التجارة الألمانية مع إيران تواصل انكماشها بسبب العقوبات الأميركية

أوساط اقتصادية في برلين تعارض تخفيف القيود على الاستدانة

التجارة الألمانية مع إيران تواصل انكماشها بسبب العقوبات الأميركية
TT

التجارة الألمانية مع إيران تواصل انكماشها بسبب العقوبات الأميركية

التجارة الألمانية مع إيران تواصل انكماشها بسبب العقوبات الأميركية

تسببت العقوبات الأميركية على إيران في انكماش التجارة الألمانية مع الدولة الغنية بالنفط. فقد ذكرت وزارة الاقتصاد الألمانية رداً على استفسار من صحف مجموعة «فونكه» الألمانية الصادرة أمس الثلاثاء، أن الحكومة الألمانية تقدم ضمانات حالياً فقط لصفقات واستثمارات للشركات الألمانية في إيران بقيمة نحو 280 مليون يورو.
ويعدّ هذا تراجعاً كبيراً، حيث كانت الضمانات التي تقدمها الحكومة لصفقات الشركات في الخارج، والمعروفة باسم «ضمانات هيرمس»، تبلغ قيمتها بالنسبة للصادرات الألمانية لإيران خلال الفترة من صيف عام 2016 إلى صيف عام 2018 نحو مليار يورو، بحسب تقرير الصحيفة.
وكانت إيران تعدّ سوقاً واعدة للشركات الألمانية عقب إلغاء العقوبات الغربية المفروضة منذ سنوات طويلة على طهران، في إطار الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015، والذي يهدف إلى الحيلولة دون تصنيع إيران قنبلة نووية. وكان من المتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري السنوي بين ألمانيا وإيران إلى نحو 10 مليارات يورو.
ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني العام الماضي وفرضها عقوبات جديدة على القطاع المالي وقطاع الطاقة في إيران، دخلت إيران في أزمة اقتصادية حادة.
وبحسب تقرير «فونكه»، تراجع التبادل التجاري الإيراني في النصف الأول من هذا العام بنسبة 50 في المائة مقارنة بالفترة الزمنية نفسها من عام 2018، ليصل إلى 788 مليون يورو فقط.
ولإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، أسست ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في يناير (كانون الثاني) الماضي آلية دعم التبادل التجاري المعروفة اختصارا باسم «إينستكس»، وانضمت إليها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بلجيكا والسويد والدنمارك والنرويج وفنلندا وهولندا. وتهدف هذه الآلية إلى إتمام حركة نقل الأموال خلال التبادل التجاري مع إيران، وحماية الشركات التي تريد إجراء صفقات مع إيران من العقوبات الأميركية. إلا إن هذه الآلية لم تحقق تأثيراً ملحوظاً حتى الآن.
على صعيد آخر، حثّ اتحاد النقابات العمالية في ألمانيا الحكومة على زيادة الاستثمارات الحكومية في البلاد على نحو كبير. وقال رئيس الاتحاد، راينر هوفمان، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، نُشرت أمس: «يتعين على الدول ضمان استثمارات بالمليارات للسنوات المقبلة... 450 مليار يورو في غضون 10 أعوام، مثلما تقدر معاهد اقتصادية رائدة، هو حجم واقعي للاستثمارات المطلوبة»، موضحاً أن عدم إدخال ديون جديدة للموازنة من أجل زيادة الاستثمارات أمر غير مناسب في الوقت الحالي.
وذكر هوفمان أن هناك حاجة ماسة لضخ استثمارات في شرايين الاقتصاد في ألمانيا، المتمثلة في الطرق والبنية التحتية الرقمية لمعالجة القصور فيها. وقال هوفمان: «لا يمكن تحقيق الاستثمارات المطلوبة خلال السنوات المقبلة فقط عبر مخصصات الموازنة الحالية... البنية التحتية المحلية وحدها بحاجة إلى استثمارات بقيمة نحو 140 مليار يورو».
وحذرت غرفة التجارة والصناعة الألمانية الحكومة الاتحادية من تغيير سياستها المالية وتخفيف القيود على الاستدانة. وقال رئيس الغرفة، إريك شفايتسر، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية نُشرت أمس: «ديون اليوم هي زيادات ضريبية في الغد... ولأن الشركات كثيراً ما تقارن المعدلات الضريبية واستقرارها على المستوى الدولي، فإن موضوع الدين العام يعدّ أمراً حساساً بالنسبة لها. إنفاق الأموال لا ينبغي أن يكون على حساب أجيال الشركات المقبلة، مما يعني أن تخفيف قيود الاستدانة لن يكون إشارة جيدة للمنافسة الدولية على مقر الاستثمارات».
يُذكر أن القيادة الجديدة للحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، تطالب بزيادة كبيرة في الاستثمارات وتشكك في سياسة الحد من الاستدانة المنصوص عليها في الدستور.
وقال شفايتسر: «الدولة تنتظر هذا العام فائضاً في الميزانية العامة على المستوى الاتحادي والولايات والمحليات بقيمة نحو 40 مليار يورو، أي إن الأموال الضريبية اللازمة لاستثمارات إضافية متوفرة. لو كانت الدولة تضع نصف الإيرادات الضريبية في صندوق للاستثمارات على مدار الأعوام الخمسة الماضية، لكان بالصندوق الآن أكثر من 230 مليار يورو».
وذكر شفايتسر أن المشكلة الكبرى التي تواجه توسيع البنية التحتية في ألمانيا تتمثل حالياً في بطء إجراءات منح التصاريح ونقص الإمكانات في السلطات وفي قطاع البناء أيضاً.
كما أكد شفايتسر مطالب بتخفيف الأعباء الضريبية عن الشركات، وقال: «الحكومة الألمانية ألغت ضرائب دعم دمج الولايات الشرقية على 90 في المائة من دافعي الضرائب، لكن ليس بالنسبة للشركات. فالشركات تمثل 60 في المائة من إجمالي العشرة في المائة المتبقية من دافعي ضرائب الاندماج. في الوقت نفسه نحتل مرتبة مرتفعة في الأعباء الضريبية المفروضة على الشركات بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. هذا يعني أن منافسينا يقدمون معدلات ضريبية أقل منا»، مشيراً إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بالنسبة للشركات في ألمانيا مقارنة بدول أخرى، بالإضافة إلى اضطرار الشركات إلى الاستثمار في حماية المناخ والتحول الرقمي.



الهند تخفض تقديرات واردات الذهب بـ5 مليارات دولار في نوفمبر

عرض قلادة ذهبية في صالة للمجوهرات بمناسبة «أكشايا تريتيا» في كولكاتا - الهند (رويترز)
عرض قلادة ذهبية في صالة للمجوهرات بمناسبة «أكشايا تريتيا» في كولكاتا - الهند (رويترز)
TT

الهند تخفض تقديرات واردات الذهب بـ5 مليارات دولار في نوفمبر

عرض قلادة ذهبية في صالة للمجوهرات بمناسبة «أكشايا تريتيا» في كولكاتا - الهند (رويترز)
عرض قلادة ذهبية في صالة للمجوهرات بمناسبة «أكشايا تريتيا» في كولكاتا - الهند (رويترز)

أظهرت بيانات حكومية، الأربعاء، أن الهند قد خفضت تقديراتها لواردات الذهب في نوفمبر (تشرين الثاني) بشكل غير مسبوق بمقدار خمسة مليارات دولار، وهو أكبر تعديل على الإطلاق لأي سلعة، وذلك بعد أخطاء في الحسابات الأولية التي أدت إلى تضخيم الرقم إلى مستوى قياسي.

وفي الشهر الماضي، أعلنت نيودلهي أن وارداتها من الذهب قد بلغت مستوى قياسياً مرتفعاً قدره 14.8 مليار دولار في نوفمبر، وهو أكثر من ضعف الرقم المسجل في أكتوبر (تشرين الأول)، والذي بلغ 7.13 مليار دولار. وقد أسهم هذا الارتفاع في توسيع عجز التجارة السلعية للبلاد إلى مستوى قياسي بلغ 37.84 مليار دولار في نوفمبر، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى 23.9 مليار دولار، مما أثار قلق الأسواق المالية، وفق «رويترز».

وأظهرت البيانات التي جمعتها المديرية العامة للاستخبارات التجارية والإحصاءات أن واردات الهند من الذهب في نوفمبر، قد بلغت 9.84 مليار دولار، مقارنة بتقدير أولي بلغ 14.8 مليار دولار تم نشره الشهر الماضي.

وقال مسؤول حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له بالإدلاء بتصريحات علنية، إن هذا التعديل النزولي لواردات الذهب بمقدار خمسة مليارات دولار من شأنه أن يقلل العجز التجاري بمقدار مماثل.

وتعدّ الهند ثاني أكبر مستهلك للذهب في العالم، وتعتمد بشكل كبير على الواردات لتلبية معظم الطلب، والذي عادة ما يرتفع خلال موسم المهرجانات والأعراس في الربع الأول من ديسمبر (كانون الأول).

وعلى الرغم من التعديل الذي طرأ على أرقام نوفمبر، فقد أنفقت الهند مبلغاً قياسياً قدره 47 مليار دولار على واردات الذهب في أول 11 شهراً من عام 2024، متجاوزة 42.6 مليار دولار تم إنفاقها خلال عام 2023 بالكامل، حيث شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً كبيراً إلى مستويات قياسية، وفقاً للبيانات.

وبحسب مجلس الذهب العالمي، سجل الذهب أداءً أفضل من الأسهم بالنسبة للمستثمرين الهنود في عام 2024، مما أسهم في زيادة الطلب على العملات المعدنية والسبائك.

وتستورد الهند الذهب من دول مثل الدول الأفريقية، وبيرو، وسويسرا، والإمارات العربية المتحدة.

وقد شهدت واردات الذهب ارتفاعاً حاداً بعد أن قامت الهند في يوليو (تموز) بخفض الرسوم الجمركية على استيراد الذهب من 15 في المائة إلى 6 في المائة.

وقال تاجر في مومباي من أحد بنوك استيراد الذهب، إن الزيادة الكبيرة في واردات نوفمبر قد أثارت مخاوف في صناعة السبائك من احتمال زيادة الرسوم الجمركية على الواردات للحد من الاستهلاك، إلا أن البيانات المعدلة لا تشير إلى أي زيادة غير عادية في الطلب.