العلاقات اللبنانية ـ اليابانية أمام «اختبار» تداعيات فرار غصن

الأزمة الثانية بين البلدين بعد طلب تسليم عناصر «الجيش الأحمر» في التسعينات

TT

العلاقات اللبنانية ـ اليابانية أمام «اختبار» تداعيات فرار غصن

تواجه العلاقات اللبنانية - اليابانية اختباراً بالغ الدقة في الأيام القليلة المقبلة على خلفية فرار الرئيس السابق لمجلس إدارة «رينو - نيسان» كارلوس غصن من طوكيو إلى بيروت يوم الاثنين.
وحتى مساء أمس لم يتلق لبنان أي احتجاج ياباني رسمي، لكن وكالة «بلومبرغ» نقلت عن مسؤول ياباني رفيع المستوى توقعه أن تجري بلاده محادثات مع لبنان عبر «القنوات الدبلوماسية» بخصوص غصن الذي وصل إلى بيروت صباح الاثنين. وليس بين لبنان، التي نشأ بها غصن ويحمل جنسيتها، واليابان معاهدة تسليم مطلوبين، وليس من الواضح ما ستتبعه الحكومة اليابانية في مفاوضاتها الدبلوماسية.
وقال خبير في الشؤون اللبنانية - اليابانية إنه يجب على المسؤولين في لبنان تهيّب ما حصل والاستعداد لتداعيات «الضربة القوية» التي تلقاها الأمن الياباني الذي لن يسكت عن فرار رجل الأعمال اللبناني.
ونددت وسائل الإعلام اليابانية، الجادة عادة، بمن وصفته بـ«الجبان»، كارلوس غصن، قائلة إنه فر إلى لبنان لتجنب محاكمته في اليابان، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من طوكيو. ونقلت الوكالة عن صحيفة «يوميوري شيمبون» أن «الهرب عمل جبان يهزأ من النظام القضائي الياباني»، مضيفة أن غصن «خسر فرصة إثبات براءته والدفاع عن شرفه». أما صحيفة «طوكيو شيمبون» الليبرالية فكتبت أن تصرفات غصن جعلت من النظام القضائي الياباني مهزلة. وكتبت الصحيفة أن «المتهم غصن يصر على أنه فر من الاضطهاد السياسي... لكن السفر إلى الخارج من دون إذن مخالف لشروط الإفراج عنه بكفالة ويهزأ من النظام القضائي الياباني». وأضافت: «هناك احتمال كبير بعدم إجراء المحاكمة وحجته بأنه يريد إثبات براءته هي الآن موضع شك».
أما صحيفة «سانكي شيميون» المحافظة فأشارت إلى أن المدعين يعتقدون أن القضاء الياباني خضع لـ«ضغط خارجي» لمنح غصن كفالة، بحسب تقرير الوكالة الفرنسية.
وفي بيروت، أفاد مسؤول في المكتب اللبناني لمنظمة «الإنتربول» بأن في وسع الحكومة اليابانية الطلب من المنظمة استرداد غصن وعلى السلطات اللبنانية المختصة القيام بذلك. وقال إن اللجوء إلى هذه المنظمة مرده عدم وجود اتفاقية استرداد للتعاون القضائي بين لبنان واليابان.
وأكدت مصادر دبلوماسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن لبنان سيتعامل مع أي طلب ياباني وفق الأصول المعمول بها في القانون الدولي، مع حرصه على عدم توتير العلاقات مع اليابان نظراً إلى دورها المساعد في عدد من الحقول الإنمائية والزراعية، وموقعها المؤثر في البنك الدولي بصفتها دولة مانحة. وتابعت أن الحكومة اللبنانية الجديدة (المفترض أن تبصر النور قريباً) تستعد لخوض مفاوضات مع البنك الدولي لمساعدة لبنان في معالجة مشكلة السيولة والتعثر الاقتصادي والمالي.
إلا أن مسؤولاً لبنانياً بارزاً رسم سيناريو لكيفية التعاطي مع طلب الاسترداد الياباني المحتمل، قائلاً إنه يجب التأكد مما إذا كان ينطبق على مواصفات الاتفاقية الموقعة مع لبنان لمكافحة الفساد، وهي الاتفاقية المتوقع أن تلجأ إليها طوكيو لطلب تسليم غصن تمهيداً لاستكمال محاكمته. وتابع المسؤول أنه يجب الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى قد تؤثر على القضية مثل شكوى غصن نفسه مما عاناه في السجن في اليابان وشكواه من التعاطي القاسي وغير الإنساني، بحسب وجهة نظره، وهو ما دفعه إلى الهرب من «نظام قضائي ياباني متحيز حيث يتم افتراض الذنب»، وفق بيان أصدره غصن بعدما أصبح في بيروت، مؤكداً أنه لم يعد «رهينة» وأنه لم يهرب من العدالة بل «حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي».
وأفاد سفير لبناني مواكب لهذا الملف «الشرق الأوسط» بأن عدم التجاوب مع ما سيطلبه المفاوض الياباني المتوقع يمكن أن يؤثر على دعم طوكيو للبنان في أي مفاوضات يجريها مع البنك الدولي لتوفير مساعدات اقتصادية ونقدية له. ولم يخف مسؤول لبناني تخوفه من أن تؤثر قضية فرار غصن سلباً على نتائج المحادثات الإيجابية التي كان قد أجراها في بيروت وزير الدولة للشؤون الخارجية الياباني كيوشكي سوزوكي في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتناولت محادثاته إمكان توقيع اتفاقية بين لبنان ووكالة التنمية اليابانية من أجل زيادة المساعدات وتنويعها.
وقال أحد المختصين بالقانون الدولي لـ«الشرق الأوسط» إن بوسع لبنان أن يطرح على الجانب الياباني محاكمة غصن في بيروت، نظراً إلى عدم وجود أي اتفاقية استرداد بين البلدين.
وأعادت مصادر دبلوماسية في وزارة الخارجية اللبنانية إلى الأذهان أن هذه هي الأزمة الثانية التي تنشأ بين لبنان واليابان بعدما كانت الأولى بينهما في العقد الماضي حيث تلبدّت العلاقات في 27 فبراير (شباط) 1997، عندما بُلّغ سفير لبنان لدى طوكيو يومذاك سمير شمّا رسالة تتضمن طلب استرجاع عناصر من «الجيش الأحمر» الياباني كانوا في مخيم في البقاع بذريعة أنهم يقومون بعمليات مقاومة ضد إسرائيل، إلا أن سوريا كانت توفر الحماية لهم آنذاك. وفي وقت لاحق، اعتقلتهم السلطات الأمنية اللبنانية واحتفظت بهم دون أن تسلمهم إلى سلطات بلادهم. وسُوّيت الأمور بمساع أميركية بعيدة عن الأضواء من دون أن تؤدي إلى وقف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، حيث تفهمت طوكيو أن بيروت ليست هي صاحبة القرار في شأن عناصر «الجيش الأحمر».
إلى ذلك، أفاد مصدر دبلوماسي في بيروت بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهتم شخصياً بالحصول على تفاصيل عن كيفية فرار غصن من طوكيو إلى بيروت، علما بأن الأخير يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية ودخل لبنان بجوازه الفرنسي وهويته اللبنانية. وأضاف المصدر أن وزارة الخارجية الفرنسية طلبت من السفير في بيروت برونو فوشيه جمع المعلومات حول هذه العملية وموقف لبنان الرسمي وتحركات غصن بعد عودته لتزويد باريس بها.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.