دعوات لتحصين القرار السيادي العراقي ومخاوف من عزلة دولية

TT

دعوات لتحصين القرار السيادي العراقي ومخاوف من عزلة دولية

«التصرفات الهوجاء والعنيفة» التي قامت بها فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران، باقتحام السفارة الأميركية في بغداد، أول من أمس، ونصب خيم اعتصام مفتوح، اعتبرتها قيادات وقوى سياسية في العراق: «تصرفاً غير مقبول»، وقد يعرض العراق إلى عزلة دولية. ودعت بعض هذه القيادات إلى تحصين القرار السياسي، وإبعاده عن أي تأثيرات جانبية.
ورغم انسحاب المتظاهرين بعد دعوات من قادة الفصائل، فضلاً عن تعزيزات عسكرية كبيرة من قوات «المارينز»، وانتشارهم على أسطح السفارة، وإطلاقهم تحذيرات كونهم مخولين بإطلاق النار، فإن التداعيات السياسية التي خلفها هذا الحادث أحرجت الحكومة العراقية ورئيسها المستقيل عادل عبد المهدي، الذي تلقى مكالمة مطولة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومثله الرئيس العراقي برهم صالح، الذي أصدر بياناً شديد اللهجة ضد عملية الاقتحام.
في سياق ذلك، دعا رئيس الوزراء الأسبق وزعيم «ائتلاف الوطنية» إياد علاوي، إلى أهمية تحصين القرار السيادي العراقي، وإبعاده عن أي تأثيرات جانبية. وقال علاوي في بيان له، أمس الأربعاء، إنه يرفض «رفضاً قاطعاً أن يكون العراق مسرحاً لصراع النفوذ والمصالح الخارجية بالوكالة، وأن يكون أبناؤه ضحية لذلك الصراع». كما دعا إلى الإسراع في تعديل اتفاقية وجود القوات الأجنبية في العراق، أو إلغائها، وتنظيم اتفاقية أمنية جديدة إن اقتضت الحاجة، على أن تكون جميع تلك القوات تحت إدارة وقيادة الدولة العراقية. وحذر علاوي من أن «عدم تكوين جيش قوي بعيداً عن المحاصصة يعني أن العراق سيبقى خاضعاً لقوى خارجية، ولن يكون بمقدوره الوقوف ضد الإرهاب والتطرف».
وكان كل من رئيسي: الجمهورية برهم صالح، والبرلمان محمد الحلبوسي، قد أعلنا رفضهما لعملية اقتحام السفارة الأميركية. وقال صالح في بيان له، إن «العراق يتعرض إلى تحديات خطيرة على مستوى تهديد أمنه وسيادته ومستقبل شعبه» عاداً محاولة «اقتحام السفارة الأميركية في بغداد، تجاوزاً للسياقات والاتفاقيات الدولية الملزمة للحكومة العراقية».
وأضاف صالح أن «الاحتجاج السلمي حق مشروع ومكفول حسب الدستور؛ لكن التعرض إلى البعثات الدبلوماسية المعتمدة في العراق يعد ضرباً لمصالح العراق وسمعته الدولية، بوصفه دولة ذات سيادة تحترم تعهداتها واتفاقاتها، وتحمي البعثات الدبلوماسية داخل حدودها. فهذا استهداف للعراق وسيادته، قبل أن يكون استهدافاً لأي طرف آخر».
أما رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فقد عد عملية الاقتحام في تغريدة له «سلوكاً غير مقبول، من شأنه الإضرار بمصالح العراق». وأضاف الحلبوسي أن «هذا العمل يتنافى مع الأعراف والاتفاقيات الدولية».
من جهته، عد وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، أن «رسالة المحتجين أمام السفارة الأميركية في بغداد قد وصلت». وأضاف الحكيم في تغريدة له على «تويتر»، أن «حماية الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية وسفاراتها تبقى مسؤولية العراق، التي تعهد بها بموافقته على اتفاقية جنيف». وأعلن أنه «تحدث مع رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، حول إنهاء الاحتجاجات أمام السفارة الأميركية، وسلامة الموظفين والمنشآت».
وحذر مصدر مقرب من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، من أن التظاهرات أمام مبنى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، يراد منها إنهاء تظاهرات الشعب الإصلاحية. وقال محمد صالح العراقي المقرب من الصدر، في تصريح صحافي: «أدعو إخوتي الثوار للثبات، والاستمرار على سلميتهم، وعدم الاحتكاك بهم، ولا تحزنوا ولا تهنوا إن رأيتم (الخضراء) مفتوحة أمامهم ومغلقة بوجهكم». وخاطب المتظاهرين في ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات: «أنتم اليوم على أسوارها (المنطقة الخضراء) وغداً سيكون الشعب فيها، من خلال الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الحكماء والعقلاء، وسيكتب الشعب مقدمة لإنهاء الفساد والتحزب». وأضاف: «ادخلوها من أبواب الانتخابات آمنين، فالفساد يلفظ أنفاسه».
وفي هذا السياق، أكد السياسي العراقي حيدر الملا، عضو البرلمان العراقي السابق لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذي جرى أمام السفارة الأميركية في بغداد إنما هو حرب بالإنابة؛ لأن الإيرانيين أذكى من أن يدخلوا في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية؛ لكنهم استخدموا عمقهم الاستراتيجي في العراق، في سبيل القيام بذلك، عبر التصدي لأميركا». وأضاف أن «منطق التاريخ يؤكد أن أي اعتداء مثل الذي حصل لن يمر مرور الكرام؛ لكن الخشية تبقى أن يكون الصراع القادم هو داخل الساحة العراقية؛ لأن وضع العراق هش لا يحتمل أي تدافع من هذا النوع».
وأوضح الملا أن «المتوقع كان أن قيادات الإسلام السياسي الشيعي في العراق التي هي صاحبة القرار، أذكى من أن تقحم العراق في هذا الصراع، أو أن تعمل إيران توظيفهم في صراعها مع الأميركان»، مبيناً أن «ما حصل في الواقع إنما هو منعطف خطير، ستكون له تداعياته المستقبلية في مسيرة العملية السياسية. عنوان هذا المنعطف هو فقدان الرصيد من خلال التظاهرات، كما فقدت الداعم الأميركي الذي يعد العمود الفقري لبناء العملية الديمقراطية في العراق. لذلك فإننا سوف نشهد تداعيات خطيرة خلال المستقبل القريب».
من جهته، يرى الباحث السياسي العراقي فرهاد علاء الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الولايات المتحدة كانت قد حذرت من مغبة التعرض لقواعدها العسكرية في الأراضي العراقية التي توجد فيها قوات التحالف الدولي، وبالتالي فإن تحذيرات الأميركيين من استهداف مصالحهم وقواتهم في العراق واضحة، ولا تقبل التأويل». وأضاف علاء الدين أنه «لا يخفى على أحد أن الصراع الدائر بين واشنطن وطهران بات الصراع الأكثر حدة في المنطقة، وفي العراق منها على وجه خاص؛ رغم أنه ليس المربع الأساسي، وأن التصعيد بين الطرفين تخطى حدود العراق، ليشمل الخليج ومضيق هرمز واليمن ولبنان وسوريا؛ لكن الفرق الأساسي هنا أن العراق يضم قواعد عمليات مشتركة يوجد فيها بعض القوات الأميركية، والتي تكاد تكون أهدافاً سهلة؛ كونها على مرمى القوات الإيرانية مباشرة، أو من قبل الفصائل العراقية المسلحة الموالية لها، والتي هي الأخرى قادرة على الوصول إليها عند الحاجة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.