حثّت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، عبر مذكرة داخلية، الأفراد العسكريين على عدم إجراء اختبارات الحمض النووي عبر البريد، محذرة من أنهم يخلقون بذلك مخاطر أمنية لأنفسهم، وأن تلك الاختبارات غير موثوقة ولا يمكن الاعتماد عليها، ويمكن أن تؤثر سلباً على الحياة المهنية لأفراد الخدمة العسكرية.
وأرسلت المذكرة الداخلية، التي تناولتها بعض المنافذ الإخبارية الإلكترونية، يوم الجمعة الماضي. ولم تتعرض المذكرة بالذكر لأي شركة معينة تعمل على اختبارات الحمض النووي، وإنما تنصح على نطاق واسع بعدم ابتياع اختبارات الأنساب، وإجراء الاختبارات الصحية التي تروج للحسومات المالية الموجهة للعسكريين وغيرها من الحوافز الوهمية.
وأكد القائد شون روبرتسون، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأميركية، على حقيقة الأمر وإصدار المذكرة المشار إليها، وقال مصرحاً لصحيفة «نيويورك تايمز» عبر البريد الإلكتروني: «نريد التأكد من أن أعضاء الخدمة العسكرية كافة على دراية بمخاطر إجراء الاختبارات الجينية المباشرة للمستهلكين».
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، ابتاع ملايين المواطنين الأميركيين اختبارات الحمض النووي من خلال شركات من شاكلة «23andMe»، أو «أنسيستري»، على أمل التواصل مع الأقارب، أو معرفة مزيد عن أصول العائلات، ومعرفة كيف يمكن للحمض النووي أن يؤثر على فرص تطوير الظروف الصحية المعينة. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت تلك الاختبارات شائعة للغاية، وصارت تُمنح كهدايا في مواسم العطلات والأعياد.
وقال القائد روبرتسون إن تلك الاختبارات قد توفر نتائج تفتقر إلى الدقة، مع العواقب المهنية السلبية، «قد يؤدي الاكتشاف غير المقصود للعلامات الجينية إلى التأثير على قيمة الاستعداد وعلى الحياة المهنية لأفراد الخدمة العسكرية، ومن شأن المعلومات المستقاة من الاختبارات الجينية أن تكشف عن مثل هذه البيانات الخطيرة».
وقال فريدريك بايبر، الأستاذ المساعد لعلوم الأمراض لدى كلية الطب التابعة لجامعة هارفارد، والذي كان ضابط احتياط في الجيش الأميركي في مختبر هويات الحمض النووي في ولاية ماريلاند: «للاختبارات الجينية آثار خطيرة على التوظيف بالنسبة إلى أفراد الجيش، مقارنة بالموظف العادي».
ويحظر قانون عدم التمييز في المعلومات الجينية، إجراءات التمييز من قبل شركات التأمين وأرباب الأعمال، على أساس المعلومات التي يحملها الأفراد في جيناتهم الوراثية. ولا تنطبق أحكام ذلك القانون على أفراد الخدمة العسكرية.
وقال الدكتور بايبر: «يمكن للمؤسسة العسكرية اتخاذ القرارات بشأن الاستعداد العملياتي للقوات. في حين أنه في الحياة المدنية، هناك حظر كبير على ذلك».
وإذا أظهر اختبار الحمض النووي أن أحد الأشخاص لديه سمة حاملة للخلايا المنجلية، على سبيل المثال، فربما يؤدي ذلك إلى الحد من تقدم ذلك الشخص في بعض تخصصات الطيران. وكانت المذكرة المشار إليها من صياغة جوزيف كيرنان، وكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات، رفقة جيمس سيتورات، مساعد وزير الدفاع لشؤون القوى العاملة. وقد حذرا في المذكرة من أن الاختبارات قد تكشف عن المعلومات الشخصية والبيانات الوراثية، وربما تخلق عواقب أمنية غير مقصودة، مع زيادة في المخاطر على المهام العسكرية والقوات المشتركة.
ولم تتطرق المذكرة إلى تحديد ماهية هذه المخاطر التي رفض السيد روبرتسون توضيحها. وفي بيان من شركة «23andMe «قالت الناطقة باسم الشركة، إنها تأخذ احتياطات كبيرة من حيث حماية خصوصية العملاء، «خضعت تقاريرنا الصحية للاختبار والاعتماد من قبل إدارة الأغذية والأدوية الأميركية لكي تكون دقيقة بنسبة أكبر من 99 في المائة. وتُجرى الاختبارات كافة داخل الولايات المتحدة، ولا نقوم بمشاركة المعلومات مع أطراف ثالثة من دون موافقة مستقلة وواضحة وصريحة من جانب عملاء الشركة».
وقالت الناطقة باسم شركة «أنسيستري «إن الشركة لم تستهدف الأفراد العسكريين بالحسومات المالية التجارية، «ولا تقوم الشركة بمشاركة بيانات العملاء مع شركات التأمين، أو أرباب الأعمال، أو الأطراف التجارية الثالثة».
ولا تحذر وزارة الدفاع الأميركية من إجراء الاختبارات الجينية على الإطلاق. لكنها تشجع أفراد الخدمة العسكرية على الحصول على المعلومات الوراثية المطلوبة من الجهات المحترفة الحاصلة على التراخيص، بدلاً من المنتجات الاستهلاكية معدومة الهوية.
* «يو إس إيه توداي»،
خدمات «تريبيون ميديا»