الفوضى... الباب الخلفي للسلطة السياسية

كتاب فرنسي جديد يكشف أبعادها عالمياً

الفوضى... الباب الخلفي للسلطة السياسية
TT

الفوضى... الباب الخلفي للسلطة السياسية

الفوضى... الباب الخلفي للسلطة السياسية

يوضح هذا الكتاب ما وراء الساحة العالمية من توترات، ويعزوها إلى الفوضى في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وغيرها من الأزمات التي تشهدها بقاع كثيرة من العالم. الكتاب صدر أخيراً عن دار النشر الفرنسية «سيجيست» بعنوان «الأسباب الخفية للفوضى العالمية... تحليلات الجغرافيا السياسية الاقتصادية والقانونية والنقدية»، ويقع في 328 صفحة من القطع المتوسط، ويكتسب أهمية خاصة ليس فقط لحساسية ودقة الموضوع المطروح عبر صفحاته، ولكن أيضاً لأن مؤلفة الكتاب فاليري بيجويليه أستاذة القانون والمحامية السابقة لمدة 25 عاماً في مجال الضرائب والتحليل الجيوسياسي والاقتصادي والقانوني، الأمر الذي يضفي على الكتاب ميزة نوعية لأنها تؤسس معلوماتها ليس فقط على خبرتها العملية، ولكن أيضاً على حجج وأسانيد قانونية واقتصادية وسياسية، لتؤكد في مستهل كتابها على تراجع فكرة الديمقراطية خطوة للوراء لصالح الفوضى العالمية بين حروب اقتصادية وإرهاب وتدخلات عسكرية أحياناً ذات طابع وقائي وثورات ذات ألوان وطبائع وتوجهات مختلفة تتواجد خلفها أهداف جديدة لجغرافيا سياسية عالمية حديثة، مثلما حال «السترات الصفراء» في فرنسا التي تمثل عودة لحلم ديمقراطي ولد في الغرب.
وترى المؤلفة أن التطورات التاريخية القومية والدولية تدعونا لفهم حقيقة خفية للسلطة الراهنة، فخلف السلطة السياسية الظاهرة ترتسم السلطة الحقيقية العالمية، لافتة إلى أن معظم الدول أضحت تمثل قذائف خاوية ومنزوعة الشرعية السياسية والذاتية أو السيادة، نظراً لتصاعد نفوذ القوى الاقتصادية التي تؤثر تأثيراً بالغاً على المجريات السياسية.
الديمقراطيات الراهنة، حسب المؤلفة، لا تمثل مصالح الشعوب ولكنها تعمل لصالح من يمولون الحملات الانتخابية والأحزاب السياسية، ويختفي هؤلاء المانحون خلف «الدمى» السياسية هروباً من أي مسؤولية، بينما هم يودعون ثرواتهم في ملاذات ضريبية موزعة عبر مختلف ربوع العالم. والتحالف بين هؤلاء والسياسيين يتخذ شكلاً إقطاعياً، يذكرنا بالماضي العتيق حين شكل وأسس التجار والمصرفيون سلطاتهم عبر قرون طويلة بالسيطرة على المؤسسات القانونية والمالية. وهو نظام تعود جذوره إلى قوانين «الأنجلو ساكسون» التي تحمل في ظاهرها أشكالاً وأنماطاً حلت محل القانون الدولي التقليدي، بما في ذلك ما هو متعلق بالقواعد المحاسبية والعلوم الاقتصادية، وكذلك النظم المالية والنقدية والمؤسسية، سواء كانت ذات الطابع القومي أو الدولي.
وتوضح الكاتبة أنه قد ظهرت ضراوة هذه الحركة بشكل واسع النطاق في القرن الثامن عشر، وطرأت عليها تغيرات سريعة الإيقاع وحساسة في الوقت ذاته، لتنتهي بفرض نفسها على القرن العشرين. وانتشر هذا النموذج «الأنجلو ساكسوني» رويداً رويداً في جميع ربوع العالم.
وتنبه فاليري بيجويليه هنا إلى مخاطر الحرية الكاملة للتبادل التجاري، لما لها من تأثير سلبي على المجتمعات الإنسانية التقليدية، فالتبادل الحر غير المحسوب أو المدروس يقود إلى عالم تتراجع فيه الطبقات الدنيا والوسطى لصالح الطبقات المالية الأكثر ثراء.


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية
TT

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية

فضاءات ومحاور بحث معمق، متخصصة في عوالم التعايش والتناغم المتأصلة والمؤتلِقة ضمن مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، يناقشها ويقاربها كتاب «التسامح في الإمارات... سيرة جديدة وضّاءة للأخوة الإنسانية (شهادات وقصص بطلها الآخر)»، للصحافي والباحث السوري رفعت إسماعيل بوعساف، الصادر، أخيراً، عن دار «ميتافيرس برس» للنشر. ويعرض المؤلِّف أبرز شواهد تآلف وتقارب حضارات وأديان وثقافات، موضحاً أهم المقومات التي امتازت بها وعلى رأسها: تجذّر التواصل والانفتاح في المجتمع، وتمسك قادة الإمارات بالقيم الإنسانية، وسماحة أهلها واتسامهم بالوسطية والاعتدال، والمشروعات والمبادرات النوعية الكفيلة بترسيخ التسامح محلياً وعالمياً (مثل: وثيقة الأخوة الإنسانية، وبيت العائلة الإبراهيمية، ووزارة التسامح، والمعهد الدولي للتسامح، والأعمال والمبادرات الخيرية المتنوعة).

يتضمن الكتاب، الواقع في 411 صفحة، على أربعة أبواب رئيسية، وخاتمة تضم مقترحات وتوصيات. وتناقش فصوله جوانب كثيرة شاملة يُجمل فيها بوعساف، وعبر سير مشاهداته ومعايشاته في الإمارات طوال أكثر من 20 عاماً، وكذا في ضوء خلاصات أبحاثه الخاصة بالدراسة، مصادر وينابيع جدارة وتميز مجتمع الإمارات في مدارات التّسامح، مبيناً في مستهلّ إضاءاته الأبعاد والجذور التاريخية لحكاية التسامح في هذه الأرض، في المحطات والأزمان كافّة، طبقاً لأسانيد وتدوينات تاريخية جليّة، فأهلها لطالما تميزوا بكونهم يحتفون بالآخر المختلف عنهم ويرحبون به ولا يرفضونه أو يعزلون أنفسهم عنه، وهكذا ضمّوا وحضنوا بين ظهرانيهم أفراداً من أعراق ومذاهب شتّى بقوا يبادلونهم الحب ويتأثرون ويؤثّرون بهم، ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً. ويستعرض المؤلف عقبها، حقائق فاعلية وإثمار مساعي وبرامج دولة الإمارات العربية المتحدة، الرامية إلى تعزيز التقارب بين الأديان وأطياف الإنسانية... وكذا إطفاء ألهبة أزمات الهُويات، واستئصال أسباب الصراعات المذهبية وقطع دابر التعصب. ثم يدرس ويحلل ماهيات أعمدة وتجليات التسامح والتعايش في ميادين الحياة بالإمارات: المجتمعية والصحية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والقانونية والإعلامية. ويقدم، أيضاً، جملة شهادات وإشادات لأبرز السياسيين ورجالات الدين والبحاثة والكتّاب الأجانب حول ثراء الإمارات بقيم الانفتاح والتعايش والتواصل، ومنهم: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومسؤولون أمريكيون، ونجم الكرة الأرجنتيني الراحل دييغو مارادونا، والروائي البرازيلي باولو كويلو، ونجم بوليوود شاروخان، وعالم النفس والباحث الكندي البروفسور إدوارد دينر. كما يُفرد الكتاب محطات موسَّعة لشرح طبيعة وقيمة حصاد جهود الدولة ومبادراتها ورؤى قادتها، الضامنة تمكين وتقوية هياكل ومرتكزات التسامح والتآخي الإنساني في مجتمع الإمارات والعالم أجمع، التي تكللها أعمال ومشروعات عمل خيري وإنساني ترصد لها الإمارات ميزانيات ضخمة، تطول أصقاع الأرض قاطبةً ولا تميز فيها بين دين أو إثنية أو طائفة.

ويحفل الباب الرابع في الكتاب، الموسوم «حوارات وسيمفونية»، بحوارات وأحاديث مع رجال دين ومسؤولين ومثقفين وأطباء وإعلاميين ومهندسين ومبدعين، بعضهم يقيم في الدولة منذ أكثر من 60 عاماً، يروون فيها حقائق ومواقف كثيرة، بشأن التسامح وواقع انفتاح المجتمع وقبوله الآخر المختلف ورسوخ التعايش والمحبة فيه. وتضم قائمة هؤلاء المحاورين: أحمد الحَدَّاد، مفتي دبي وعضو «مجلس الإمارات للإفتاء»، وبول هيندر، أسقف الكنيسة الكاثوليكية في جنوب شبه الجزيرة العربية (2004-2022م)، وراجو شروف، رئيس معبد «سندي غورو دربار» الهندوسي، وحمّود الحناوي، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، وسوريندر سينغ كاندهاري، رئيس معبد «غورو ناناك دربار السيخي»، وعشيش بروا، مسؤول «المركز الاجتماعي البوذي» في الشارقة، وإيان فيرسرفيس، الشريك المؤسس ورئيس تحرير «موتيڤيت ميديا غروب»، وزليخة داود، أول طبيبة نسائية في الإمارات (1964م)، وبيتر هارادين، الرئيس السابق لـ«مجلس العمل السويسري»، وراميش شوكلا، أحد أقدم المصورين في الإمارات.