء اتهامات إلى جوتام أداني، رئيس مجموعة «أداني» الهندية العملاقة وأحد أثرياء العالم وسبعة متهمين آخرين بالاحتيال لموافقتهم على دفع نحو 265 مليون دولار في شكل رشاوى لمسؤولين حكوميين هنود للحصول على عقود توريد في الطاقة الشمسية.

ونفى أداني جميع الاتهامات ووصفها بأنها «لا أساس لها من الصحة». وسعى المدير المالي للمجموعة لدحض الاتهامات اليوم السبت قائلاً إنها لم تطل أياً من الشركات المطروحة في البورصة التابعة لأداني وعددها 11 أو يتم اتهامها «بارتكاب أي مخالفات» في القضية.

وقال سينغ على «إكس» إن الاتهامات الواردة في لائحة الاتهام الأميركية تتعلق «بعقد واحد لشركة (أداني غرين)، والذي يمثل نحو 10 في المائة من إجمالي أعمال (أداني غرين)».

وتمثل اتهامات الادعاء العام الأميركي أكبر انتكاسة لمجموعة «أداني» الهندية التي تبلغ قيمتها 143 مليار دولار، والتي تضررت العام الماضي من اتهامات شركة «هيندينبورغ ريسيرش» بشأن الاستخدام غير السليم للملاذات الضريبية الخارجية، وهو ما نفته الشركة.

وللاتهامات الأميركية بالفعل تأثير كبير على المجموعة، إذ هوت أسهمها وتدرس بعض البنوك العالمية وقف إصدار ديون جديدة لها مؤقتاً، كما ألغت كينيا صفقتين مع «أداني» بقيمة تزيد عن 2.5 مليار دولار.