سياحة المغامرات المحفوفة بالمخاطر تلقى رواجاً في الهند

وجهات لا تخفت جاذبيتها في مواسم مطيرة تتخللها العواصف وجلجلة الرعد

لا يوقف غضب الطبيعة السياح ولا السكان المحليين عن الاستمتاع بأوقاتهم
لا يوقف غضب الطبيعة السياح ولا السكان المحليين عن الاستمتاع بأوقاتهم
TT

سياحة المغامرات المحفوفة بالمخاطر تلقى رواجاً في الهند

لا يوقف غضب الطبيعة السياح ولا السكان المحليين عن الاستمتاع بأوقاتهم
لا يوقف غضب الطبيعة السياح ولا السكان المحليين عن الاستمتاع بأوقاتهم

إذا كنت تعتقد بأن السياحة تقتصر على زيارة معالم المدن الكبيرة أو الاسترخاء على أقدام سواحل ذهبية، فعليك أن تعيد النظر في هذا الاعتقاد. فهناك شريحة من السياح تبحث عن المغامرات وأي نوع من الإثارة أينما كانت ومتى توفرت، حتى يشعروا بأنهم يقومون بشيء مختلف يستحق عناء السفر. هؤلاء لا يريدون سياحة بالمعنى التقليدي بل يريدون عيش تجارب يسجلونها بالصور ويحكونها لأجيال قادمة. لم يعد تسلق الجبال بالحبال يثيرهم، ولا الغوص في أعماق المحيطات أو السير في القطب الشمالي، بل زيارة وجهات سياحية في أوقات محفوفة بالمخاطر حتى يشعروا بتسارع دقات قلوبهم وارتفاع نسبة الأدرينالين تسري في عروقهم.
يأتي مثلا موسم الأمطار في الهند، فنعتقد أن قطاع السياحة يغيب في سبات عميق في انتظار أن توقظه أشعة شمس الربيع، لكن يبدو أن للمطر وشدة البرد وصوت الرعد جاذبية. وحتى بالنسبة للسكان المحليين فإن موسم الأمطار مثالي للباحثين عن الطب التقليدي، لأنّ الطقس العام يساعد على تفتح مسام الجسم وجعله أكثر تقبلاً لأي علاج ينتظرون حلوله بمجرد هبوب الرياح القوية لتتخذ السماء والبحر لونا أسود، ثم تتحرك السّحب بسرعة، تعقبها حالة من الهدوء تنتهي بعاصفة. في هذا الوقت ترى الناس يرقصون في الشّوارع ووجوههم تتجه إلى الأعلى وأياديهم ممدودة إلى الأمام وكأنّهم يؤدون رقصة في فيلم «بوليوودي».
لهذا ليس غريبا أن تشهد زيارة الهند في مثل هذا الوقت تناميا في بعض المزارات تحديدا مثل:
- ميغالايا
من أكثر المناطق رطوبة في العالم، لكثرة انتشار ينابيع المياه فيها. والظاهرة الطبيعية النادرة هنا هي أنّ غالبية الأمطار في هذا المكان تسقط في المساء والصباح، مما يتيح الكثير من الوقت للزائر للاستمتاع بالمناظر الطبيعية التي تتضمّن «شلالات نوكاليكي»، أطول شلالات المياه في العالم، وتكتسب جمالا أخاذا خلال هذه الفترة من العام. وتجدر الإشارة إلى أن الأرض في هذه المنطقة غنية بالجسور الخشبية المبنية من جذوع الأشجار، ولذلك فإن قضاء العطلة هنا أشبه برحلة إلى عالم لا نراه إلا في صور قصص الخيال والأساطير.
- كيرالا
سيشعر الزائر لمنطقة كيرالا، بما تحتويه من مزارع الشاي والتوابل وقطرات الندى المتدلية من الفروع في شهر أغسطس (آب)، وكأنّه يجلس في واحة. ويعتبر الإبحار وسط المياه والأمطار المتساقطة من أوراق الشجر من حولك، متعة ما بعدها متعة خلال موسم الأمطار الموسمية، حيث لا بد من زيارة مزارات مهمة فيها مثل «أليبي» و«مونار». السبب أن السير فيهما تحت المطر المنهمر من كل صوب، يمنح تجربة لن ينساها الزّائر بما فيها من مشاهد الجبال المكتسية نصف مساحتها بالخضرة. وتبقى المتنزهات العامة مفتوحة طيلة موسم الأمطار حيث تُنظّم سباقات «قوارب الثعابين» وإقامة أكبر مهرجانات الولاية الذي يحمل اسم «أونام».
- جبال غرب «غات»
تستعيد فيها الطبيعة الحياة في هذا الموسم بعد أن تتحول الأرض إلى لون أخضر تتخلّله مشاهد شلالات بمياه فضية. تصنف تلك المنطقة على أنّها أحد أهم ثماني مناطق للتنوع البيولوجي في العالم نظراً لما تحويه من حيوانات ونباتات نادرة. وتضم منطقة «غات» 39 موقعاً مُدرجاً على قائمة اليونيسكو للتّراث العالمي، إذ اكتشف فيها العلماء مؤخراً، نوعا من الضفادع يعيش منذ عهد الديناصورات. ويشار إلى أنه خلال حقبة الديناصورات، كانت الطيور المائية الأوروبية ذات الأقدام القرنفلية تهاجر للتزاوج في المستنقعات القريبة من سد «بيمغليغون جو»، هربا من المياه الباردة في موطنها الأصلي. يبلغ طول المسافة التي تستغرقها الرّحلة وصولا لحافة أعلى الجرف أكثر من 600 متر في جبال شيدراي. وخلال فترة المطر التي تعدّ ذروة موسم السياحة، يجتذب المكان المغامرين الذين لا يضايقهم هطول الأمطار.
- غوا ومومباي
في موسم المطر، يمكن للزائر أن يجد في منطقة «غوا» ما هو أكثر من الشواطئ والمناظر الطبيعية والأرض الخضراء المنبسطة، في هذه البقعة ستستقبله شلالات «دود سوغار» أحد أكثر الأماكن التي يمكن الاستمتاع فيها بالمطر. من بعيد تبدو الشلالات وكأنهّا حليب منهمر من فوق الجبال، ومن هنا اشتق اسم مكان «دود سوغار» الذي يعني بحر الحليب. وينصح الخبراء والمجربون عدم تفويت فرصة الغطس في الماء العذب البارد فيها. فهي تجربة فريدة من نوعها.
تتميز منطقة «غوا» خلال فترة الأمطار التي تُعدّ ذروة الموسم السياحي، بأسعارها الزهيدة وإمكانية القيام برحلة طويلة على الدّراجات النّارية ومشهد غروب الشّمس على طول شواطئها. كما تتحول المدينة بأكملها إلى شبه ملعب يقصده السياح لمشاهدة الأمواج العملاقة التي يتعدّى ارتفاعها 10 أمتار ترتطم بالحواجز عند الشاطئ فتبلل ثيابهم.
- كودايكانال، تاميل نادو
«أميرة التلال» هو اللقب الذي يطلق على تل «ودايكانال» في منطقة «تاميل نادو». وهو لقب يلخص ما تحويه من مياه على شكل شّلالات وبحيرات فضلا عن مناظر طبيعية خلّابة فوق التلال. ومع ذلك فإن أجمل ما في المنطقة، مشهد الشّمس وهي تلعب لعبة «الغميضة» خلف التلال حين تظهر لتختفي فتعاود الظهور مجدداً. طقسها الحار لا يُقلل من جمالها لأنها في الموسم المطير وحتى عندما تشرق الشمس، تنهمر الأمطار في الوديان فترطب الجبال. ومن اللافت أن هذا الوقت هو الوحيد الذي تتحرك فيه الشلالات وتمتلئ بالماء.
- كورغ، كورج، كرنتاكا
تعرف منطقة كورج على نطاق واسع باسم «اسكوتلندا الهند»، لوديانها التي تشبه إلى حد بعيد نظيرتها في اسكوتلندا خلال هذا الوقت من العام. وشهرا أغسطس وبداية سبتمبر (أيلول) هما الأنسب للاستمتاع بمشهد تدفق شلالات «كورغ». ففي هذا الوقت من العام تتغطى المنطقة بالخضرة وتتنوع مشاهدها الطبيعة إضافة إلى بيوتها المترامية وسط التلال بتصميمها الذي يحاكي المعمار الفيكتوري.
-- نصائح
لكل سائح يرغب في زيارة هذه الأمكنة، لا بدّ عليه أن يتأكّد مسبقاً من جميع الترتيبات اللازمة، فقد تكون بعض الطرقات والممرات مغلقة:
- عليه أيضاً أن يصطحب كمية كافية من الملابس وحذاء مناسبا للمطر.
- لا بأس من التقاط الصور لكن لا تجعل انشغالك بها يلهيك عن المناظر الطبيعة، لأن ما تُخزنه الذاكرة أجمل من الصور بكثير.
- احرص على تناول الماء وتجنب شراء الطعام من الشّارع.
- لا تغامر على الشاطئ لأنّ الأمواج تكون أحياناً مرتفعة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».